عُمان وأوروبا

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٤/مايو/٢٠١٩ ١٦:٤١ م
عُمان وأوروبا

ميكيلي شيرفون
في التاسع من مايو عام 1950، طرح روبير شومان، وزير الخارجية الفرنسي، فكرته عن شكلٍ جديدٍ من أشكال التعاون السياسي في أوروبا. تلك الفكرة التي سوف تجعل من إمكانية نشوب الحرب بين دول أوروبا مستحيلة. ومنذ ذلك الحين، استطعنا جميعًا بناء قارة تعمل على تعزيز السلام والمشاركة في الرخاء والتنمية البشرية. وعلى مدار تلك السنوات التسع والستين، اختار الأوروبيون التعاون بدلًا من المواجهة، وعملوا على بناء مشروع السلام الأنجح عبر التاريخ.
منذ ذلك الوقت، استطاع الاتحاد الأوروبي التكيف مع العديد من التحديات والتغلب عليها. الاتحاد الأوروبي ليس بالكيان البعيد المنال، كما أن المعاهدات ليست هي فقط ما يجمع بين دولنا. فهذا الاتحاد هو صنيعة أيدينا، ويُوفر للشعوب الأوروبية بيئة خصبة لتبادل الثقافات والأفكار والسياسات.
في الأشهر الفائتة ، وصلنا إلى نقطة تحول في مجال التعاون بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه من الدول العربية مع انعقاد أول قمة من نوعها لدول الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في شرم الشيخ في شهر فبراير الفائت . فقد توصلنا إلى توافق في الآراء حول المسائل الإقليمية المهمة مثل عملية السلام في الشرق الأوسط وكيفية تدعيم أواصر العلاقات بين شعوبنا، بينما استمرت المناقشات حول باقي المسائل.
يعتبر الاتحاد الأوروبي سلطنة عمان شريكًا مهمًا ويُقدر سياساتها الخارجية والإقليمية المتوازنة والبناءة أيما تقدير. والاتحاد الأوروبي بالفعل واحدٌ من أهم شركاء سلطنة عمان الاقتصاديين وثالث أكبر شريك تجاري، بالإضافة إلى كونه أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي المجال البرلماني أيضًا، كانت هناك عمليات تبادل مُكثفة، فبعد زيارة وفد من أعضاء البرلمان العماني إلى بروكسل، حضر أعضاء من البرلمان الأوروبي إلى مسقط في شهر ديسمبر 2018 لمواصلة التبادل حول المسائل البرلمانية.
في شهر سبتمبر 2018، وقعت عمان والاتحاد الأوروبي إجراء تعاون ثنائي مما يدفع بتعاوننا الثنائي إلى مستوى أعلى. إننا نطمح إلى تعزيز تعاون شامل متعدد الأبعاد يُغطي الحوار السياسي والاقتصاد والتجارة فضلًا عن التعاون القطاعي والإقليمي.
يهدف التعاون مع الاتحاد الأوروبي إلى مواكبة رؤية عمان 2040 عن قرب في العديد من مجالاتها المختلفة مثل الزراعة والصيد والطاقة والسياحة والنقل وغيرها. وهذه كلها مجالات رئيسة حيث باستطاعتنا توسيع نطاق تعاوننا فيها وتقديم الأسس الفريدة وتوازن السوق الأوروبية الموحدة، بالإضافة إلى توفير الخبرات والمعارف الأوروبية لهذا البرنامج التحولي المهم.
ومع ذلك، فإننا لا نسعى لتعزيز الالتزام بين الحكومات فقط، ولكن أيضًا لتعزيز التقارب بين الشعوب، من خلال السياحة والحوار بين المؤسسات التجارية (سينعقد أول منتدى تجاري على الإطلاق بين الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان في شهر أكتوبر بمسقط)، إضافة إلى برامج التبادل الدراسي. علاوة على ذلك، فقد التزم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالتعاون مع عمان في مجال الدبلوماسية الثقافية: على سبيل المثال، احتفلت السلطنة والاتحاد الأوروبي معًا بيوم أوروبا في 17 ابريل الفائت ، حيث أحيا الحفل «أوركسترا شباب أوروبا» التي تضم نخبة من الموسيقيين الموهوبين.
بالتوازي مع الالتزام الثنائي المتزايد، يظل التعاون بين الاتحاد الأوروبي وعمان متمحورًا حول مجلس التعاون الخليجي مع وجود الشراكة الوثيقة، خاصة في جدول الأعمال الاقتصادي، وكيفية التعامل بشكل مشترك لمواجهة تحديات التوظيف والتجارة والضريبة. ونحن ندرك أهمية مساهمة عمان في خضم توليها الرئاسة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وجهودها لإنجاح هذا الدور تحت توجيهات القيادة العمانية الرشيدة.
خلال أسبوعين من الآن، سوف تُعقد الانتخابات الأوروبية المهمة في الفترة ما بين 23 إلى 26 مايو والتي سوف تعتمد المسار المستقبلي للشعوب والمؤسسات الأوروبية، كما ستكون العلاقات مع السلطنة جزءًا من هذه المرحلة الجديدة.ومع حلول شهر رمضان المبارك، أتمنى للجميع شهراً مباركًا مليئًا بالطاعة والبهجة.

سفير الاتحاد الأوروبي في السلطنة