الأكلات المصرية..سياحيا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠١/يوليو/٢٠١٩ ١٢:٥٦ م
الأكلات المصرية..سياحيا

مي رستم

مما لا شك فيه أن أفضل طريقة لتناول الطعام أثناء رحلة سفر خلال قضاء العطلات في الخارج هو أن تأكل في صحبة أحد أهالي البلد، فهذه الطريقة سوف تجنبك الأماكن «السياحية» وأسعارها الباهظة، وكذلك المطاعم التي لا تستحق عناء الزيارة وتبيع منتجاتها بأسعار مُبالغ فيها. قد تتيح لنا عملية البحث على الإنترنت الإطلاع على كثير من تقييمات الزائرين السابقين للأماكن المختلفة، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يُضاهي التجول في صحبة أحد أبناء البلد ممن لديهم دراية كاملة بكافة الأماكن.

ويتفق مع هذا الرأي كل من مريم نزار وليلى حسب الله، أصحاب شركة «بيليز إن-روت»، وهي شركة صغيرة متخصصة في تنظيم جولات سياحة مرتبطة بالأكلات المحلية في العاصمة المصرية. لقد كانت التجارب السيئة التي مرا بها في المطاعم المختلفة أثناء رحلاتهما في الخارج هي الدافع وراء تركهما لمجال عملهما الأصلي في تصميم الجرافيك، وتقديم فكرة سياحية جديدة تقوم على جولات لتناول المأكولات و الأطعمة المحلية في بعض أحياء القاهرة.

ومن جانبها، تقول مريم: «لقد خضنا من قبل تجربة السفر و التجول في مدن لم نكن نعرفها من قبل،وعانينا من مشكلة اختيار المطاعم بناءً على تقييمات الزوار السابقين على الإنترنت، حيث شعرنا في نهاية الأمر بخيبة الأمل، لأننا وجدنا مستوى تلك المطاعم أقل بكثير مما كنا نتوقعه. كنا نود أن نحمل ذكريات طيبة تظل عالقة في أذهاننا بعد أن نتناول الأطعمة المحلية في جولاتنا الخارجية.» وبعد خوض مريم وليلى-وكلتاهما في الثلاثين من العمر- تجربة القيام بجولات مرتبطة بتناول الطعام خارج البلاد، وسماعهما بالمصادفة لحلقات صوتية تتحدث عن مُنظمي جولات سياحية للطعام من مختلف أنحاء العالم، قررتا البدء في تنفيذ فكرة مشروع شركة تهتم بعمل جولات سياحية للطعام. وبما أن هذه الفكرة كانت فكرة جديدة في مصر، فلم يكن لديهما حلول جاهزة أو خبرات من منافسين قدامى في السوق تختصر عليهما الطريق.ومن ثم، فقد بدأ الثنائي في إنشاء قائمة على موقع «تريب أدفايزر» والانضمام إلى بعض أسواق الطعام وبرامج وفعاليات الطهي لتعريف الناس بشركتهما «بيليز إن-روت».و بعد فترة وجيزة من هذا الترويج، بدأ الضيوف في حجز الجولات عبر الإنترنت وترك تقييمات لهذه الخدمة، الأمر الذي ساعد على نمو وازدهار الشركة.
وتستطرد مريم نزار قائلة: «ما زلنا نتذكر أول جولة قمنا بها بكافة تفصيلها! فقد كانت جولة في صحبة سيدتين رائعتين من كندا هما كيم و أليسيا، وكانتا غاية في الذوق، وقدمتا لنا الكثير من الدعم و حصل أول تقييم لخدمتنا على خمسة نجوم على صفحتنا.»
وتابعت مريم موضحة: «لقد أنفقنا أول دولار ربحناه على تكاليف الجولة، ثم أنفقنا المزيد لأننا لم نقترب حتى من تغطية تكاليف الجولة وقدمنا الجولة بأقل من تكلفتها علينا. كانت أرباحنا في العام الأول هي 5 دولارات فقط! قد تظن أن هذه مزحة، ولكنها الحقيقة.»

ترى الصديقتان أن جولتهما الأولى لم تكن فاشلة، ولكنها تختلف تماماً عن الجولات التي ينظمونها في الوقت الحالي، وتسترجع مريم تلك الفترة قائلةً: «لقد تمكنا من إرساء نموذج أولي ساعدنا في جمع أراء المستخدمين بسرعة وبتكلفة زهيدة مما ساهم في تطوير نظام جولاتنا بصورة أسرع مع مراعاة توفير تجربة مميزة للعملاء. اكتسبنا الخبرات بصورة تراكمية على مدار الجولات التي ننظمها، بمعنى أنه بإدخال تغيير بسيط على كل جولة لاحقة كان له عظيم الأثر في النهاية.»

العمل الشاق...ضريبة النجاح

كان على مريم وليلى العمل بجد في مواجهة الروتين والبروتوكولات غير المألوفة للتغلب على أكبر العقبات التي واجهتهما وهي الإجراءات الورقية المرتبطة بالتصاريح. وهنا تشير مريم قائلة: «إن التحدي الأكبر الذي واجهنا كان بالتأكيد هو تسجيل الشركة وتقنين وضعها بصورة قانونية. فلقد وجدنا صعوبة في العثور على المحامي المناسب، الذي يفهم فكرتنا ويؤمن بها. كما وجدنا صعوبة في العثور على المعلومات الكافية بشأن ما سنواجهه من قيود، نظراً لأننا لسنا وكالة سفر أو شركة سياحة.» ويريد الثنائي تشجيع رواد الأعمال الجدد ممن يستهويهم العمل في مجال السياحة والرحلات على أخذ المخاطرة والبدء في تنفيذ أفكارهم الجديدة، التي من شأنها تنشيط قطاع السياحة في مصر الذي يعاني من بعض الركود.
وتضيف مريم: «إن مصر من المقاصد السياحية الرئيسية المفضلة على قوائم مُحبي وعُشاق السفر. ونظراً لأننا معتادون في مصر على قدوم السياح لزيارة بلادنا، فإننا نقدم ​​نفس البرامج السياحية بالطريقة ذاتها دون أي إضافة أو تطوير. ولم نكن مبدعين ولم نقدم تجارب جديدة تخدم فئات أخرى من السياح.»
وترى مريم أن مصر تقدم عروضاً فريدة من نوعها ومتميزة وبأسعار مناسبة للغاية.
وتختتم مريم حديثها قائلة: «يصعُب أن تجد مكاناً في العالم مثل مصر يجمع لك أكلات من المطابخ الأوروبية والتركية واللبنانية والسورية والفارسية والهندية؟ قد لا نكون أول من صنع الشاورما أو المحشي، ولكنها من الأكلات المستوطنة في مصر منذ زمن بعيد، بل وأضفى عليها المصريون اللمسة المصرية حتى وصلت للشكل الذي نعشق مذاقه اليوم... لقد تأصلت هذه الأكلات بصورة كبيرة في الثقافة المصرية، حتى أصبحنا خبراءً في إعدادها.»

كاتبة وصحفية