محمد الراسبي
مجرد أن ينتهي الإمام من السلام بعد صلاة الجماعة، إلا وتجد في المسجد بل وفي الصف الأول من يفاجئوا المصلين بإلقاء خطبهم العصماء الرنانة أمام المصلين، والتي تلفت انتباه جميع من في المسجد، في الوقت الذي يتهيأ فيه الجميع للتهليل والتسبيح والدعاء.
يلتفت المصلون يمنة ويسرة للبحث عن من يلقي تلك الخطب المفاجئة، ومصدر الصوت القادم من أحد زواياه، كونها مفاجئة خاصة أنه لم يسبق انه اعلن بأن هناك جدول محاضرة او ما شابه في ذات المسجد. انهم الخطباء الجدد والذين يسترسلون في خطبهم كلما سنحت لهم الفرصة، أولئك الذين بدأوا يتزايدون وينتشرون، والذين إذا خطبوا هزوا القلوب، ودغدغوا المشاعر، وهزت الرؤوس لهم، انهم اذا تحدثوا ختموها بكاء، وسالت دموعهم، وإذا نظرت اليهم لوو رؤسهم، واذا مشوا اظهروا اعاقتهم، انهم الشباب، انهم مستنزفي الثروات ومستغلي العواطف للاسف، انهم المتسولون.
ظاهرة اخذت في التصاعد ولاتخفت، ظاهرة يغذيها من يساعدهم على ماقدموا اليه ومن يقع في شباكهم بالتعاطف معهم، يشجعها عدم الرادع، بل يشجعها ضبطيات نراها غير مفعله على اكمل وجه، وحرية مفتوحه شبه مطلقه بسبب التكرار والاستمرار.
انتشروا في معظم المساجد سواء جوامع أو حارات، في المدن والقرى، بين الحضر والبادية، يتحركون ويعيدون انتشارهم بكل اريحية دون رقيب اوحسيب، يسكنون وياكلون افضل من غيرهم، ينتهزون عواطف من ارادوا ان يساعدوا المحتاجين، وهم ليسوا منهم. هكذا هم انتهازيون العواطف ودغدغة المشاعر والتمثيل الكاذب فعلا وقولا.
مبالغ تخرج من الجيوب وتسلم للمتسولين بصفة دورية من قبل ايادي تحب الخير وتكاد تكون نفسها محتاجه، ولكن لا تفقه نتاج هذه الظاهرة وعواقبها واثارها، مبالغ يجب ان تذهب لمستحقيها وليست لهذه الفئة المنظمة والتي نعتقد ان هناك من هو خلفها ويدعمها ويتابع تحركاتها ويهتم بها ويرعاها ويرشدها بشكل منظم.
لا يخفى على الجميع ان هناك منظمات اهتمامها ترسل بعثات مهنة التسول والتسول فقط كتجاره، بل تصدرها ذهابا وايابا ودخول الاشخاص للدول تحت اي مسمى بصفة رسمية ولكن الهدف الأساسي هو التسول بل النصب بعينه.
عندما ترى عشرات الاشخاص من هذه الفئة وبشكل متكرر في مسجد واحد وان كان بوجوه مختلفة دون ان يضبطها احد من الجهات المختصة والمسؤولة عن مكافحة التسول يدل ويعطي مؤشر واضح لاشك فيه ان هناك تراخي في المنظومة الضبطية، مثل ان تكون معقدة العمل وغير سلسة او العدد لا يفي للتغطية، أو غير متفاهم وغير مكتمل التنسيق، لأن ما نراه في الواقع يثير تساؤلات عدة من المواطنين.
إلى متى تستمر المعاناة من المتسولين؟
الأكيد أنه هناك تأثيرات مباشره وغير مباشره على الوطن في حالة استمرار مهنة التسول من قبل من هم دخيلين على البلد وبقائهم على ماهم عليه نتيجة عدم الحد منهم، او ردعهم من قبل الجهات المعنيه. سوف يشجيع مثل هذا السلوك ابناء المجتمع على هذه المهنه، كما انه يزيد من نسبة البطالة المقنعة والإتكالية، إضافة الى تشويه صورة السلطنه امام السياح كما يساعد في زيادة عدد الجرائم وانتشارها كون التسول يصبح مهنه. اضافة الى المساجد هناك طرق اخرى ملتويه يتبعها المتسولين في المنازل والطرقات والاسواق وهذا لم نتعود عليه في وطننا. فلماذا إذن التساهل فيه وعدم اجتثاثه لما له من ابعاد غير حميده نحن في غنى عنها.
فكلما تأخرنا في العلاج الجذري كلما تصاعدت وتيرة التسول لمن لايستحقون.
تبقى الكره في ملعب المختصين اصحاب القرار ومن أوكلت لهم المهمة، ان شاءوا بذلوا جهدا اكبر وضاعفوا فرق مكافحة ظاهرة التسول بحيث تكون منتشره ومدعومه في كل بقعة في السلطنه، بحيث لاتزيد فترة التجاوب والضبطية اكثر من دقائق معدوده ولن يحدث هذا إلا بتظافر الجهود ومضاعفة الدعم، ماعدا ذلك فالنتائج وخيمة بكل المقاييس ومن الصعب تلافيها في المستقبل.الجميع يود ان يرى زيادة فرق مكافحة ظاهرة التسول وعدد موظفيها وصفتها الضبطية مهما بلغت تكاليفها لأن عملها وطني وجزء لا يتجزأ من امن الوطن وخلق هيبة لمن تسول له نفسه ولهم كل التقدير والاحترام.