مجلس منتخب لا تقيّمه شركة !

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠١/يوليو/٢٠١٩ ١٢:٢٤ م

علي المطاعني

تشرفت بحضور اجتماع الجمعية العمومية لغرفة تجارة وصناعة عمان ‏الأسبوع الفائت وسط حضور جيد لمثل هذه الاجتماعات الاعتيادية للجمعيات العمومية، وكان الاجتماع ناجحا بإمتياز، تم إدارته بكفاءة عالية بدون ضجيج تم إعطاء الفرصة لطرح الاسئلة والاستفسارات بكل ايجابياتها وسلبياتها وما يحمله بعضها من شخصنة للأسف، إلا أن احتواء الجميع كان أسلوبا رائعا في إدارة الحوار في الاجتماع وفلسفة الإقناع كانت السمة التي سيطرت على مجريات النقاش الذي خرج بعضه عن أدبيات المناقشات، إلا أنه استوقفني طرح بعض تساؤلات منها لماذا لا يقيم مجلس الإدارة المنتخب من جانب شركة عالمية محايدة؟.

لا اعرف ماهية واهمية مثل هذه الاسئلة هل للعضو المنتخب من الجمعية العمومية ام يطرح على الناخب نفسه الذي أدلى بصوته لاختيار الأعضاء، وإذا كانت الجمعية العمومية التي لديها الصلاحية القانونية لتقييم الأعضاء سواء بطرح الثقة بهم من خلال اتفاق ثلثي أعضاء الجمعية وفق النظام، أو من خلال اختيار الأفضل في اي انتخابات، فلماذا نأتي بشركات لتقييم أعضاء مجالس إدارة منتخبين بشكل حر ومباشر، وإذا افترضنا تم تقييم الأعضاء، من يستطيع أن يحمل الأعضاء على الاستقالة أو بالاحرى من له الحق القانوني في اقالتهم أو طرح الثقة بهم، أليست الجمعيات العمومية التي جاءت بهم؟.

من خلال هذه الاسئلة ادركت بأن الديمقراطية التي ننشدها يحتاج لها وقتا طويلا لكي تنضج، وان مبدأ التدرج في هذه التجربة ذو دلالة في إعطاء جرعات محددة من الصلاحيات تتواكب مع وعي المجتمع وتطوره وتتوافق مع معطيات المراحل التي تشهدها الدول، ولعل الحكمة التي اقتضت التدرج في الانتقال المتدرج في المشاركة السياسية كانت صائبة، خاصة اذا كانت مستويات التفكير الذي يمارس في اكثر من مؤسسة مجتمعية انيط بها العمل في المشاركة السياسية بهذا المستوى، خاصة في مجتمع الاعمال الذي يفترض ان يقدم نموذجا يحتذى به في ممارسة الديمقراطية واختيار الانسب، على اساس بانه يمثل النخب في المجتمع واي تطور في المشاركة اول ما تظهر تكون هنا.
لقد استهجن الحضور تساؤلات من هذا القبيل بان يقيم مجلس ادارة الغرفة منتخب من شركة عالمية، فليس في القانون شيئًا يدلل على ذلك اصلا، فاعضاء مجالس الادارات ليسوا موظفين لكي يتم تقييمهم بواسطة شركات بقدر ما يقيّمهم الناخبون من خلال صناديق الاقتراع والتصويت للافضل، فهذه الممارسة المطلوبة ان تكون لكي تترسخ الديمقراطية التي تحتاج لمزيد من الوقت والتجارب لكي تصحح نفسها بنفسها مع الايام وتتطور بشكل ايجابي نحو ما نتطلع اليه من مشاركة فاعله.
ومن الاسئلة التي طرحت من قبل البعض ولقيت معارضة ايضا، اعتراض البعض على تعيين شركة لاعداد استراتيجية لغرفة تجارة وصناعة عمان، فالحضور انبرى للرد على تساؤلات تحمل بعض سوء الفهم حول اهمية الاستراتيجيات ودورها في بلورة العمل في الجهات والمؤسسات على رؤية واضحة ومسار سليم يوضح افضل الممارسات في عمل الغرف التجارية التي تمثل القطاع الخاص وشراكته مع الحكومة وفلسفته في ادارة العمل في المستقبل وذلك برسم خارطة طريق ليس لهذا المجلس فقط وانما للادارات القادمة، فوجود استراتيجية للغرفة على الاقل سوف يرسم معالم الطريق الذي تمضي عليه الغرفة في السنوات المقبلة على اسس صحيحة تعكس الدور الافضل لبيت التجار.
بالطبع الجمعية العمومية الاعتيادية للغرفة تمثل احدى مؤسسات المجتمع المدني في السلطنة، بل من اقدمها في السلطنة منذ 1973 م، شهدت مراحل تطور ومخاضات عدة الى ان اضحت مجالسها منتخبة بالكامل من رجال الاعمال بمحافظات السلطنة، نتطلع ان تنضج تجربة المشاركة فيها للافضل كغيرها من التجارب الوطنية التي لا تتدخل الحكومة فيها. لكن كما اسلفنا تحتاج بعض الوقت والجهد لكي تأخذ وضعها بالمرور ببعض التجارب والممارسة الصحيحة للعمل الديمقراطي.
نأمل ان تكلل اعمال مجلس ادارة الغرفة بالنجاح وان تعالج هذه تجارب نفسها بنفسها من خلال الممارسة الواعية في الانتخابات واختيار الافضل وليس تقييم اعضاء منتخبين، فالتقييم من خلال الناخب نفسه او من خلال طرح الثقة بالمجلس، وان نتبع هذه الآليات التي تمكننا من الممارسة الفاعلة في العمل الديمقراطي السليم في بلادنا الذي شرعه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه لكي يتطور، لكن هذا لا يتأتى الا من خلال الممارسة الديمقراطية الصحيحة في اختيار من يمثلنا في مؤسسات المجتمع المدني.