أين كانت تسكن مُرضعة الرسول؟.. مفاجأة سعودية تنسف قرية "حليمة السعدية"!

مزاج الأربعاء ٣٠/مارس/٢٠١٦ ٢١:٥١ م

فجّرت هيئة رسمية سعودية مفاجأة غير متوقعة، بعد نفيها العلاقة التاريخية لموقع بني سعد في جنوب مدينة الطائف بحليمة السعدية (مُرضعة الرسول)، الأمر الذي فتح باب التساؤل حول مصداقية المواقع الأثرية في السعودية.
ووصف المؤرخ السعودي الخبير في تراث الجزيرة العربية "صالح الأحمدي" خبر نفي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالصادم، بعد إيضاح الهيئة العامة للسياحة عدم وجود أية دلائل علمية تشير إلى أن "حليمة السعدية" عاشت في القرية المسماة باسمها حالياً.

لا أدلة

ولفت المؤرخ السعودي في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي" إلى ضرورة التأكد من تاريخية المواقع قبل أن يتم تدشينها كمواقع أو مزارات أثرية، مضيفاً "يصعب التثبت من صحة المعلومات التاريخية في كثيراً من الأحيان، في ظل تعدد المصادر التاريخية، ولكن الاستعجال في تلك الأمور في إطلاق الأثرية لتلك المواقع دون التيقن من ذلك قد يضعف مصداقية الجهات المختصة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أوضح فيه مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الدكتور سعد الراشد أن فريقاً من برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي وأعضاء من اللجنة الاستشارية للبرنامج قاموا بزيارة علمية لتلك المواقع، بعيد نشر أخبار عن وجود بلدة وبيوت لحليمة السعدية (مرضعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)، في ديار بني سعد، على بعد 85 كم جنوبي الطائف.
وأضاف الراشد لصحيفة "عكاظ": "لم يعثر الفريق الذي وقف على الموقع على أي دلائل أثرية، يمكن الاستدلال بها على أن هذا المكان ينتمي لحليمة السعدية أو لتلك الفترة التاريخية، فلا شواهد أثرية ولا نصوص تاريخية، ولا أي دلالات أخرى يقبلها المنطق لتأييد الرواية المحلية عن أن هذا المكان ينتمي إلى حليمة السعدية، كما أنه لم يرد في أي من المصادر اسم قرية باسم حليمة السعدية، وما ورد في المصادر يشير الى أن بني سعد الذين استرضع فيهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا يعيشون في البادية".

أين كانت تسكن؟

فيما أكد الدكتور الراشد في حديثه لصحيفة "عكاظ" أن الفريق العلمي زار عدداً من مواقع التاريخ الإسلامي في عقيق عشيرة لتطبيق النصوص التاريخية على المعالم الجغرافية والأثرية، ورجح من خلال استعراض الروايات التاريخية وتحقيق المواقع على الطبيعة أن ديار بني سعد التي نشأ الرسول في باديتها تقع شمالي الطائف، وأنها تمتد من قرن المنازل (السيل الكبير) حتى أطراف العقيق (عقيق عشيرة)؛ وذلك نظراً لما أكدته العديد من المصادر التاريخية والدراسات الحديثة.
إلا أن الأحمدي يرى أن قبيلة بني سعد، التي كانت تختص برضاعة وتربية أبناء قريش، في ذلك الزمان، كانت تسكن البادية، وتعاني في ذات الوقت من الجدب الذي كان يودي بمواشي تلك القبيلة، إلا أن ذلك الجدب قد يكون لعب دوراً بأن تترك القبيلة تلك الأرض بحثاً عن أماكن أفضل لرعاية مواشيها.
وأضاف الأحمدي لـ"هافينغتون بوست عربي":‫ "من الصعب تتبع المصادر التاريخية التي تشير إلى خط السير القبيلة، وتحديد المدة الزمنية التي عاشتها حليمة السعدية، مرضعة الرسول (صلى الله وعليه وسلم)" في أوساط قبيلتها"، موضحاً في ذات الوقت أن حليمة السعدية قد دفنت في البقيع بالمدينة المنورة.
بينما يؤكد سعيد بن عرفان، الذي يعمل مرشداً سياحياً في إحدى شركات الحج والعمرة أن الجزيرة العربية تحفل بالعديد من المواقع والشواهد التاريخية، لاسيما في مكة المكرمة والمدينة، التي يقصدها الحجاج والمعتمرين لزيارة المواقع التاريخية الشاهدة على مسيرة رسول الله (صلى الله وعليه وسلم).
وأضاف بن عرفان في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي": "من النادر جداً أن تسمع بأن خطأ ما وقع في تسمية إحدى المواقع التاريخية، ومصداقية المعلومات المتعلقة بالمواقع التاريخية السعودية دفعت منظمة اليونيسكو إلى تسجيل العديد من المواقع التارخية في السعودية ضمن لائحة التراث العالمي".

بعثات دولية للتأكد من مصداقية المواقع الأثرية

توسّعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال الأعوام الأخيرة، في أعمال المسح والتنقيب الأثري ليأخذ في شكله ومضمونه منحى آخر أكثر شمولية ومنهجية ويشمل مواقع أكثر، وبحسب مسؤولي الهيئة، فإن ذلك له أهمية كبيرة في تعزيز "البعد الحضاري للسعودية" من خلال الاكتشافات التي يتم تحقيقها.
ونفذت الهيئة الكثير من البرامج البحثية والأعمال الميدانية الأثرية من خلال فرق محلية ودولية متخصصة وباستخدام أساليب علمية وفيزيائية حديثة، حيث تنفذ الهيئة برنامجاً للتنقيب والمسح الأثري في كل مناطق المملكة نتج عنه حصر وتسجيل آلاف المواقع الأثرية.
وتدير الهيئة 34 بعثة سعودية ودولية مشتركة في المواقع الأثرية، من خلال التعاون مع بعثات أثرية من: فرنسا، وإيطاليا، وأميركا، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وبلجيكا، وبولندا، وفنلندا، والنمسا.

مواقع سعودية على قائمة التراث العالمي

ويأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه تسجيل العديد من المواقع الأثرية والتراثية بالسعودية ضمن قائمة التراث العالمي في اليونيسكو، وقد بدأت عملية تسجيل المواقع السعودية في القائمة عندما صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تسجيل 3 مواقع سعودية ضمن قائمة التراث العالمي باليونيسكو، وهي: (مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية).
وقد عملت الهيئة العامة للسياحة على إعداد وتقديم الملفات الخاصة بالمواقع الثلاثة لمنظمة اليونيسكو، فتم تسجيل موقع مدائن صالح في القائمة كأول موقع سعودي يدرج بالقائمة في عام 2008، وأعقبه بعد ذلك تسجيل حي الطريف بالدرعية التاريخية عام 2010، ثم موقع جدة التاريخية الذي تم تسجيله عام 2014.
ويضيف بن عرفان: "تسجيل المواقع التاريخية السعودية ضمن لائحة التراث العالمي لليونيسكو، هو خير دليل على مصداقية السجل التاريخي لتلك المواقع، والحديث عن وقوع خطأ ما في تصنيف أي موقع تاريخي، قد يدمر مهنية الفرق البحثية التي تنقب على تلك المواقع، فعملية التصنيف المحلي تتطلب البحث والدراسة المعمقة لذلك الموقع، ولفترات ليست بالقصيرة"، على حد قوله.