عام على نقل السفارة الأميركية إلى القدس.. ماذا تغير؟

الحدث الثلاثاء ١٤/مايو/٢٠١٩ ١٤:٢٢ م

القدس-أ ف ب

في 14 مايو 2018، نقلت الولايات المتحدة سفارتها لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في قطيعة مع سياستها السابقة تزامنت مع «حمام دم» على الحدود مع غزة.وتستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تقديم خطتها الموعودة منذ وقت طويل لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ما الذي تغير؟

ماذا حدث في القدس؟
متجاهلة الاحتجاج الدولي، افتتحت الولايات المتحدة سفارتها في القدس في 14 مايو 2018 وسط ضجة إعلامية كبيرة، بعد نقلها من تل أبيب، تمهيدا لأكثر وعود ترامب إثارة للجدل وهو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وبالنسبة لإسرائيل، شكل الأمر اعترافا «تاريخيا» بالعلاقة الممتدة لثلاثة آلاف عام بين الشعب اليهودي والقدس.
وأثارت الخطوة غضب الفلسطينيين الذين ينظرون إلى القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية.
ويعود الخلاف على وضع القدس إلى حرب عام 1948 التي مهدت لإنشاء دولة إسرائيل، عندما سيطرت القوات الإسرائيلية على الشق الغربي من المدينة.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية الفلسطينية في حرب يونيو 1967، ثم ضمتها إليها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وقررت معظم العواصم الأجنبية الاحتفاظ بسفاراتها لدى إسرائيل خارج القدس حتى إيجاد حل لوضع المدينة من خلال المفاوضات.

في غزة
في مارس 2018، أطلق الفلسطينيون في غزة «مسيرات العودة الكبرى» للمطالبة بعودة اللاجئين إلى أراضيهم التي فروا أو طردوا منها خلال حرب 1948. واحتشد الغزيون على الحدود ضد نقل السفارة الأميركية ودعوا إسرائيل إلى رفع الحصار المفروض على القطاع منذ عشر سنوات والذي تقول إسرائيل إنها تفرضه لدواع أمنية.

وأصبح السياج الحدودي الفاصل بين إسرائيل والقطاع ساحة لصدامات أسبوعية، تقول إسرائيل إنها تدار من قبل حكام غزة ، لكن النشطاء يفندون هذا الادعاء ويؤكدون أن قيادة المسيرات مدنية، وشعبية سلمية.
وقتل 62 فلسطينيا على الأقل خلال الاشتباكات على الحدود في يوم افتتاح السفارة. وتزامنت هذه الاشتباكات أيضا مع إحياء ذكرى النكبة التي تشير إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيين عن أراضيهم عام 1948.

ما هو السياق؟
لا يلوح في الأفق حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولم تشهد السنوات الأخيرة منذ 2014 أي حراك دبلوماسي حقيقي في هذا الاتجاه.

وترفض حركة حماس الاعتراف بوجود إسرائيل التي خاضت معها منذ 2008 ثلاث حروب. وواصلت إسرائيل حصارها لغزة إلى جانب احتلالها للضفة الغربية والقدس الشرقية، كما وسعت نطاق مشروعها الاستيطاني. ودخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واعدا بأن يكون أكثر الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة تأييدا لإسرائيل مع زيادة إدارته تعهداتها لها.
واستمرت الاضطرابات على حدود غزة منذ ذلك الحين إلى جانب جولات من الهجمات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل والغارات الانتقامية على القطاع، كان آخرها هذا الشهر، ويبدو أن الطرفين أقرب إلى مواجهة شاملة.
وقتل نحو 300 فلسطيني وستة إسرائيليين في أعمال العنف في غزة ومحيطها منذ مارس 2018.

ماذا حدث منذ ذلك الحين؟

بعد يومين من نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، حذت غواتيمالا حذوها، وكذلك البارغواي التي ما لبثت أن تراجعت بعد أقل من أربعة أشهر.
وأعلنت بلدان أخرى عن نية مماثلة لنقل سفاراتها لكن الخطوة لم تنفذ على أرض الواقع. وبدا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نحشون متفائلا عندما أشار إلى «ديناميكية غير مسبوقة» تمثلت بزيارات لقادة أجانب وافتتاح لبعثات دبلوماسية - وإن لم تكن بدرجة سفارات -.
وأكد نحشون إن الفوضى التي هددت الخطوة الأميركية لم تتحقق، متجاهلا تأثيرها على الحراك الدبلوماسي. وقال «لسنوات لم تكن هناك عملية سلام».
وقال أحمد مجدلاني مستشار الرئيس الفلسطيني، إن الفلسطينيين يشهدون «أسوأ فترة» على الإطلاق فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
وأضاف أن المبادرات الأميركية بشأن القدس «لها تأثير كبير» مشيرا إلى أن إدارة ترامب انتقلت في العام الفائت من «وضع الوسيط المنحاز إلى المدافع عن الاحتلال الإسرائيلي».

والآن؟

جمدت القيادة الفلسطينية اتصالاتها الرسمية مع الإدارة الأميركية في ديسمبر 2017، ورفضت تحركات مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنير لصياغة اتفاق سلام «نهائي» كان الرئيس الأميركي قد عبر عن رغبته فيه منذ فترة طويلة. ومن المتوقع أن يتم الكشف عن خطة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بعد رمضان الذي ينتهي مطلع يونيو، ما يمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وقتا بعد فوزه في الانتخابات التشريعية الشهر الفائت الفرصة لتشكيل حكومة جديدة أكثر يمينية من الحكومة الحالية.
وقالت الإدارة الأميركية إن الخطة ستتخذ منحى آخر مختلفا عن الجهود التقليدية. وأشار كوشنير هذا الشهر إلى أن الخطة لن تأتي على ذكر الحل القديم القائم على أساس حل الدولتين.
وقال المحلل السياسي في المجلس الأوروبي هيو لوفات، إن القرارات المتعلقة بالقدس «أدت الى التأثير المنشود في السياسة الداخلية والحسابات» الأميركية.
لكنه أضاف أنه «كان لها تأثير سلبي على خطة السلام المقبلة. أصبح من ألصعب على دول الخليج حاليا دعمها لأن القدس الشرقية خط أحمر».
وردا على سؤال قبل ذكرى مرور عام على نقل السفارة، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها ليست سوى اعتراف بواقع ولا تستبق نتيجة مفاوضات مقبلة. وهي تتحدث عن خطة سلام «عادلة وواقعية ويمكن تطبيقها تؤمن مستقبلا مزدهرا للجميع».