سدود .. ضيّقة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٩/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٢ ص
سدود .. ضيّقة

محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

فاض سد وادي ضيقة، بحيرة مائية ضخمة من المياه العذبة، ذهبت ملايين الجالونات باتجاه البحر، وبعضها سيتبخر مع الشمس، والباقي سيتسلل نحو عمق الأرض كمياه جوفية في بلد تحرّم تعميق الآبار (إلا قليلا) وتجرّم حفر آبار جديدة.

ومع ذلك كله.. طرح مناقصة لإنشاء محطة تحلية في قريات.. يقولون (إذا كان المتكلم مجنون يكون المستمع عاقل!!).. سأدّعي الجنون لأفهم رؤية الحكومة تجاه مشروع عملاق كهذا.
وسأّعي الغباء وعدم الفهم لأسأل أين المشاريع السياحية التي من الممكن أن تكون عملاقة بحجم الجـــمال الطبيـــعي في منطــقة لا تنقصــها النعم الإلهية قدر ما تحتاج إلى نعـــمة التفكير لدى... (السكوت أسلم!).
قالوا إنهم سيقيمون حدائق ذات بهجة، وفنادق، وما طاب من اللون الأخضر القادر على حماية الناس من الشمس وهم يعيشون متعة مشروع عملاق يعد مفخرة لعمان، لكن نقف عند حدود معيّنة ونتوقف بعدها، ربما ينتظرون أوامر سامية حتى.. يتحركوا، أو ربما حتى.. يفكروا!
لست بصدد إعادة تكرار ما قلناه عشرات المرات، لكن اللجان التي تدرس ما زالت تدرس، والميزانية التي ينتظرون ثمارها اليانعة أصابها ما أصاب أسعار النفط من «قحط». وبينما كان المعوّل أن تقوم مشاريعنا الإنمائية الأخرى بواجبها، ومن بينها الاستفادة من سد وادي ضيقة، بمائه وجماله، بثروة لا تتركنا نحلّي ماء البحر وتكلفته العالية، وجمال الطبيعة القادر على أن يتحول إلى حالة مدهشة تجذب السياح من عُمان وخارجها.. إنما التعويل يحتاج إلى رافعة قوية ليكون دعامة لميزانية تئن بشدة إذا أصاب برميل النفط حالة زكام.
التقليل من كلفة تقديم الخدمات والدعم المقدم لها من خلال استثمار المتاح من ثروات، كي لا تتبخر أو تذهب للبحر، وأيضاً إيجاد بنية أساسية تبقي السائح المحلي في بلاده، وتجذب السائح الأجنبي، الشقيق أو الصديق، لمشاريع متحققة في بنيتها الأضخم، وتبقى الاستفادة منها، فكيف يكون الموقع مبهراً إن رأينا اللون الأخضر يختال بين تلك الجبال بعمقها الجمالي المدهش، وهي تتزيّن بفتنة الماء.
السؤال يتبع السؤال.. هل من جديد في بقعة رائعة تعد في الصيف ملاذاً قريباً ومتاحاً لسكان عشرات الولايات، ويقصدها من دول الجوار الكثيرون، لكنها لا تجد يداً تمتد إليها بخدمات.. المستثمرون لديهم عقباتهم، ومخاوفهم، والبلديات لا تملك الإمكانيات، ووزارة السياحة لديها استراتيجيتها المنتظرة، والاستراتيجية تبتغي مالاً، والمال شحيح (حالياً على الأقل)، مع أنه حينما تدفق لم يصل إلى.. الأشخرة.
وحينما يأتي الصيف تطرح الأسئلة علامات استفهام متكررة.. كم من الأموال ستنفق للسياحة الخارجية؟ ما هو المطروح محلياً؟ هل، ولماذا.. ذهاب أسرة عُمانية إلى الخارج أقل كلفة من ذهابها إلى صلالة؟!
بعض الأسر يكفيها الاستمتاع برحلة قصيرة إلى سد وادي ضيقة.. لولا الشمس، وضعف الخدمات.. ربما سد «ضيقة» متسع إنما العقول.. ضيّقة.