اضاءة: تدريب القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص يعزز تنفيذ خطط التعمين

مؤشر الخميس ٣١/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٠٧ ص
اضاءة:
تدريب القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص يعزز تنفيذ خطط التعمين

مسقط - ش

بالعودة إلى العشرات من خطب وكلمات جلالة السلطان المعظم خلال عقود النهضة العمانية المباركة وفي مختلف المناسبات، لتؤكد أن جلالته أولى القطاع الخاص اهتماما كبيرا ومباركة، وأثنى على ما قدمه من خدمات في تنمية الاقتصاد الوطني ولنستشهد بقول جلالته "لقد استوعبت المشروعات العمرانية والاقتصادية والتجارية في مختلف أرجاء السلطنة خلال المرحلة الماضية العديد من الأيدي العاملة الوطنية، وأثبت القطاع الخاص تعاونه في تحمّل المسؤولية حيث اضطلع بدور ملموس بالتعاون مع الحكومة في دعم جهود التنمية المستدامة، ونحن نتطلع إلى دور أكبر يقوم به في المستقبل خاصة في مضمار تنمية الموارد البشرية" (قابوس بن سعيد 31 أكتوبر 2011م).
فالقطاع الخاص العماني نشأ ونما وما صار له من خير بفضل رعاية الدولة في ما شُرّع من قوانين مساندة ليعمل ويتطور وفق فلسفة نظم السوق والحرية الاقتصادية، وسيرا على هذا النهج أتاحت القوانين والتشريعات الحكومية تكوين مصالح وشركات بمختلف أشكالها القانونية، عائلية ومساهمة. وحسب الكتاب الإحصائي السنوي لسنة 2011، فإن "إجمالي عدد مؤسسات القطاع الخاص المسجلة في السجل التجاري حسب فئة رأس المال بلغ 239 ألفا و759 مؤسسة، وإن هناك فقط 227 مؤسسة مسجلة برأس مال 5 ملايين ريال عماني فأكثر»، وتقديرا فإن ملكية هذه الشركات متداخلة ومعظمها عائلية، وتعتمد على القوى العاملة الوافدة في أدائها.
وحسب الإحصاءات المعلنة للمديرية العامة للتخطيط والتطوير بوزارة القوى العاملة فإن جملة القوى العاملة الوافدة في منشآت ومصالح القطاع الخاص بلغ مليونا و812 ألفا و921 عاملا حتى نهاية فبراير 2016م. أما جملة القوى العاملة الوطنية في منشآت ومصالح القطاع الخاص فبلغ 223 ألفا و620 عاملا. أي أن نسبة الوطنية إلى الوافدة فقط 12%، وإن استثنينا تلك المهن التي تندر أن يعمل فيها قوى عاملة وطنية، مثل عمال البناء والإنشاءات وعمال المنازل وعمال المزارع وعمال التعدين والمحاجر، وأن جملة العاملين في تلك المهن يتجاوز عددهم 800 ألف عامل من الذكور والإناث. فإن هناك أكثر من 600 ألف عامل وافد في منشآت القطاع الخاص في تلك الوظائف والمهن التي يمكن أن تشغلها قوى عاملة وطنية، وأن نسبة القوى العاملة الوطنية إلى الوافدة 25% فقط، وذلك بعد عقدين من تنفيذ خطط وبرامج التعمين.
نستنتج من هذا الواقع أن منشآت القطاع الخاص وبمختلف أنشطتها التجارية والمالية والصناعية والخدمية، كغيرها من مثيلاتها في دول العالم، هدفها هو الربح ومضاعفته وإنها تعمل وفق القانونين التي وضعتها السلطة التشريعية في السلطنة والتي تضمن لها مزاولة عملها وتطورها، وما كان سيتحقق لها النجاح والتطوّر من غير استقدام القوى العاملة الوافدة لعدم توفر العدد الكافي من القوى العاملة الوطنية لشغل المهن والوظائف الأجور والإنتاجية والخبرة والتأهيل، فهل أن تلك الاعتبارات غير متوفرة في القوى العاملة الوطنية.
وخلال الأعوام 2011 ـــ 2015 فرض تحدي تشغيل الباحثين عن عمل نفسه على مجريات الأحداث فتعاملت معه وزارة القوى العاملة، بما أتيح لها من صلاحيات، بكفاءة منفذة التوجيهات السامية متابعة تنفيذ ما اتخذه مجلس الوزراء من قرارات بشأن تشغيل الباحثين عن عمل، مواصلة العمل والتنسيق مع كل مؤسسة حكومية وخاصة معنية بتوفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية، فضلا عن تواصل تنفيذها برامج التدريب المقرون بالتشغيل في مختلف المهن الذي استفاد منه أكثر من 45 ألف مواطن. ومع ذلك فإن تحدي وجود أعداد متزايدة من القوى العاملة الوطنية في وضع باحثين عن عمل لا يزال قائما.
نستنتج مما تقدم أن القطاع الخاص (منشآت عائلية وشركات ومصالح مختلفة) إنما تشغيل القوى العاملة الوافدة لتلك الأسباب المذكورة التي تعاظم أرباحها، وأن تقلص عدد القوى العاملة الوطنية في منشآتها لتلك الأسباب المتداولة المعروفة.
وهنا يمكن طرح السؤال التالي: هل أن أنشطة وفعاليات الاقتصاد في القطاع الخاص يمكن أن توفر فرص عمل وتدرّب وتُشَغل الباحثين عن عمل من القوى العاملة الوطنية وفق آلية تنفّذ سنويا؟.
للإجابة على هذا السؤال يجب التذكير بأن التشغيل أو فرصة العمل في المهنة أو الوظيفة تعني أن من يُعيّن فيها يجب أن يكون مواظبا منتجا.
كما يمكن القول ان وجود أعداد متزايدة من الباحثين عن عمل إلى جانب تنامي أعداد المستقدمين من القوى العاملة الوافدة يؤكد أن مسار التعمين والإحلال يحتاج إلى المراجعة. كما أن تنامي أعداد المستقدمين من القوى العاملة الوافدة لصالح القطاع الخاص لا يعني بالضرورة أن يكون من العوامل التي تعزز تنمية الاقتصاد الوطني. فعمل فرق التفتيش التابعة للمديرية العامة للرعاية العمالية (وزارة القوى العاملة) في عملها على مدار الساعة وضبط المئات من العمال الوافدين في حالات مخالفة لقانون العمل العماني تؤكد عدم تطبيق مستقدميهم لأحكام القانون.
في القطاع الحكومي مؤسسات تعمل وفق صلاحيات حددتها المراسيم السلطانية السامية في عملها وفي أدائها للخدمات التي تقدمها كل حسب اختصاصها. أما منشآت وشركات ومصالح القطاع الخاص، وإن كانت مرجعيتها لغرفة تجارة وصناعة عمان إلا أن كل منها يعمل باستقلالية فيما تتخذه من قرارات في أدائها وفي العمل الذي تمارسه في إطار القانون. أي لا يمكن فرض أي إجراء على منشآت وشركات ومصالح القطاع الخاص يتعارض مع سياستها في التصنيع أو التجارة أو تقديم الخدمة أو مزاولة أي نشاط ما دامت تعمل في ضوء أحكام القوانين، من هذا المنطلق فإن القطاع الخاص دأب على تشغيل القوى العاملة الوافدة التي تحقق له النمو والمزيد من الربح. فما العمل في إنجاز التشغيل الكامل للقوى العاملة الوطنية؟.