كي نستفيد من مشاريعنا

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/سبتمبر/٢٠١٩ ١٥:٥٥ م
كي نستفيد من مشاريعنا

سمعان كرم

كلنا يعلم ان هناك مشاريع عملاقة قائمة الآن في السلطنة نذكر منها مشروع لوى للمواد البلاستيكية، مشروع مصفاة الدقم ، مشروع توسيع منشاءات ميناء الدقم. هذا في البتروكيماويات. اما من ناحية النفط والغاز فهناك مشروع خزانات النفط الخام في رأس مركز، ومشاريع الإستخراج المعزز للنفط وتطوير حقول خزان ومبروك وأمل وأمين وجبال. وابتدأت منشأت هرويل العملاقة بالانتاج مؤخراً. نذكر ايضاً مشاريع الطاقة الشمسية في أمين حالياً وعبري قريباً. دون ان ننسى مشاريع تحلية المياه وشبكات النقل والتوزيع. من يقوم اذاً بهذه المشاريع التي تفوق قيمتها عشرات المليارات من الدولارات الامريكية؟ تقوم بها شركات عالمية من امريكا واسبانيا وكوريا الجنوبية واليابان وإيطاليا وانكلترا والصين والهند. نلاحظ ان هذه الشركات لها مكاتب متواضعة في عمان. قد يتواجد فيها سائق عماني ومندوب علاقات وفتاة في غرفة الاستقبال، في الوقت الذي فيه تنفذ المشاريع الضخمة . اذاً من اين تدار تلك المشاريع؟

في اكثر الحالات تكون المكاتب الرئيسة لتلك الشركات في بلدها الأم او في مكاتب في دول مجاورة لنا. وهذا خيارها ولايمكننا ان نفرض عليها اي اجراءٍ طالما لم يسند اليها اي عملٍ في السلطنة . تشترك بالمناقصات وتدرسها وتقدم عروضها من تلك المكاتب والمراكز وهذا حق لها. مع العلم انه يجب علينا ان نتساءل لماذا لا تكون مكاتبها الفرعية عندنا.

اما بعد اسناد اعمال المشاريع عليها يصبح الامر في يدنا . كيف ذلك؟ بعد توقيع العقد تؤلف الشركات الفريق المختص بالمشروع وتجمعه في مكان واحدٍ تدير منه الاعمال المتعاقد عليها وتضم الى فريقها عمانيين وعمانيات قيد التدريب والمشاركة بالتصميم والتنفيذ. زرت شركة تقوم بتنفيذ احد المشاريع الكبيرة في السلطنة، زرت مكتب مشروعها في دولة مجاورة ووجدتها في عمارة تتألف من عدة ادوار وقد استأجرت ثلاث طوابق كاملة لموظفيها وللإستشاري والمنتدبين من قبل صاحب المشروع اي نحن العمانيون. حوالي مئة مهندس،وفني تسكن عائلاتهم في مئة شقة. يأكلون في مطاعم هناك ويتنقلون هناك ويرسلون اولادهم الى مدارس هناك ونحن تبقى شققنا خالية ومتاجرنا متعثرة.
عندما يصل التفاوض مع شركة ما على مشروع ضخمٍ مثل الذين ذكرنا تحاول الشركة العالمية بشتى الاساليب للفوز بالعقد. وقتها يسهل على المسؤولين العمانيين اصحاب المشروع ان يشترطوا على الشركة ان تكون مكاتب ادارة المشروع في السلطنة وان يتم تدريب العمانيين والعمانيات هنا في بلد المشروع. هذا اقل مايمكن السعي اليه والاتفاق عليه في العقد. مما قد يساعد كثيراً على نقل الخبرات واستئجار الشقق الخالية وتفعيل الدورة الاقتصادية ورفع سمعة البلد من ناحية تواجد الكفاءات.
لكن هذا الاجراء لا يكفي وعلينا ان نتساءل لماذا تختار تلك الشركة بلداناً مجاورة لفتح مكاتبها عندها وليس عندنا بصورة عامة وبصورة خاصة لمشاريعنا نحن اصحاب البلد الجميل والآمن والمضياف. علينا ان نتساءل بصراحة. اهي قوانين الهجرة والتأشيرات؟ اهو التعمين؟ اهي جودة الخدمات الاساسية من اتصالات وصيانة؟ لماذا لاتختار عائلات الاجانب عمان كسكن لها. اهي كلفة المدارس او جودة التعليم ؟ اهو غياب التسلية والانشطة؟. اهو موقع المطار وصعوبة الرحلات؟. كلها اسئلة يجب ان نبحثها ونعالجها كي لايبقى اي سبب لتقاعس الشركات عن اختيار السلطنة قاعدة لاعمالها خصوصاً لمشاريعها المحلية.
واحسن مصدر للإجابة على كل تلك التساؤلات هي الشركات نفسها المتعاقدة معنا. اذا دخلنا معها في تلك التفاصيل وحاولنا تحسين الخدمات لإجتذابها إلينا قد نتوصل الى مساعدتها على اخذ القرار الذي يفيدنا. ليس من المقبول ولا من المعقول ونحن بصدد تعزيز القيمة المحلية المضافة ان نهمل هذا الجانب المتعلق بالاستفادة القصوى من مشاريعنا، خصوصاً وانه حق لنا. نطلب ممن يوقعون العقود مع تلك الشركات الاجنبية العالمية ان يشجعوهم على فتح مكاتبهم عندنا وفرض مكاتب إدارة المشاريع على الأقل ان تكون في السلطنة.