هل تؤثر العلاقات الاجتماعية على الصحة؟

مزاج الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠١٦ ٠١:٣٠ ص

إيلاهي إيزادي- ترجمة: خالد طه

هل تريد أن تكون في صحة جيدة؟ عليك بممارسة التمارين الرياضية، وتناول الطعام الصحي، و إقامة علاقات مع الناس.
ذلك أن عمق واتساع علاقاتك الاجتماعية يؤثر على صحتك تماما مثلما يؤثر عليها النظام الغذائي وممارسة التمارين، وذلك بحسب دراسة تم إجراؤها مؤخرا في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم في بريطانيا.
فقد وجد الباحثون في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل أن حجم ونوعية العلاقات الاجتماعية للإنسان يؤثر على جوانب صحية محددة، مثل البدانة في منطقة البطن وارتفاع ضغط الدم، وذلك في مراحل مختلفة من حياة الإنسان.
على سبيل المثال، المراهقون الذين يعيشون في عزلة اجتماعية يواجهون نفس خطر الإصابة بالالتهابات الذي يواجهه الذين لا يمارسون التمارين الرياضية. أما البالغون الأكبر سنا فهم عرضة لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب العزلة الاجتماعية أكثر منه بسبب مرض السكري. كما أنه وجد أن التوترات الاجتماعية بنسب أعلى تزيد بشكل طفيف من احتمالات البدانة والالتهابات في منطقة البطن خلال أوائل إلى منتصف مرحلة البلوغ وتحمل خطرا أعلى للإصابة بالسمنة بين من هم أكبر سنا قليلا.
تظهر مجموعة من الأبحاث أن الوحدة عند كبار السنة تؤثر على طول العمر، وأن الحياة الاجتماعية القوية النشطة تساهم في تحسين الصحة العامة، ولكن "الشيء الذي لا نعرفه جيدا هو كيفية تأثير العلاقات الاجتماعية على الصحة،" كما يقول معد الدراسة يانج كلير يانج، الأستاذ بجامعة نورث كارولينا وزميل مركز كارولينا لأبحاث السكان.
وقد استخدم الباحثون أربعة مسوح طولية شاملة تتبعت في مجموعها أكثر من 14000 مشاركا في مراحل مختلفة من حياتهم وتتبعت طبيعة حياتهم الاجتماعية، ثم في وقت لاحق، تتبعت حالتهم الصحية العامة.
وقد تم تتبع حجم وتنوع العلاقات الاجتماعية – الاندماج الاجتماعي – من خلال عناصر مثل عدد الأصدقاء والحالة الاجتماعية (الزواج) والانتماء الديني والانخراط في مجالات المجتمع. وقد تم قياس نوعية العلاقات الاجتماعية – الدعم والتوتر الاجتماعي – من خلال أسئلة مثل هل الأصدقاء والأقارب منتقدون، داعمون، محبون، مجادلون، مزعجون، إلخ؟
ثم بعد ذلك نظر الباحثون فيما إذا كانت نوعية وكمية العلاقات الاجتماعية ترتبط بأربعة علامات صحية محددة، وهي ضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر وبروتين معين يقيس الالتهاب.
وقالت كبيرة معدي الدراسة، كاثلين مولان هاريس، وهي أيضا أستاذة بجامعة نورث كارولينا وزميلة مركز كارولينا لأبحاث السكان: "هذه العلامات، مجتمعة، هي علامات جيدة على بعض الآثار الفسيولوجية للتوتر والإجهاد – التوتر اليومي وليس الحاد. والنظرية هي أن العلاقات الاجتماعية يمكن أن تمتص بعض تأثيرات التوتر والإجهاد و/أو تساعد على التعايش معه".
والأمر المثير للدهشة بما يكفي هو أن وجود شبكة اجتماعية كبيرة هو أمر أكثر أهمية من وجود علاقات ذات جودة عالية بالنسبة للأفراد أثناء فترتي المراهقة والشيخوخة – طرفي النقيض من طيف الحياة. ولكن أثناء مرحلة منتصف البلوغ، من منتصف الثلاثينيات إلى الخمسينيات، تكون نوعية العلاقات ذات أهمية أكبر من كميتها.
وفي حين أن د. هاريس كانت مندهشة من هذا الاكتشاف في البداية، إلا أن السبب بدأ يتضح بعد ذلك. فأثناء هذه المرحلة من الحياة قد يكون لدى الإنسان أطفال ووالدين كبار في السن، والمطالب المفروضة عليه تعني أنه منخرط بشكل طبيعي في العديد من المجالات الاجتماعية.
تقول هاريس: "ما يهم أكثر هو ما تعنيه تلك العلاقات الاجتماعية في حياتك. هل هي توفر الدعم أم تجلب التوتر والإجهاد؟ هذا هو ما يهم فيما يتعلق بالصحة".
وتؤكد هذه النتائج على قيمة العلاقات الاجتماعية في تحسين الصحة البدنية للإنسان، من سنوات المراهقة وحتى التسعينيات من العمر وبعدها. قال الباحثون إن التثقيف والتوعية بأهمية العلاقات الاجتماعية يمكن أن تخفف من المخاطر الصحية التي لم تتجلى في شكل أمراض بعد.
وقال يانج: "عليك بالنظام الغذائي الجيد وممارسة التمارين؛ ولكن أيضا حاول أن تعيش حياة اجتماعية جيدة وتكوين اتصالات مع الآخرين. عليك بغرس علاقات اجتماعية واسعة وعميقة وفعالة، فهذا أمر مهم جدا ولا تنتظر حتى يتقدم بك العمر".
خدمة إندبندنت - ش