ألـف مقاتـــل أجنبــي يشكلون عبئاً على داعش 38

الحدث الثلاثاء ٢٩/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٣ م

واشنطن -
أكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن المقاتلين الأجانب الذين رحب بهم داعش يثيرون العديد من المشكلات لكونهم جزءاً أساسياً من مهمته العالمية، فضلا عن خلافات داخلية متزايدة في صفوف التنظيم، تصل إلى العنف أحياناً، في وقت تحوّل اهتمام التنظيم إلى الخارج وبدأ استهداف أوروبا والولايات المتحدة.

وأشارت إلى أن هناك اقتناع بأن بعض المقاتلين الأجانب يعملون كجواسيس لصالح دولهم الأصلية وذكّرت بأن ما لا يقل عن إثنين من الإرهابيين الذين نفذوا التفجيرات الدموية الأخيرة في بروكسل، وزعيم العصابة التي نفذت هجمات متزامنة في باريس في 13 نوفمبر الفائت، كانوا ممن زاروا الشرق الأوسط أخيراً قبل أن يعودوا إلى أوروبا لشن اعتداءاتهم.

وفيما أكدت هجمات بروكسل الدور الذي يضطلع به المقاتلون الأجانب في نشر الإرهاب، وتوحي روايات وشهادات ستة أشخاص يعيشون تحت سيطرة داعش، وآخرين أجروا أبحاثاً عن التنظيم، بأنه لا يزال يواجه صعوبات في دمج هؤلاء مع مقاتليه المحليين.
ويقول أولئك الشهود إن المناطق الخاضعة لحكم داعش في العراق وسوريا، باتت تشهد اضطرابات وخلافات بين مقاتليه، وخاصة مع الهزائم التي لحقت بقواته أخيراً، وما ترتب عنها من توترات ذات صلة بمتاعب مالية، والانسحاب من بعض المناطق.
في هذا السياق، قال أحد سكان الموصل لمراسل وول ستريت جورنال: «بمرور الوقت، وبسبب الفروق المادية والإدارية الكبيرة القائمة بينهم، بدأ المقاتلون المحليون يشتكون من نظرائهم الأجانب. وكل ما نأمل به، أن نشهد اليوم الذي يؤدي هذا الانقسام للقضاء عليهم».
ووصف ذلك الشاهد حادثة حصلت قبل أسابيع أمام عينيه في سوق مزدحمة. ففي مشهد أصبح مألوفاً، وبَّخ مقاتل أجنبي مسناً عراقياً لأن لحيته قصيرة لا تليق -برأيه- بمسلم ورع. فما كان من المسن إلا أن شتمه أمام دهشة الحاضرين. ولكن ما حصل لاحقاً كان مفاجئاً أكثر، إذ تدخل ستة مقاتلين عراقيين من عناصر داعش ووقفوا في صفّ مواطنهم المسنّ وضربوا زميلهم الأجنبي، وأوثقوا يديه، ورموا به داخل سيارة، ومن ثم انطلقوا بعيداً.
وبحسب مدير الاستخبارات الأمريكية، وصل إلى سوريا منذ بداية الحرب الأهلية قبل خمسة أعوام، ما لا يقل عن 38 ألف مقاتل أجنبي، خرجوا من أكثر من 120 بلداً حول العالم.
وقال سكان في العراق وسوريا، لمراسلي وول ستريت جورنال إن معظم أولئك المقاتلين، وخاصة الآتين من أوروبا، لا يبالون بالعادات المحلية، أو التقاليد القبلية الصارمة في غرب العراق وشرق سوريا. ويسيء عناصر الشرطة الأخلاقية المعروفة بـ»الحسبة»، إلى النساء والعجائز في الشوارع والأسواق بحجة مخالفات كالتدخين، أو ارتدائهم ملابس مخالفة لتعاليم داعش.
وقال عمر أبو لقمان، وهو ناشط مناهض للحكومة السورية في مدينة دير الزور، إن عشرات من مقاتلي داعش المحليين انشقوا مطلع هذه السنة من أجل الانضمام إلى مجموعات إسلامية معارضة أخرى. وقد اتهم أولئك المنشقين رفاقهم الأجانب باستخدامهم ذخيرة للمدافع.
في السياق ذاته، قال باتريك سكينر، مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، وهو حالياً زميل رفيع في مجموعة صوفان التي تتابع نشاطات داعش عن كثب: «لقد اشتدت الخلافات في أعقاب الهزائم الميدانية الأخيرة».
وذكر بأنه «في الخريف الفائت، وبعد خسارة داعش لمدينة تل أبيض في شمال سوريا لصالح مقاتلين أكراد، حمّل مقاتلون محليون مقاتلين أجانب مسؤولية التقصير في تقديم المساعدة المطلوبة».
وقال محمد الصالح، المتحدث باسم مجموعة: «الرقة تذبح بصمت»، والتي تعمل على لفت الأنظار لفظائع داعش في معقله الرقة: «بات هناك اقتناع بأن بعض المقاتلين الأجانب يعملون كجواسيس لصالح دولهم الأصلية».

وجهة نظر أخرى

يعد الجهاديون الأجانب أيضاً الأصلح لبعض المهمات الخاصة كالعمليات الانتحارية، ويرجع ذلك إلى كون التنظيم يجد سهولة أكبر في إقناعهم بالإقدام على مثل هذه العمليات لحماسهم العالي من جهة، وللقابلية العقائدية التي تسهل أدلجتهم وإقناعهم أكثر من الجهاديين المحليين من سوريا والعراق، من جهة أخرى. فبالنسبة لجهادي اعتنق الإسلام حديثاً على يد متطرفين، يعد تنفيذ عملية انتحارية تعبيراً عن «إيمانه الصارخ»، كما يجد فيها كثيرون وسيلة لإحداث بهرجة ما.

ومن جانب آخر، يهتم تنظيم داعش بضم مقاتلين أجانب لإظهار أنه يتلقى الدعم والتأييد على مستوى العالم وليس فقط محلياً. ويظهر ذلك جليا في حرصه على نشر فيديوهات مقاتليه الأجانب وهم يحرقون جوازات سفرهم الغربية على أوسع نطاق عبر شبكة الإنترنت. كما أن قيادات التنظيم ترى أن ظهور مقاتلين أجانب في ما تنشره من فيديوهات وصور يقدم أكبر دعاية لداعش. ولعل أبرز ما يحاول التنظيم إظهاره عبر استخدام المقاتلين الأجانب إعلامياً، يتمثل في رغبته في إيصال فكرة مفادها أن طموحه يمتد إلى أبعد من العراق وسوريا، بمعنى آخر إضفاء صبغة العالمية على فكرة «الدولة الإسلامية».
وقد تعمد زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي التأكيد على هذا الجانب حينما أكد أن «العراق ليس للعراقيين فقط، وإن سوريا ليست للسوريين فقط، فالأرض لله وحده».

جذب الإعلام الغربي

ونجاح داعش في استراتيجيته تلك يظهر في جذبه لاهتمام الإعلام الغربي إلى حد كبير، ولعل أوضح مثال على ذلك عندما قام التنظيم بإعدام ما قال عنهم إنهم جنود سوريون، ناشراً فيديو لعمليات الإعدام تلك. وقتها لم يهتم الإعلام الغربي والفرنسي منه تحديداً إلا بجانب واحد من الخبر، ذلك الذي يتعلق بظهور الجهادي الفرنسي ماكسيم هوشارد الذي انضم إلى داعش كمشارك في تلك الإعدامات عبر شريط الفيديو. وبالمقارنة مع تنظيمات متطرفة أخرى، يقول الخبير باتريك كوكبورن إن «تنظيم القاعدة لم يلجأ إلى تبني استراتيجية مماثلة، حيث لم يقبل سوى بانضمام عدد قليل من الأجانب إلى صفوف مقاتليه، فيما اعتمد في المقابل وبشكل كبير على المقاتلين القادمين من دول عربية». أما طالبان أفغانستان، فجندت مقاتلين من دول الجوار الأفغاني فقط، باستخدام طرق تقليدية في التجنيد كالمدارس الدينية ومخيمات اللاجئين الأفغان. فيما يلجأ تنظيم داعش اليوم إلى وسائل أكثر حداثة وتطوراً كالإنترنت الذي مكّنه من جلب آلاف المقاتلين الأجانب خلال أشهر معدودات.