علي المطاعني
تشهد الأوساط المحلية حراكا مجتمعيا كبيرا في إطار الزخم المتصاعد صيته بشأن التنافس المحتدم بين المترشحين في سباق مع الزمن لنيل عضوية مجلس الشورى، هو زخم وتنافس شريف بنهكة عُمانية صرفة بعيدة عن ضجيج الحملات الإنتخابية في نمطها التقليدي والمعروف إقليميا وعالميا، ذاك الذي يدغدغ المشاعر وتطلق فيه الوعود الرنانة المكتنزة بالأكاذيب على أصداء الموسيقى الصاخبة.
التنافس الشوري العُماني يستند على الثوابت والقيم الأخلاقية الأصيلة للمجتمع والمتناسقة مع تطور المجتمع بعد أن صقلته النهضة العُمانية وشرب من ينابيع الحكمة التي أرسى دعائمها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - على ذلك فإن الحملات الانتخابية المؤطرة بكل هذا العبق تقدم الأفراد وبرامجهم الإنتخابية بشكل متزن بعيدا عن الشطط والغلو والذي يصور الأشياء بغير ماهي عليه، إنه نهج يواكب تطور المجتمع في إطار بناء ثقافة إنتخابية عُمانية لا نظير لها وغير مستورة أو مستلهمة من خارج الحدود، وتعكس بنحو جلي منطلقات المشاركة السياسية في صنع القرار في البلاد بدون شطط أو خروج عن المألوف في إدراة الحملات الانتخابية.
إنها تزاوج بين التقليدية والمباشرة في دعوة الناخبين ولا تجد حرجا في إستخدام التقنيات الحديثة عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتسخيرها لإيصال وجهات نظرهم وبرامجهم لأكبر عدد ممكن من الناخبين، إذن فإن قمة ماوصلت إليه تكنولوجيا التواصل سخرت بإيجابية في هذه الانتخابات وهذا إن دل فإنما يشير إلى أن المجتمع العُماني يقف بشموخ على أعلى قمة جبل في المنظومة التكنولوجية الحديثة ولله الحمد.
ومع إعلان أسماء المترشحين والناخبين أخذت ساعة الصفر في الإقتراب من الأسبوع الأخير من أكتوبر المقبل موعد إجراء الإنتخابات كعرس وطني عُماني كبير تشهده السلطنة في إطار ترسيخ مبادئ وأسس الديمقراطية العُمانية المتجذرة في أوصال المجتمع، ولكنها تتطور بتمهل وتؤدة متوافقة ومنسجمة مع تطور المجتمع ومع خطى التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد التي إنطلقت منذ بوكير النهضة المباركة، فهي تمضي هكذا لكي يُكتب لها الإستدامة والرسوخ.
ما نشاهده ميدانيا من صور المترشحين التي يتم تداولها هذه الأيام في وسائل التواصل الاجتماعي وفي البوسترات التي توضح إمكانيات وقدرات المتسابقين لقبة مجلس الشورى تعكس العديد من الجوانب التي تعكس ثقافة المترشحين وإمكانياتهم وقدراتهم وكذلك إستعدادهم للتعاطي مع الشأن العام بإيجابية، الحملات وزخمها تهدف كما هو معروف لإتاحة الفرصة كاملة للناخبين لدراسة كل الخيارات المتاحة أمامهم والتمحيص والتدقيق في البرامج الانتخابية لكل مرشح وطرح الأسئلة عليه في أي نقطة يراها الناخب غير واضحة أو تحتاج لإعادة تسليط الأضواء عليها.
وفي إطار الجدية البادية على وجوه المترشحين والناخبين، تبرز هنا وهناك فكاهات وطرائف تضيف بعدا لطيفا للحملات وتعكس الروح المرحة للعُماني وإستيعابه لحقيقة أن هذا المعترك يدور في إطار أخوي تصالحي، وتؤكد كذلك على التطور الثقافي للمجتمع في هذا العهد الزاهر.
نأمل أن يوفق الجميع مترشحين وناخبين في هذه الانتخابات الهامة والتي تعكس المستوى الرفيع الذي وصل إليه المجتمع على الصعيد السياسي والإجتماعي، وأن نرى في نهاية المطاف أعضاء الشورى الجدد وهم الأفضل بالفعل، ذلك يؤكد لنا نجاح التجربة الديمقراطية العُمانية.