مؤشرات للتهدئة بين الرياض وطهران

الحدث الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠١٦ ٠١:٤٥ ص
مؤشرات للتهدئة
بين الرياض وطهران

طهران – عواصم – – وكالات

رغم حالة الاحتقان، والتوتر الشديد الذي يسود الأزمة الدبلوماسية السعودية الإيرانية، إلا أن كلتا الدولتين، ومعهما دول الإقليم والعالم، لا يملكون الرغبة في توسع نطاق الأزمة، كي لا تنعكس بداية على أزمات أخرى دامية في سوريا والعراق واليمن، وأملاً في استقرار لإقليم مضطرب.

وبعد تصريحات وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الذي أكد أن بلاده لا تريد أن تزيد من التوتر مع السعودية، وولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان الذي قال إن بلاده لن تسمح باندلاع حرب بينها وبين طهران، جاء وزير الخارجية السوداني د. إبراهيم غندور، ليؤكد خلال لقاء جمعه بعدد من الصحفيين والسياسيين والمفكرين إلى أن الخلافات بين المملكة العربية السعودية وإيران لن تصل إلى الحرب.

محاولة تهدئة

وفي خطوة جديدة، ومحاولة إيرانية لتهدئة التوتر مع المملكة العربية السعودية، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الإيرانية، حسين علي أميري إقالة مساعد محافظ العاصمة طهران للشؤون الأمنية صفر علي براتلو، من منصبه، إثر الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد.
وتسبب الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران، إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، عقب تنفيذ الأولى حكما قضائيا بإعدام متهمين بالإرهاب بينهم نمر النمر.
ودان أميري مهاجمة السفارة والقنصلية السعوديتين، معتبراً أن الحادث كان «متوقعاً إلى حد كبير»، وكان على قوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوعه، مشيراً إلى أن وزير الداخلية أوعز بتشكيل فريق للتحقيق وكشف ملابسات الحادث، وفق ما نقلته وكالة فارس الإيرانية. وكان براتلو، قد زار الشارع الذي شهد الهجوم على السفارة السعودية والتقط عدداً من صور «سيلفي» بين رجال الأمن ووسط المتظاهرين، ونشرها على صفحته على فيسبوك، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية. وأضاف أميري أنه حسب إعلان المساعد الأمني لوزارة الداخلية اعتقل نحو 60 شخصاً في قضية مهاجمة السفارة السعودية في طهران ويجري الآن التحقيق معهم وسوف يعاقب المقصرون ويحالون إلى القضاء.
من جانبه، أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني أن هجوم عدد من الأفراد على السفارة السعودية كان عملا خاطئا بطبيعة الحال وينبغي على وزارة الداخلية الإيرانية محاسبة المكلفين بتوفير الأمن هنالك وأن مجلس الشورى سيتابع هذا الموضوع لاجتثاث جذور مثل هذه التصرفات في البلاد، وفق ما جاء في وكالة أنباء فارس الإيرانية يوم أمس الأحد.

قمة للجامعة العربية

وفي غضون ذلك، احتضنت العاصمة المصرية القاهرة يوم أمس الأحد في مقر جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا على مستوى وزراء الخارجية تلبية لطلب من السعودية لبحث الأزمة مع إيران.
ويأتي الاجتماع يوما واحدا بعد اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي، أكدت فيه الدول الأعضاء دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها السعودية في مواجهة ما وصفه «بالاعتداءات الإرهابية» على بعثاتها الدبلوماسية في إيران.
وقد شهدت العديد من العواصم العربية والدولية مظاهرات غاضبة رافضة للحكم، بلغت أوجها في إيران، حيث أقدم متظاهرون على اقتحام مقر سفارة الرياض وقنصليتها في طهران ومشهد وأوقدوا النار فيها.
وقد ردت الرياض على ذلك بقطع العلاقات الدبلوماسية ثم التجارية مع إيران تبعتها في ذلك دول عربية كالسودان والبحرين والصومال وجيبوتي، كما خفضت دول عربية أخرى تمثيلياتها في طهران. وقد حصل إجماع دولي على إدانة العدوان، كما عرضت روسيا وتركيا والعراق وساطتها لتهدئة التوتر بين الرياض وطهران.

فشل سياسات أوباما

وعلى صعيد متصل، اعتبر موقع» ميدل إيست بريفينج»، أن الأزمة بين إيران والمملكة العربية السعودية، والتصعيد بينهما بعد إعدام النمر، تذكير بأن الأزمة الإقليمية تتحول في الواقع إلى تهديد رئيسي للأمن العام العالمي، فضلا عن أنها شهادة أخرى على فشل السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وتابع الموقع في سياق تقريره المنشور أمس، إن هذا الفشل يضر بالوضع الإقليمي للولايات المتحدة ويضر مصالحها، وعلاقتها مع اللاعبين الإقليميين، فضلا عن أنه يضر بالمنطقة نفسها، إن الأمر أصبح قضية أمن عالمي.
واتهم الموقع السياسة الخارجية للولايات المتحدة بالوقوع في التبسيط والسطحية، مشيرا إلى أن وظيفة السياسة الخارجية هي دراسة مشاكل العالم والتنقل بينها والنظر في تأثيرها الحقيقي ودراسة القوى المتعددة التي تشكل طبيعة أية أزمة كبيرة ورسم وسيلة للتعامل معها بطريقة النظر في الحقائق.
وانتقد «ميدل إيست بريفينج» سياسة أوباما في عدة دول في المنطقة كمصر، والعراق وسوريا وأخيرا فشله في احتواء الحرب التي تتفجر بين العرب وبين إيران.
وتابع، إننا نرى الآن الأزمة في الشرق الأوسط تدخل مرحلة جديدة، إنها تتطور إلى درجة أعلى من التعقيد، ونحن نرى بأعيننا أن الأزمة الإقليمية تخطو مرحلة أكثر خطورة.
وأضاف، يمكننا انتقاد المملكة العربية السعودية كيفما نريد، ولكن ما هو السبيل للخروج من هذه الحفرة، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي تغاضى عن بعض التصرفات الصادرة من إيران كاختبارات جيل جديد من الصواريخ، رغبة منه في فتح طريق جديد للعلاقات مع إيران.
ولكن- والكلام للموقع- لماذا يجب أن يحدث ذلك على حساب العرب في العراق وسوريا واليمن ولبنان؟ لماذا يجب أن يحدث ذلك على حساب موقف الولايات المتحدة بالمنطقة، والاستقرار في المنطقة وعلاقة أمريكا بحلفائها؟.

فرصة ذهبية لإسرائل

إلى ذلك، صرح عضو الكنيست عن حزب «هناك مستقبل»، النائب يعقوب بيري، أن هناك فرصة ذهبية متاحة أمام إسرائيل في الآونة الأخيرة لإطلاق مبادرة سياسية للاستفادة من الأزمة بين السعودية وإيران. وحسب ما وكالة «قدس» الإخبارية، فقد قال بيري خلال ندوة ثقافية عقدت بمدينة بئر السبع، إن إسرائيل تجمعها مصالح مشتركة مع جيرانها تتعلق بالملف الإيراني والتطرف.
وأضاف بيري: « الدولة مسؤولة عن مظاهر التطرف الديني في صفوف السكان البدو»، مشيرا إلى أن «هناك تيارات خطرة داخل المجتمع العربي في إسرائيل». وصرح عضو الكنيست عن حزب «هناك مستقبل»، النائب يعقوب بيري، أن هناك فرصة ذهبية متاحة أمام إسرائيل في الآونة الأخيرة لإطلاق مبادرة سياسية للاستفادة من الأزمة بين السعودية وإيران.