ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
انتهى أسبوع المرور ولكن لم تنته حملة «سياقة بلا هاتف»، تلك الحملة التي نفذتها شرطة عمان السلطانية مشكورة عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
جاءت هذه الحملة تزامناً مع فعاليات أسبوع المرور، إلا أنه نظراً لأهميتها وانتشار ظاهرة استخدام النقال أثناء القيادة بشكل غير طبيعي وخصوصا بين فئة الشباب، فقد ارتأت شرطة عمان السلطانية تمديد الحملة لتستمر سنة كاملة بالتمام والكمال. وبكل أسف، أصبح الهاتف هو الشغل الشاغل والهاجس لدى الكثيرين وتحول من كونه وسيلة إلى عادة وإدمان. نحن هنا لا نتحدث عن استخدمه في الأوضاع الآمنة أو من ناحية صحية فهذا شيء آخر ولكن الكارثة عند استخدامه أثناء قيادة المركبة وهو ما يمثل خطرا على السائق ومستخدمي الطريق أيضا. والروح غالية، فإن فقدت أصبح الباقي من الماضي.
ولا شك أن استخدام الهاتف النقال أثناء قيادة السيارات أصبح من الظواهر المألوفة في مجتمعنا. نظرة خاطفة على السائقين في إشارات المرور تدهشك وتدعوك للتأمل حينما ترى الكثيرين يمسكون مقود السيارة بيد وينشغلون بالنقال باليد الأخرى. وتتفاوت أهمية استخدام النقال من شخص لآخر، فمنهم من يعتقد أن هذه قمة المهارة في القيادة، والبعض الآخر يحاول إعطاء انطباعا للآخرين عن مدى أهميته، وهناك قلة من هؤلاء يكونون بحاجة فعلية لاستخدام النقال أثناء القيادة مثل الأطباء أو غيرهم ممن يشكل الهاتف النقال ضرورة بالنسبة لهم.
وما قد لا يدركه من يستخدمون النقال أثناء القيادة أن هذا السلوك يشكل تهديدا جديا على حياتهم وحياة الآخرين، فعدم انتباه السائق لثوانٍ معدودة قد يقود إلى حادث بشع يدفع السائق ومن معه والآخرين الأبرياء ثمنه بقية حياتهم.
وإدراكا منها لخطورة هذا الأمر فقد بدأت بعض الدول باتخاذ عقوبات رادعة ضد السائقين الذين يستخدمون الجوال أثناء القيادة في محاولة لتخفيض نسبة الحوادث الناتجة عن هذا السلوك الخاطئ والذي نرجو أن يتلاشى من مجتمعنا.
التحدث بالنقال وقيادة السيارة، لا يجتمعان في وقت واحد ولا يجب أن ينشغل الإنسان أثناء القيادة بأي شيء فيكون قلبه وعقله وعيناه مع الطريق فيمكن أن يكون هناك خبر غير جيد على النقال أثناء القيادة فيفقد السائق أعصابه وقد يفقد نفسه ويفقد الآخرين.
وقد أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها حول ظاهرة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة مدى الخطورة المترتبة بتأثير تلك الظاهرة على تشتيت انتباه السائق عن الطريق وإبعاده عن جو القيادة، وهنا مكمن الخطورة. وتشير تلك الدراسات إلى أن احتمالات وقوع حادث سير تزيد أربع مرات للسائق الذي يتحدث بالهاتف حتى في ظل وجود أجهزة تغني عن مسك الهاتف باليد، وبالتالي تتعذر السيطرة على المركبة. وقد بينت نتائج الدراسات أن معظم الحوادث تقع بسبب قيادة السيارة أثناء استخدام النقال، وأن استعمال الهاتف النقال أثناء قيادة المركبة يعادل بل قد يفوق القيادة تحت تأثير الخمور والمسكرات. وهناك أخطار متعددة عند استعمال النقال منها على سبيل الذكر لا الحصر إهمال ترك المسافة القانونية بين المركبتين لغياب التركيز وصعوبة البقاء في المسار والتأرجح بين المسارات وتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء.
وبعد كل هذه الأخطار أليس من المفترض أن يراجع قائد المركبة نفسه ويحافظ على حياته وحياة الآخرين ويؤجل الرد على مكالمة هاتفه، أو يبحث عن مكان مناسب للوقوف مع تجنب عرقلة السير والرد على تلك المكالمات، ولا يضره أن يتجاهلها ويرد في الوقت المناسب بخاصة أن معظمها لا تحمل طابع الأهمية ومن الضروري هنا أن تسن عقوبات صارمة من قبل الحكومات والجهات المعنية لكل من تسول له نفسه استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة لاستهتارهم بأرواح البشر.
abusultan73@gmail.com