الجامعات والكليات في السلطنة مازالت تعتمد بشكل كبير على المنح الحكومية التي توفرها وزارة التعليم العالي وبعض الدراسات العليا من الجهات أو الأفراد، وتتناسي أهمية التسويق وجذب طلبة من دول العالم مثلما تفعل الكثير من الجامعات والكليات في العالم، لما لهذا التوجه من أهمية كبيرة ليس كمردود مادي على الكليات والجامعات فحسب وإن كان ذلك أحد الأسباب ولكن أيضا لفتح آفاق أوسع عبر تعدد الجنسيات في جامعاتنا وما يعنيه ذلك من تبادل الثقافات والتجارب بين الدول وتعزيز مفهوم سياحة التعليم في السلطنة الأمر الذي يتطلب من مؤسسات التعليم الخاص الإنطلاق للخارج لجذب الطلبة والطالبات وتقديم عروض دراسية وتفعيل المشاركات في معارض التعليم العالي في الخارج وغيرها من الوسائل، فهذه الجامعات وتلك الكليات وجدت لكي تتطور وتنهض إعتمادا على نفسها وليس على الحكومة هكذا وإلى الأبد.
بلاشك أن تنوع جنسيات الطلاب في الجامعات والكليات هو غاية أي مؤسسة تعليمية عالية، بل أن هذه النقطة بالغة الأهمية في إطار التقييم الدولي لمؤسسات التعليم العالي ومؤشر حاسم على كفاءة التعليم وقدرته على إستقطاب الطلبة والطالبات من خارج الحدود.
فاليوم كلياتنا وجامعاتنا (نايمه في العسل) معتمدة كليا على المنح الحكومية فقط وعلى الدارسين على نفقتهم الخاصة، ولا يشكل التسويق الخارجي أي إهتمام لها إذ ترى بأن المنح والتسويق الداخلي كاف لها، متناسية حقيقة أنها تدمر نفسها بنفسها على المدى المتوسط والبعيد وانها ستبقى حبيسة نطاقها الجغرافي الضيق وبالتالي لن تصل يوما لآفاق العالمية أو أن يكون لها ذكر في التصنيفات الدولية، وستفاجأ ذات يوم عندما تجد بأن المنح الحكومية تتراجع عندها لن يكون بمقدورها إنقاذ نفسها.
عندما نلقى نظرة موضوعية على الجامعات في الخارج نجدها تعج بالجنسيات الأجنبية من كافة دول العالم يشدون الرحال إليها ويبذلون الأموال رخيصة لينهلوا العلم فيها بعد أن بلغ صيتها عنان السماء، فالجامعات البريطانية على سبيل المثال مكتظة بالطلبة الأجانب فإرتفعت على أثر ذلك تعرفة الإيجارات وإنتعشت على ضؤ ذلك قطاعات إقتصادية عديدة وكله وجميعه ريع يعود لصالح الاقتصاد البريطاني من ناحية عامة.
لا ينبغي علينا أن نندهش عندما نجد بأن جامعة بريطانية تعلن بفخر بأن لديها طلبة من 150 دولة حول العالم، في حين أن جامعاتنا لديها طلبة من جنسية واحدة فقط، أو في أكثر تقدير بضع جنسيات لا ترقى لمستوى الإعلان عنها بفخر، وبالتالي فإن ثمة مفاهيم جديدة ينبغي على جامعاتنا النظر إليها بجدية، وأن تسعى لصنع علامات تجارية عالمية وأقليمية لها وقبل فوات الأوان.
إن السياحة التعليمية لها من المكاسب ما ليس لغيرها من أنواع السياحة فهي على الأقل تكفل بقاء الطلبة ما لايقل عن 4 سنوات لنيل البكالوريوس أو عامين للماجستير، أو أربع سنوات للدكتوراة، وكذلك دراسة اللغات، وبقاء الطلبة في الدولة لهذه السنوات يعني إنتعاش كل القطاعات الخدمية والإقتصادية كما أشرنا، وهذا ما يحتاجه السوق العُماني بالتأكيد، والأمر ومن خلال أهميته يحتاج منا لحملات تسويقية خارجية فاعلة وجدية، إذ نحمد الله بأن المناخ السياسي والإجتماعي في السلطنة مؤهل تماما لتحقيق هذه الأهداف، فضلا عن أن المستوى الأكاديمي لجامعاتنا وكلياتنا عالي ومشاد به إقليميا.
هناك بعض الكليات لديها طلبة من دول العالم وتسوق دراساتها وتخصصاتها خاصة في مجالات الإطفاء والهندسة والبيئة، ولكن الغالبية منها لا تزال بعيدة تماما عن هذا الحقل.
نأمل أن تبدأ جامعاتنا وكلياتنا خطواتها العملية وأن تطرح خططها الآنية والمستقبلية لتفعيل السياحة التعليمية، وأن تقدم رؤاها في كيفية جذب الطلبة الأجانب لتحقيق كل الأهداف التي أكدناها والتي يحتاجها إقتصادنا الوطني.