علي بن راشد المطاعني
من الجميل أن نفكر مثل العالم بالثورة الصناعية الرابعة وما قد تحدثه من تطورات تقنية عالية تعيد صياغة العديد من المناحي الحياتية في السلطنة، ، وهناك الكثير من الحديث يدور حول التخطيط للثورة الصناعية الرابعة في المؤتمرات والمناسبات وغيرها من الجهود في هذا الشأن في جانبها النظري، إلا أن عندما تتحقق من الواقع الفعلي ومدى حاجتنا للثورة الصناعية الرابعة ومدى جاهزيتنا الفعلية لها تجد بونا شاسعا بين التنظير والواقع، بل أصبح الحديث عن الثورة الصناعية أشبه بالموضة التي يتفاخر بها الآخرون وتستهلك إعلاميا لا اكثر، وحين أن الوصول لها يتطلب أرضية صلبة لكي تقوم عليها الثورة الصناعية الرابعة أو غيرها، لا بد من تهيئتها بشكل يسهم في الاستفادة من هذه التطورات الحديثة، الأمر الذي يتطلب العمل على تعزيز البنى الأساسية لتقنية المعلومات في أجهزة الدولة ورفع كفاءتها وتسريع التحول الرقمي في الجهات والوزارات الحكومية والارتقاء بالعاملين في أقسام ودوائر تقنية المعلومات قبل التفكير حتى في الثورة الصناعية الرابعة.باعتبار أن كل هذه الجوانب وغيرها تشكل المحرك لأي تقنيات حديثة والاساس الذي يمكن عليه إدخال اي تكنولوجيا جديدة، فغير ذلك فان الحديث يعد ضربا من الخيال والاحلام الوردية.
فبلاشك أن الحديث عن الثورة الصناعية كاحلام وتطلعات اماني جيدة لا بأس أن نحلم بها، ولكن لا يجب أن يكون ذلك كالفقاعات فقط لا تلبث أن تمكث في الأرض من جانب، وعدم التهيؤ لها من جانب آخر، فجلب هذه التقنيات ليس فقط في عقد المؤتمرات والتحدث عن آخر افرازاتها، وإنما مدى جاهزيتنا لهذه التطورات في اجهزتنا ودوائرنا وقبل كل شيء ومدى مواكبة عقليتنا للتطور التكنولوجيا في العالم.
فعلى سبيل المثال قبل التحدث عن الثورة الصناعية الرابعة وإدخالها، نسأل انفسنا هل اكتملت مرحلة التحول الرقمي في الأجهزة الحكومية ام ان هناك مقاومة لتغير للعديد من الجوانب في الكثير من الجهات الحكومية والخاصة، لدواعي عدة منها انتزاع الصلاحيات الإدارية بإدخال التقنيات الحديثة وتمتمة المعاملات، أو الكوادر التي تدير الجوانب الرقمية تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة لهذه التحولات وغير مستوعبة لما يشهده العالم من ثورة تقنية متجددة يوما بعد الاخر، فكل هذه الجوانب يجب إنجازها والانتهاء منها قبل الانتقال إلى تطورات أخرى جديدة لكون كل تقنية جديدة مبنية على الأخرى سابقتها، فإذا لم تحقق نجاحات كلية في لإحلال التقنية الأولى فمن الصعوبة الاستفادة من الجديدة وهكذا هي العملية تمضي، فلا يمكن الفقز علئ تقنيات مترابطة ومبنية كل واحدة منها مع الأخرى من كافة الجوانب التي ذكرناها.
هناك جهودا تبذل من الجهات الحكومية والخاصة لإلحاق بركب التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، ، لكن النسبة كبير ة من جهاتنا ومؤسساتنا يحتاج لها وقتا طويلا لتقألم فقط مع هذه التطورات وعقود من الزمن لكي يتم الإحلال فيها، فالوقت سابق لاونه التفكير باحلال الجيل الرابع أو الثورة الصناعية الرابعة في ظل هذه الأوضاع والظروف التي يتطلب أن تتغير بنسبة 180 بالمائة لكي تتهيأ فقط لمثل هذه التطورات.
بالطبع المحاولات مطلوبة والتفكير جيد في اي تطور أو تقنية لكن في بداية الأمر يجب أن نسأل أنفسنا مدى استفادتنا من هذه التقنيات واستعدادنا لها، وهل انجزنا مراحل متقدمة في إحلال ما سبقتها من تقنيات إلى غير ذلك من تساؤلات تفرض نفسها، بحيث لا يكون رغبتنا في جلب التقنيات الحديثة فقط لمجاراة الآخرين أو ركوب موجة الموضة بدون التأكد هل سوف نستفيد منها اصلا.
نأمل أن نقييم خطواتنا بكل جدية في مجالات تقنية المعلومات وما تشهده من تطورات ويكون هناك نموذجا نطبقه في التطوير الذي نتطلع اليه، أن نراجع الواقع قبل التفكير في المستقبل لكي نعمل موائمة واقعية بين تطلعاتنا وأحلامنا وواقعنا بحيث لا نجنح كثيرا في الأحلام.