البريمي بخير

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٦/يونيو/٢٠١٩ ١٣:٥٤ م

علي المطاعني

تابعت بعض التغريدات في مواقع التواصل الاجتماعية التي تشير إلى الأوضاع الاقتصادية في محافظة البريمي، وحالة الانكماش كما يدعي البعض بدون دراية لماهية ذلك ودواعيه، إلا أنه يجب أن نشير إلى أن البريمي كغيرها من محافظات السلطنة من حيث أوضاعها المعتمدة على مقوماتها وقدراتها وإمكانياتها السكانية الاقتصادية، وان حالة الانتعاش الذي سادت في السنوات الفائتة كانت نتيجة لإجراءات المرونة في الانتقال بين المدن المجاورة، ولكن عندما وضعت إجراءات تحد من الانتقال من الطبيعي عادت الحركة الاقتصادية في البريمي إلى وضعها الطبيعي أي حدث توزان بين قوى العرض والطلب.. لذا ليس من المناسب اثارة المخاوف من بعض المتنفعين بحكم الدورة الاقتصادية التي حالت دون أن تحقق مصالحهم كما في السابق.

ففي البداية يجب أن نكون اكثر واقعية في عرض الجوانب الاقتصادية وإصدار الأحكام بعقلانية تأخذ بالأسباب وليس بالعواطف التي يتفنن البعض في اللعب عليها، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعية في إثارة الزوابع وتعميم في المجالس العامة بدون اي مرجعية اقتصادية تصحح لهم مغالطاتهم، التي لا تعدو إلا ان تكون المصلحة الشخصية من بعض المتنفعين التي ربما تأثرت مصالحهم بالإجراءات اتخذت من أطراف أخرى ليس للولاية علاقة بها.
الجانب الآخر الذي يجب أن نعيه هو قاعدة العرض والطلب، فحالة البريمي إذا رغب البعض تشخصيها هي كانت في حالة انتعاش غيرعادية في فترة من الفترات نتيجة لمرونة في انتقال السكان مع المدن المجاورة ونتج عن ذلك الانتعاش زيادة الطلب على العرض، مما نتج عنه زيادة الاستثمارات في البريمي في كل المنشآت التجارية والمباني، والآن تأثرت نوعا ما الحركة بحكم إجراءات اتخذت من الطرف الآخر، حدت من التدفق السلس للسكان وفق مرئيات ومصالح الطرف الاخر. ‏وهو ما ادى لرجوع الحركة التجارية إلى وضعها الطبيعي ونتج عنه زيادة العرض مع بقاء الطلب ثابتا، فمن الطبيعي أن يصحح هذا الوضع نفسه بشكل تدريجي انطلاقا من قاعدة التوزان بين العرض والطلب من جانب واعتماد البريمي على مقوماتها وقدراتها من جانب آخر.
فمثل هذه الحالة ليست حصرا على البريمي وإنما هي دورة اقتصادية تمر بها الدول كحياة الإنسان من مرحلة إلى أخرى، وكذلك وفق فترات والمواسم وظروف، ومثال ذلك محافظة ظفار في موسم الخريف المقبلسوف تشهد انتعاشا اقتصاديا نتيجة تدفق ما يربو على 800 الف زائر أثناء موسم الخريف وبعد شهر سبتمبر وانقضاء الخريف سترجع الحركة الاقتصادية الى وضعها الطبيعي، لذا فإن الحركة لن تصاب بالركود بعد موسم الخريف، وإنما ستعود إلى طبيتعها واعتمادها على مقوماتها وهكذا.
ولا نغفل تطورا جديدا ان مثل البريمي ونزوى وصور وصحار وغيرها فقدت بعض الشيء مكانتها التجارية في المحافظات بفعل ازدهار التجارة في الولايات الاخرى، بحكم التطور الذي تشهده التنمية وتنامي الانشطة الاقتصادية في الولايات وسهولة انتقال السلع والبضائع، ففي السابق كانت ولايات المحافظات تعتمد على المدن المركزية في حركة الاستيراد، واليوم اصبحت الحركة التجارية من المورد المباشر لذلك من الطبيعي ان تصحح الحركة في امهات المدن في المحافظات عن سابقتها نتيجة لهذه العوامل وغيرها.
والمتغير الاخر اليوم هو التجارة والتسوق الالكتروني، الذي من الطبيعي ان يؤثر على الاسواق التقليدية والمجمعات التجارية، وحتى المطاعم متأثرة بحركة الطلب غير المباشر عبر تطبيقات الالكترونية، فعندما تزورها تجدها فارغة لكنها تعمل، بل احد المطاعم اكد ان حجم الطلب الالكتروني ارتفع إلى 50% من اجمالي المبيعات، وهكذا فالتطورات كثيرة تؤثر على حركة التجارة في اي مكان. وليست بالضرورة ان يكون هناك انكماش.
ان المستفيد الأكبر من الحركة التصحيحية في محافظة البريمي هو المواطن العادي في انخفاض العقارات إلى مستوياتها الطبيعية بخلاف الفترات السابقة كانت اسعار العقارات عالية، وايضا التنافس في الاسعار، ولكن المتضرر الذي يصرخ الآن المستثمر الذي ضخ استثمارات في العقارات وبعض الأنشطة واستفاد من الفورة التجارية آنذاك، والآن يصيح من أن الوضع راكد، في حين ان الوضع طبيعي ليس أكثر، وان حالة الاستثنائية انتهت لأسباب خارجة عن الإرادة ليس اكثر.
ان الأوضاع الاقتصادية تحتكم على قوى العرض والطلب في اي مكان وهي قاعدة اقتصادية لا يمكن أن نخرج منها لكي نوصف وضعا في اي منطقة بوصف غير دقيق نتيجة لأوضاع من إجراءات اتخذت من جانب طرف أو لظروف استثنائية.
بالطبع البريمي وكل المحافظات بخير والأوضاع الاقتصادية فيها وغيرها طبيعية جدا، لكن هناك الكثير من العرض في الانشطة والخدمات اكثر من حاجة السوق او القوة الشرائية وعندما يغلق محل حلاقة او بقالة ليس معناه ركود وانما سببه كثرة محلات الحلاقة والبقالات اصلا وهكذا دواليك يمكن تفسيره لا اكثر، لا يجب تضخيم السلبيات بدون وعي ولمجرد دغذعة العواطف دون معرفة المسببات الصحيحة لأي وضع أو إشكالية في هذا الشأن وغيره.
نأمل أن لا نعكس الصورالسلبية عن اقتصادنا ومحافظاتنا لمجرد محل اغلق او بقالة تنازع العامل مع كفيله او زاد العرض على الطلب وتغير في اساليب التجارة وتطور تقنياتها الى غير ذلك، فهذه الامور طبيعية جدا في الاسواق والاقتصاديات.