تأكيد السلطنة بخفض إنتاج النفط بنسبة 5 إلى 10 بالمائة من الإنتاج في حالة اتفاق دول من داخل و خارج أوبك على تخفيض الإنتاج لامتصاص تخمة الإنتاج في السوق النفطية ، يعكس مدى التزامها بتحقيق استقرار في أسواق النفط العالمية بما يخدم المنتجين و المستهلكين و صناعة النفط بشكل عام ، و يعكس كذلك حرصها على امتصاص زيادة المعروض من جراء سباق نحو إغراق السوق بالنفط بهدف وصول البرميل إلى سعره العادل و الحقيقي كسلعة في الأسواق العالمية تتأثر بزيادة العرض فوق الحاجة.
فعلى الرغم من أن السلطنة ليست ضمن المنتجين بداخل منظمة أوبك، بل و ليست من المنتجين الرئيسين خارجها، إلا أنها تبذل جهودا كبيرة من أجل ضمان استقرار الأسواق النفطية في كل الأزمات التي تشهدها أسعار النفط.
هذه الدعوة العمانية تحاول كسر حالة الجمود التي تعتري الدول المنتجة للنفط ، لأسباب لا علاقة لها بالإقتصاد،ولا تتعلق بأحوال الأسواق النفطية في العالم، بقدر كونها تعكس حالة سياسية تخيم على المنطقة وتؤدي إلى إلحاق الضرربالجميع.
إلا أن البعض لا يأبه بالعواقب رغم وجعها الكبير و تأثيراتها الواسعة على الكل بدون تميز، فكلنا يدرك أن إنخفاض أسعار النفط من مائة و عشرين دولار في 2014 م إلى أقل من 30 دولار، له تأثيرات تنعكس على كل المنتجين، و تداعيات على اقتصاديات الدول المعتمدة على النفط كمورد رئيسي ، وهي أمور واضحة لا تحتاج إلى المزيد من الايضاحات، فكل شىء مكشوف على الملأ، الأمر الذي جعل بعض الدول تتحرك بخطوات خجولة بعد أن صرحت بأنها لن تخفض حصصها في السوق حتى و إن وصل سعر البرميل إلى عشرين دولار و بعضهاالى 8 دولارات للأسف ،لكنها بدأت الآن تدرك تأثيرات ذلك على كل الأصعدة و تتراجع عن المشاركة في السباق نحو إغراق السوق.
و يمكننا القول أن دعوة دولة قطر إلى اجتماع المنتجين من داخل و خارج أوبك للالتزام بتثبت الإنتاج عن مستويات يناير من عام 2015 م لدعم أسعار النفط في الأسواق العالمية،تعد محاولة إيجابية على الأقل لإيجاد منصة حوار بين الفرقاء، و التباحث حول أصحاب المصلحة في هذا السباق و انعكاسات ذلك على الجميع ... لعلى و عسى تعي هذه الدول ما تقوم به من ممارسات خاطئة تكتوي بنارها فيما بعد.
وسط كل هذه الفوضى تبرز سياسات السلطنة الهادفة إلى إعادة التوازن للسوق النفطية ، و امتصاص الفائض الذي تسبب فيه المنتجون بتسابقهم في لعبة إغراق الأسواق بالنفط حتى الثمالة ... لعوامل بعيدة كل البعد للأسف عن سياسات العرض و الطلب في السوق النفطية، والعمل على ادارتها بطريقة تضمن تحديد القيمة الحقيقية لأسعار النفط.
على مدى أكثر من عام منحت السلطنة الفرصة للمنتجين من داخل و خارج أوبك لتجريب سياسة إغراق الأسواق بالنفط ، والتأكد من مدى تحمل الدول لسياسة السباق غير الواعي ، وما يمكن أن تصل إليه الأمور في هذه الدول ، منحتهم فرصة مراجعة سياساتهم ، علّهم يفيقون من حالة اللاوعي ، ويدركون خطورة إقحام السياسة في الاقتصاد.
كانت هناك سياسات مرتبكة نحو تركيع بعض الدول سياسيا و عسكريا، بدون وعي لماهية هذه الدول و قدراتها و إمكانياتها و تجاربها في خوض الأزمات و العمل على أن تعتاد شعوبها تلك الأوضاع الصعبة، مما أصاب هذه الدول في مقتل، بعد شهور من تداعيات ممارساتهم الخاطئة...
تلك الممارسات التي تتمثل في عدم الالتزام بالحصص، و تجاوزها بهدف الحفاظ على حصصهم الإنتاجية، و اليوم تعود تلك الدول إلى رشدها وتدرك أهمية عودة أسعار النفط إلى سابق عهدها.
ان الأسواق النفطية الآن تعاني من تخمة كبيرة تتجاوز 30 مليون برميل يوميا، مما يستبعد أن تتعافى الأسعار من مرضها بسرعة و تعود إلى ما فوق مائة دولار للبرميل، في ظل عدم الثقة بين المنتجين و عدم الالتزام بأية اتفاقات سواء بتجميد الإنتاج أو الالتزم بنظام الحصص.
ومما يستغرب له أن بعض المنتجين يسعون لتعويض تأثيرات انخفاض الأسعار بزيادة المعروض من النفط في الأسواق، مما يؤدي الى تفاقم آثار الأزمة وصعوبة وضع حلول سريعة لتجاوزها.
بالطبع اصبح تاثير انخفاض اسعار النفط واضح على الجميع و ما اجتماع دول داخل و خارج اوبك الا دليل على الادارك من الجميع بانها وصلت الى مستويات غير مشجعة للجميع ومحبطه للاستثمار في مجال النفط وصناعته ، لكن هل يجب ان نتسال هل يجب ان نكتوي باوجاع انخفاض النفط و تاثيراته .
نامل ان تعي الدول المنتجة للنفط مسؤوليتها في الحد من تدهور اسعار النفط و التعامل بلباقة في المسائل النفطية بعيدا عن ما تشهده الجوانب السياسيةبين الدول من مناكفات ، و الالتفاف الى مصالحها و الحفاظ على ثرواتها ومواردها .