تنظيم الانتخابات في البلاد يعد أحد الجوانب التي تحتاج إلى لجنة مستقلة لتنظيم إدارة انتخابات الشورى والبلدي وانتخابات الأندية والجمعيات وأندية الجاليات والنقابات والاتحادات الرياضية والعمال وغيرها عبر هيئة تعرف بالهيئة أو اللجنة العليا للانتخابات بحيث تكون مرجعية مستقلة بشكل يضفي قيمة عالية لإدارتها ويعطي زخما قويا لاستقلاليتها وحيادها، فضلا عن قدرتها على تحجيم أو تلجيم الممارسات الخاطئة في بعض الانتخابات التي تدار من قبل جهات متعددة لا تملك الخبرة أو الدراية في هذا المجال.
إن توحيد الجهات التي تنظم الانتخابات في البلاد عبر مؤسسة متخصصة ومعنية بها فقط كما هو الحال في العديد من الدول بات الآن أمرا ملحا، فاليوم هناك أكثر من جهة تنظم الانتخابات وعلى رأسها وزارة الداخلية التي تضطلع بانتخابات مجلس الشورى والبلدي كل أربع سنوات، ووزارة الشؤون الرياضية تنظم انتخابات الأندية البالغة أكثر من 40 ناديا، ووزارة التنمية الاجتماعية تنظم انتخابات الجمعيات المهنية والتطوعية والخيرية وأندية الجاليات وغيرها، أي ما يزيد عن 100 جمعية مختلفة في التوجهات والأهداف ونقابات العمال والاتحادات الرياضية كلها تجري انتخابات وتشرف عليها جهات ليست متخصصة.
إن وجود لجنة عليا للانتخابات في البلاد سوف يضفي بعدا جديدا لمنظومة إدارتها، فتعدد الجهات من شأنه أن يرسم صورة غير إيجابية عنها لتبرز الممارسات الخاطئة كأمر طبيعي لتشابك وتعارض الجهات المنظمة وعدم الركون إلى ميثاق أو قانون واحد متعارف ومتفق عليه من الجميع.
كما أن المحصلة النهائية لهذا التشابك هو عدم إفراز خبرات يعتد بها بعد أن نهلت من معين واحد متعارف عليه وذلك يصب في خانة ترسيخ هذه التجارب واشتداد عودها مع توالي السنين وصولا للصيغة المتكاملة في نهاية المطاف.
إن إيجاد مؤسسة بالدولة لإدارة الانتخابات من شأنه أن يعزز الثقة في عدم التدخل الحكومي في الانتخابات ويبعد الشكوك والظنون التي تنتاب البعض حول الأمر، فهذه البديهيات يجب أن نمضي فيها تنفيذا وتأكيدا ميدانيا دون تأخير أو تأجيل، ولا تحتاج أكثر من تجميع كل الدوائر المشرفة على الانتخابات وتنظيمها بشكل أفضل يعزز من القيمة المضافة لها، وحتى تكتمل الصورة في هذه التجارب الوطنية الإيجابية التي ترسم صورة ناصعة عن الممارسة الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار السياسي.
هناك العديد من التجارب في إدارة الانتخابات سواء في الأندية أو الجمعيات أو الاتحادات تجد اعتراضات نتيجة لضعف الخبرات التي تديرها والممارسات الخاطئة التي تكتنف بعضها تدفع البعض لعدم الثقة في الجهات المنظمة لها وهذه نقطة يمكننا تفهمها بطبيعة الحال على ضوء ما أشرنا إليه سابقًا.
بالطبع هناك لجنة عليا للانتخابات غير أن عملها يقتصر فقط على تلقي الطعون والاعتراضات، وهي لجنة مؤقتة لعدة أشهر وينتهي عملها بانتهاء انتخابات الشورى، ولا تتدخل في إدارة العملية الانتخابية، وهي بهذا الوصف لا ترقى طموحا لتكون لجنة دائمة للانتخابات لتغدو علامة بارزة ويشار إليها باعتبارها مرجعية نهائية في هذا المجال.
نأمل أن تجتمع كل الجهات المعنية بالانتخابات في البلاد تحت مظلة واحدة تسمى)اللجنة العليا للانتخابات) تعمل على تطوير إدارتها، وتدرس تجارب دول العالم وتستنبط منها ما يناسبها وبما يعزز هذه التجربة وتقديمها بأفضل ما يكون وكمنتج عُماني يُعتد به.