معرض وثائقي حول العمارة الإسلامية في عُمان والمغرب

مزاج الاثنين ٠٧/أكتوبر/٢٠١٩ ١٣:٥٤ م
معرض وثائقي حول العمارة الإسلامية في عُمان والمغرب

مسقط - الشبيبة

يواصل المعرض الوثائقي «العمارة الإسلامية في سلطنة عُمان والمملكة المغربية: الترميم والأرشيف»، الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومؤسسة أرشيف المغرب بالتعاون مع سفارة السلطنة في الرباط، استقبال زواره وسط إقبال كبير واشادة واسعة من قبل زواره في قاعة أرشيف المغرب بالعاصمة المغربية الرباط، يقدم المعرض الذي افتتح في الأول من أكتوبر الجاري، تحت رعاية وزير الثقافة والاتصال المغربي معالي محمد الأعرج، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة ومضات تاريخية من عمليات الفن المعماري الإسلامي في الترميم والأرشيف، وذلك من خلال عرض مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والمخطوطات القيمة وعمليات الترميم التي تبين جزءا من التاريخ العريق الذي تزخر به سلطنة عمان والمملكة المغربية الشقيقة. حيث يعكس المعرض الجهود المبذولة التي قدمها الشعب العماني والمغربي، للحفاظ على تاريخهم المشرف بالتضحيات الغالية التي قدموها دفاعاً عن الوطن، والمساهمة في تطوير المجتمع المحلي.

وحرصت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من خلال أركان المعرض إلى تعريف مختلف الزائرين بالتاريخ والإرث الحضاري العريق الذي تزخر به السلطنة، إضافة إلى تجذير أواصر الحاضر مع ربطها بالماضي وتعريف العالم بجهود السلطنة في الحفظ على تاريخها التليد عبر عرض مجموعة من الصور والأنفوجرافيك للقلاع والحصون والأسوار ومحارب المساجد والأفلاج والبيوت الأثرية وزخارف ونقوش الأبواب العمانية وغيرها من الوثائق والمخطوطات التي توضح بناء التحصينات واحتياجاتها وآلية العمل فيها.

وتجسد قلعة نزوى إحدى زوايا المعرض المتخصص، حيث تعتبر هذه القلعة من أهم المعالم التاريخية لمدينة نزوى، بناها الإمام سلطان بن سيف اليعربي خلال فترة حكمه: (1059-1090 هـ/‏‏1649-1679 م)، واستغرق بناؤها 12 عاماً، إضافة إلى قلعة الرستاق التي تقع في ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة.

تُرجّح المصادر بناء القلعة قبل الإسلام من قبل الجلندانيين. والمبنى المهيب الحالي للقلعة بُني في عهد دولة اليعاربة (1034- 1157 الهجري/‏‏ 1624-1744 الميلادي).

كما تم استعراض جامع أبي سعيد الكدمي الذي يقع في ولاية الحمراء بمحافظة الداخلية.

كما يعرض في المعرض الوثائقي هندسة الأفلاج العمانية التي تعد هي الآخر شاهد عِيان على الإبداع العُماني في الهندسة والفلك منذ ما يزيد على ألفي عام كأقدم هندسة ري بالمنطقة، وتتجلى هذه العبقرية في طرق حفر وبناء الأفلاج التي تصل أعماقها إلى عشرات الأمتار للحصول على المياه الجوفية من باطن الأرض عن طريق القنوات، مما يُعد إعجازاً هندسياً في وقت لم تتوفر فيه الآلات الميكانيكية، وهي منظومة اجتماعية واقتصادية قام عليها المُجتمع وشكَّلت موروثاً ثقافياً مهماً للإنسان العُماني، حيث يصل عدد الأفلاج في عُمان إلى أكثر من أربعة آلاف فلج تتوزع على ولايات السلطنة، وشهدت معظم الأفلاج ترميماً وصيانةً للحفاظ عليها كإرث حضاري إنساني، وفي يوليو 2006م تم إدراج خمسة أفلاج عُمانية في قائمة التراث العالمي لليونسكو تعبيراً عن المكانة الدولية لهذا النظام المائي الفريد، وهي: فلج دارس الذي يقع في ولاية نزوى بمحافظة الداخلية، وفلج الخطمين الذي يقع في نيابة بركة الموز بولاية نزوى بمحافظة الداخلية، وفلج الملكية الذي يقع في ولاية الداخلية بمحافظة الداخلية، وفلج المُيسَّر يقع في ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، وفلج الجيلة الذي يقع في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية.

ويعرض في المعرض صور توضح جمالية الأبواب العُمانية الخشبية المنقوشة في زنجبار، حيث تميزت الأبواب العُمانية بنقوشها المميزة، وبالزخرفة الهندسية المتقنة، وتتنوع النقوش الخشبية التي خلدتها الأبواب والنوافذ بين الشكل الهندسي المتقن أو الرسوم المستمدة من الطبيعة النباتية: الزهور والشتلات وأوراق الشجر، هذا عدا آيات القرآن الكريم، وهو يعبر عن مهارة الصانع العُماني وإبداعه.
ويحكي المعرض الوثائقي جانب من ما تميَّزت البيوت العُمانية القديمة من إبداع هندسي ونقوش وزخارف على الجدران والأسوار والأبواب والنوافذ، وبها فتحات سرية ومداخل متعددة، ومن أشهر البيوت الأثرية العُمانية بيت المقحم: يُعد أكبر بيت أثريّ في حارة الفلج بولاية بوشر، يطلق عليه اسم: «البيت الكبير». إلى جانب مجموعة من الوثائق من بينها وثائق تستعرض آلية الاعتماد على النجوم في تحديد آثار (حصص) توزيع مياه الأفلاج لسقي المزارع، وأخرى توضح آلية أستخدام القلاع والحصون والأسوار وأهميتها في الجوانب التحصينية والدفاعية.

وحول انطباعه عن المعرض قال رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط محمد غاشي: يُجَسِّدُ العُمْرَانُ أَهَمِّيَةً بَالِغَةً في الحَضَارَةِ الإِنْسَانِيَةِ بِمَا يُؤَدِّيهِ من أَدْوَارٍ اجتماعيةٍ واقتصادية، وَيَنْهَضُ بِهِ من وَظَائِفَ فَنِّيَةٍ وجَمَالِيَةَ تَعْكِسُ، هُوِيَةِ الإِنْسَانِ الحَضَارِيَة، وقِيَمَهُ الثَقَافِيَة والاجتماعية والبِيئِيَة والفَنِّيَة ...

َهُوَ الأَسَاسُ لِبِنَاءِ الحَاضِر، واسْتِشْرَافِ المُسْتَقْبَل، لِذَا تَسْعَى الأُمَمُ المُتَحَضِّرَةُ دَوْمًا إلى إِنْشَاءِ المَبَانِي التَّارِيخِيَةِ الدَّالَّةِ على عُمْقِ تَمَدُّنِهَا، وَأَصَالَةِ حَضَارَتِهَا، مع تَوْفِيرِ الأَرْشِيفِ الذي يُوَثِّقُ لَهَا، وَيُنْعِشُ ذَاكِرَتَهَا، وَيَرْبِطُ مَاضِيهَا بِحَاضِرِهَا.
وَيُعْتَبَرُ العُمْرَانُ الإِسْلَامِي أَحَدَ أَهَمِّ المَظَاهِرِ الحَضَارِيَةِ التِّي بَصَمَت التاريخ الإسلامي، وأَثَّرَتْ بِشَكْلٍ فَعَّالٍ عَلَى مَسَارِ الرُّقِيِّ الإِنْسَانِي بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ من طَابَعٍ جَمَالِي، وَتَصَوُّرٍ فَنِّي، وَسُمُوٍّ تِقْنِي، وَتَنَوُّعٍ تَكْوِينِي.

وأضاف الغاشي: يُجَسِّدُ النَّسِيجُ العُمْرَانِي بِالمملكةِ المغربية وسَلْطَنَةِ عُمَان نَمَاذِجَ فَرِيدَةً في المَنْظُومَةِ العُمْرَانِيَةِ على المستوى الإسلامي والعالمي، فَالمُدُنُ الإسلامية بِالبَلَدَيْنِ الشَّقِيقَيْن تَزْخَرُ بِمُكَوِّنَاتِ العُمْرَانِ الدِّينِي والمَدَنِي والعَسْكَرِي كَالمَسَاجِد، والكَتَاتِيبِ القُرْآنِيَة، والأَضْرِحَةِ والزَّوَايَا، والمَنَازِلِ والقُصُورِ، والفَنَادِق، والقَنَاطِر، والمَدَارِس، والحَمَّامَات، والقِسَارِيَات، والسَّقَّايَات، والدَّكَاكِين، القِلَاع، والحُصُون، والقَصَبَاتِ والأَبْرَاجِ والأَسْوَارِ والأَبْوَاب، وَمِنْ أجلِ المُحافَظَةِ على هذا الإِرْثِ الحَضاري بِالصِّيَانَةِ والتَّرْمِيمِ والتَّوْثِيقِ التَّارِيخِي والفَنِّي والوَظِيفِي يَتَحَتَّمُ عَلَيْنَا أَنْ نُولِي عِنَايَةً فَائِقَةً لِلْأَرْشِيف؛ لِمَا لَهُ من أَهَمِّيَةٍ بَالِغَةٍ في حِفْظِ الذَّاكِرَةِ الجَمَاعِيَة، وَصِيَانَةِ المَوْرُوثِ الثَّقَافِي والحَضَارِي المُتَعَلِّقِ بِهَا، فَنَسْعَى معا إلى تَحْقِيقِ تَرَاكُمٍ كَمِّيٍّ ونَوْعِيٍّ يُرَاعِي الجَمْعَ والتَّصْنِيف، والدِّرَاسَةَ والنَّشْرَ في إطارٍ مِنَ التَّكَامُلِ المَعْرِفِي، والتَّنْسِيقِ المِهَنِي.