صلعة برنادشو..

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٣٠/مايو/٢٠١٩ ١٣:٥٧ م
صلعة برنادشو..

لميس ضيف
حقيقة: أنفق العالم العربي على التسليح خلال خمس سنوات 809 بليون دولار .رغم أن آخر حرب عرفتها المنطقة – بالمعنى المتعارف عليه للحروب – دارت رحاها في العام 1973 وكانت بين الكيان الصهيوني من جهة، ومصر وسوريا من الجهة الأخرى. أي صراعات استوجبت حمل السلاح خلال السنوات الـ46 الأخيرة كانت داخلية إجمالا. أدارتها المليشيات وتم تسليحها من السوق السوداء ما يعني أنها غير مشمولة على الأغلب الأعم في الرقم أعلاه الذي يتحدث عن الصفقات «المعلنة» للسلاح.
حقيقة: في اليمن هناك 12.8 مليون يعيشون تحت خط الفقر وفقا لآخر إحصائية للبنك الدولي في 2014. ولا ريب أن هذا الرقم قد تضاعف اليوم. في غزة والضفة تصل نسبة الفقر لـ29.2 %. في مصر هناك 26.1 مليون نسمة يعيشون بأقل من دولارين في اليوم وهو التعريف الدولي لما يسمى دوليا «الفقر متعدد الأبعاد» والذي يقيس الفقر على مستوى الصحة والتعليم والمعيشة. وتصل نسبة الفقراء في العراق لـنجو 19 % . وفي تونس لـ15 %. وهي المغرب 5 % وفي جيبوتي 22.5 %. ويمنع التعتيم على المعلومات اتضاح الصورة فيما يتعلق بباقي الدول !
عندما سأل الفيلسوف برنادشو عن الرأسمالية أشار للحيته الكثة قائلا: «غزارة في الإنتاج» ثم مسح على صلعته وهو يقول «وسوء في التوزيع» !
كثير من الشناعات التي نعيشها يحلها المال – وليست كلها حقا- فمؤشرات السعادة العالمية تقبض على مفاصل ما يمكن أن يصنف المجتمعات على أنها سعيدة. أهمها الرواتب والدعم الاجتماعي والتعليم وحرية اتخاذ القرارات في الحياة. وقلة مؤشرات الفساد أيضا. لذا فإن دولا كبرى لم تجد لها موطأ في قائمة الدول «السعيدة». فيما احتلت كل من فنلندا والنرويج والدنمارك مكانها في قمة القائمة. أنها دول توجه ناتجها المحلي لتحسين حياة الفرد. ولا تعبأ كثيرا بصراعات نادي الكبار لذا تفوقت على دول كالولايات المتحدة وبريطانيا واليابان في عنايتها بالإنسان وبناءه.
بالنسبة لنا فأوضاع الشعوب العربية تتراجع عاماً بعد عام وفي كل المناحي بالمناسبة. المفارقة هنا أنك تجد دولا لا تملك توفير أساسيات التعليم والعلاج لمواطنيها؛ ولا تملك ما تنفق به على بناها التحتية. ورغم ذلك يملكون ثروات لإنفاقها على مصانع السلاح. ليواجهوا بها لاحقا شعوبهم، التي تتمرد عليهم غالبا من الضيق من الضنك والفقر!