مسقط -
نجاح أي مشروع تجاري هو رهن طبيعة العلاقة بين التاجر والمستهلك وهو ما يتطلب إيجاد جو من الثقة ومراقبة مواطن الضعف التي تطرأ على هذه العلاقة تحت أي ظرف، وفهم التاجر واستيعابه لمفهوم التسويق الناجح وإمكانية المحافظة على معدل ربح ثابت يتعدى إلى وجوب الاهتمام والعمل بشكل مستمر في تحسين العلاقة مع المستهلك ومواجهة ظروف ومتغيرات السوق بما يضمن البقاء على هذه العلاقة.
كما أن اهتمام التاجر والمزود بالجودة النوعية للمنتجات يدل على مدى الوعي في السوق وعلى تقدم الدولة، ومن الأمثلة على ذلك الانضباط والحرص على الجودة النوعية الذي تلتزم به الشركات العالمية المعروفة التي تحافظ على سمعتها ومصداقيتها كي تحرز قصب السبق وتحصل على رضا المستهلك، والنظرة إلى أن هناك مواجهة بين التاجر والمستهلك هي نظرة مجانبة للصواب بل يجب أن ينظر التاجر إلى عمله أنه يقدم خدمة للمجتمع وأن ينظر المستهلك إلى التاجر على أنه موفر لاحتياجاته لا مستغلا لحاجته أمام ما يحدث من الخروج عن هذه النظرة فهو شذوذ عن القاعدة فالتاجر الذي يهدف إلى استمرار عمله وتوسعه يجعل رضى المستهلك نصب عينه. صفحة «المستهلك» تستطلع آراء عدد من رجال الأعمال حول أهمية رضا المستهلك في العمل التجاري.
أساس النجاح
في البداية يؤكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان ورئيس فرع الغرفة بمحافظة الظاهرة علي بن صالح بن علي الكلباني بأن رضا المستهلك وعموم المجتمع عن السلعة ومستوى الخدمة ذو فائدة كبيرة على التجار. كما أن علاقات تسويقية راقية ستحدث إذا كانت تلك السلعة والبضاعة ومستوى الخدمة ممتازة ما بين التجار والمستهلكين وهي في النهاية لمصلحة الطرفين والمجتمع عامة.
وأضاف الكلباني: أن الشواهد الحياتية اليومية في العمليات التجارية تؤكد بأن حسن تعامل التاجر مع المستهلكين وكذا المستوى الطيب لسلعته أساس نجاح العمل التجاري ويجعل أفراد المجتمع يترددون على أولئك التجار ذوي المستويات الأخلاقية الراقية في الخدمات التجارية. وبالتالي فالتاجر البارع هو الذي بفكره وتعامله وخدماته وبجماليات سلعته يجعله محط أنظار المستهلكين والمجتمع عامة ويصبح ذلك التاجر محطة تقدير وإشادة من قبل الجميع وبالتالي يزداد نشاطه التجاري والاجتماعي وترتقي محلاته التجارية ويكسب الاثنين معاً مالاً ومجتمعاً. إن التطبيق الصحيح للجودة يؤدي إلى رضا المستهلك المستفيد من الخدمة، كما يؤدي إلى تنمية الشعور بالثقة المتبادلة بين الطرفين والذي يؤدي بدوره إلى زيادة إنتاجية الاقتصاد الوطني. ويختتم علي بن صالح الكلباني كلامه بدعوة أصحاب الأعمال والتجار أن يكونوا في مستوى الحدث التجاري والاقتصادي الراقي تعاملا وخدمة وسلعة حتى يستطيعوا أن يكسبوا حلالاً طيباً وخيراً وفيراً.
مصدر الطاقة
واعتبر خالد بن سهيل المعشني رضا المستهلك أساس نجاح كل مشروع ومصدر رئيسي يستمد منه المشروع طاقته وحيويته للاستمرار والنمو، فالسلعة أو الخدمة التي ترضي المستهلك عند استخدامها ترسم انطباعاً إيجابياً في ذهنه وهو الانطباع الذي يدفع بالمستهلك إلى الإقبال بصورة متكررة لطلب المنتج أو الخدمة كلما شعر بالحاجة لها وتتوطد العلاقة وتتحول إلى مستوى الولاء من المستهلك تجاه السلعة أو الخدمة الموفرة من قبل التاجر.
مضيفا إن التاجر الفطن هو من وضع رضا المستهلك هدفه الأول فنظم عمله وأطلق البرامج المناسبة لتحقيق الهدف واهتم بمقاييس رضا العملاء أسوة بمقاييس المبيعات والربحية.
وقال المعشني: بعد ندوة سيح الشامخات انطلقت جهود متعددة حكومية وخاصة تهدف إلى توسيع قاعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنميتها، وهي بلا شك جهود أسهمت في دخول تجار جدد إلى السوق، وفي تحسين تدريجي لبيئة الأعمال، وما ينبغي أن يدركه التجار الجدد أن الترخيص الحكومي والتمويل وفكرة المشروع غير كافية لوحدها لإنجاح المشروع ما لم يتمتع صاحب العمل بحس إداري يدفعه إلى تبني منهجية لكسب رضا المستهلكين والحفاظ على ولائهم بالتحسين المستمر للجودة والسعر المناسب والخدمات المكملة للمنتج.
وأضاف: من وجهة نظري أرى أن قدرة رائد الأعمال على تطوير علاقته مع المستهلك من علاقة بيع وشراء مجردة إلى علاقة مفعمة بقيم إنسانية نبيلة كالصدق وحسن التعامل والشفافية هي السبب الأول لكسب حصة سوقية متنامية لمؤسسته الصغيرة.
إعلان مدفوع التكاليف
من جانبه يقول علي البوسعيدي: بالنسبة لي كتاجر فرضا المستهلك يعتبر من الأساسيات التي يجب أن يحرص عليها أي تاجر وأنا شخصيا، حيث إن رضا المستهلك يعتبر الحبل المتين الذي يقود التاجر إلى النجاح لأن التاجر كل ما حاز على رضا المستهلك تشجع المستهلك وأتى إلى نفس التاجر مرة ثانية وثالثة هذا فضلا عن أن رضا المستهلك يعتبر إعلانا مدفوع التكاليف بالنسبة للتاجر لأن ذلك يؤدي إلى اتساع دائرة التاجر. والمستهلك الذي يثق في تاجر معين يحضر إليه أهله وأقاربه وزملاؤه ومن النقاط التي يجب أن يحرص عليها التاجر من أجل أن يحوز على ثقة المستهلك الأمانة والصدق في المواعيد وكذلك عدم المبالغة في الأسعار وأنصح أخواني التجار خاصة المبتدئين منهم بالتركيز على رضا المستهلك لأن هذا الشرط أساسي ولا مناص منه لنجاح أي تاجر من وجهة نظري.
وأشار إلى أن السلطنة تتمتع باقتصاد حر مع دول العالم وذلك يتيح خيارات متعددة من السلع أمام المستهلك بحيث لا يتقيد بسلعة معينة عند تاجر واحد وإنما يمكنه البحث عن الخيارات الموجودة في السوق لكي ينتقي المنتجات الجيدة والأسعار المناسبة له والمعاملة التي ترضيه.
وأضاف البوسعيدي: إن تعامل التاجر مع المستهلك وإعطائه أقل سعر مناسب يحقق له الربحية العادلة ويضمن له التسويق وحصة اكبر من الزبائن ليتأكد له أن رفع الأسعار سوف يؤدي إلى انخفاض مبيعاته وحصته في السوق المحلي ولن يعود عليه بالفائدة.
وحول جودة السلعة يؤكد البوسعيدي أن السلع المنخفضة الجودة سينكشف أمرها للمستهلك عاجلا أم آجلا وسيقوم المستهلك بتجنبها بل وبتجنب التاجر الذي قدمها له الأمر الذي ينعكس إجمالا على نجاح تجارته وازدهارها فهي ليست خيارا جيدا للربح على المدى الطويل، فلذلك أركز في المنتجات التي أعرضها على الجودة.
وأضاف: بيع السلع والمنتجات الرديئة والخالية من الجودة هي خديعة للفقير قبل الغني لأن الفقير إذا دفع الثمن فإنه لا يستطيع دفعه مرة أخرى على عكس الغني فمثلا يوجد في الأسواق أقمشة وملابس جاهزة وأحذية وأقلام وحقائب عمرها الافتراضي لا يتعدى عدة أيام فإذا ما اشتراها المستهلك فإنه يضطر إلى شراء غيرها بعد مدة قصيرة مما يعني أنه سيدفع أكثر مما لو اشترى سلعة مرتفعة الجودة من أول مرة.
واشار إلى بعض ألعاب الأطفال المنتشرة في السوق ذات الجودة المتدنية، بل ليس لها جودة نوعية على الإطلاق فمن يشتريها في الصباح يرميها في اليوم التالي، مما يحدث تلوثاً للبيئة يصعب التخلص منه، فلماذا يتم استيرادها من أصله خصوصاً مع وجود ألعاب ذات مواصفات عالمية يمكن الحد من المغالاة في ثمنها حتى تصبح في متناول الجميع.
وأكد البوسعيدي على أن الحالات التي نسمع ونقرأ عنها بين الحين والآخر عن الغش الذي يقع على المستهلك لا يمثل الصورة الحقيقية للتجار وغالبية تلك الأعمال يمارسها تجار لا يهمهم الاستمرار في العمل وإنما همهم الربح السريع ربما لأنهم ليسوا من أبناء البلد فهم جاؤوا للربح ومتى ما حققوه رحلوا. وأشاد البوسعيدي في ختام حديثه بالجهود التي تبذلها الجهات المختصة من أجل حماية الأسواق من السلع المغشوشة ومن مختلف المظاهر التي تضر بسمعة السوق مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.