رام الله -العمانية
بصدور "جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة" يكون الشاعر الفلسطيني محمد شريم قد توّج جهده الذي استمر 11 عاماً في نظم كتاب "كليلة ودمنة" وتصنيف ما فيه من الحكم شعرًا وفقا للموضوعات.
وكتاب "كليلة ودمنة" من تأليف الفيلسوف الهندي بيدبا، ونقله الطبيب الفارسي برزويه إلى الفارسية، ثم نُقل إلى العربيه على يد عبد الله بن المقفع في العصر العباسي.
وقد نظم شريم "كليلة ودمنة" بطريقة الشعر العمودي، حيث حوّل نثر "كليلة ودمنة" إلى قصائد من دون أن يُفقد الكتاب جمال السرد القصصي أو يؤثر على المعاني والدلالات فيه.
وعاد شريم إلى طبعات عديدة من الكتاب كانت قد صدرت عن دور نشر مختلفة في أكثر من بلد عربي، وقارن بين النصوص الواردة في تلك الطبعات معتمدًا النسخة التي راجعها الأكاديمي اللبناني د.حبيب مغنية لتكون النسخة الرئيسة التي استند إليها في العمل.
وعن السبب في اعتماد هذه النسخة قال شريم إنه استأنس بقول د.حبيب مغنية بأنه حرص على أن تكون طبعته الأقربَ إلى الأصل الأول من خلال مقابلة العديد من النسخ القديمة والطبعات الحديثة. وأضاف أنه قرأ أبواب الكتاب واحداً تلو الآخر، حيث يتضمن كل باب حكاية رئيسة هي الحكاية الأم، وحكايات فرعية تتوالد عنها في أغلب الأبواب، وأنه كان يقوم بكتابة هذه الحكايات على دفاتر خاصة قبل أن يقوم بعملية النظم.
وأوضح أنه قبيل البدء بالنظم كان يختار البحر الذي يراه مناسباً للحكاية وحرف الرويّ الذي سيلتزم به أثناء النظم. ولفت إلى أن الكثير من الحكايات جرى نظمها على بحر الكامل لما يتصف به هذا البحر من عذوبة الموسيقى وجمال الإيقاع، ومن البحور الأخرى التي نظم عليها: الوافر، والطويل، ومجزوء الوافر.
وبعد الانتهاء من نظم الكتاب، قام شريم باقتطاف "جواهر الحكمة"، وهي الحكم الشعرية الواردة في أبواب الكتاب ووضعها في الجزء الثاني من الكتاب مرتبة وفق تسلسلها في حكاياته، وقد سمى هذا الجزء من مؤلفه "خزانة جواهر الحكمة".
أما الجزء الثالث من الكتاب الذي صدر عن مكتبة "كل شيء" في حيفا، فيتضمن تصنيفاً لـ "جواهر الحكمة" الواردة في الكتاب وفق موضوعاتها، ليسهل على القارئ الوصول إلى الحكمة المتعلقة بالموضوع الذي يريده، وقد أطلق شريم على هذا التصنيف اسم "صناديق جواهر الحكمة".
ومن حكم الكتاب التي جرى نظمها شعريًا:
فإِلى حَدِيْثي يا مَلِيْكُ لِتَسْتَمِعْ
فَبِهِ تَجَارِبُ أفْصَحِ العُقَلاءِ:
شَرُّ الفُلُوْسِ إِذا أرَدْتَ نَصِيْحَةً
ما لَيْسَ يُنْفَقُ بَعْضُها بِسَخاءِ
أمَّا النِّساءُ فَشَرُّهُنَّ كَمَا أرَى
مَنْ لَمْ تُوافِقْ زَوْجَها بِرِضاءِ
أمَّا البَنُونَ فَشَرُّهُم ذاك الذي
يَعْصِي أوامِرَ أكْرَمِ الآباءِ
أمَّا الصِّحابُ فَشَرُّهُمْ مَنْ لَمْ يَقِفْ
مَعَ خِلِّهِ في ساعَةِ الضَّراءِ
وَمَثِيْلُهُ مَنْ قالَ عَيْبَةَ صَاحِبٍ
مُتَجاهِلاً إِنْصافَهُ بِثَناءِ
يُذكر أن الشاعر محمد شريم ينحدر من قرية "دير أبان" التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وأصدر عددا من المجموعات الشعرية منها: "ترانيم للزنابق الفلسطينية" (1982)، "صدى الوطن" (1985)، "الوهج" (2004).