تعليق نووي مؤقت

الحدث الخميس ٠٩/مايو/٢٠١٩ ١٣:٢٧ م
تعليق نووي مؤقت

طهران - أ ف ب
أعلنت ايران امس الاربعاء أنها ستعلق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى ردا على انسحاب الولايات المتحدة منه قبل سنة. ويأتي ذلك في جو من التوتر المتصاعد بين ايران والولايات المتحدة التي اعلنت الثلاثاء ارسال قاذفات بي-52 الى الخليج، فيما اتهم وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو طهران خلال زيارة مفاجئة الى بغداد الثلاثاء بالتحضير «لهجمات وشيكة» ضد القوات الاميركية.

كما أعلنت ايران انها قررت وقف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي الموقع في فيينا عام 2015 وفرض قيودا على انشطتها النووية، بحسب ما أعلن المجلس الاعلى للامن القومي في بيان نشرته وكالة الانباء الايرانية الرسمية.
وأعلنت وزارة الخارجية الايرانية انها ابلغت سفراء الدول الكبرى التي لا تزال موقعة على الاتفاق، المانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، بقرارها رسميا صباح الاربعاء. الاتفاق النووي الذي صادق عليه مجلس الامن في قرار، اتاح لايران الحصول على رفع جزئي للعقوبات الدولية المفروضة عليها. في المقابل وافقت ايران على الحد بشكل كبير من انشطتها النووية وتعهدت بعدم السعي الى امتلاك السلاح الذري. لكن الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق قبل سنة، أعادت فرض عقوبات على طهران ما أضر باقتصاد البلاد وبالعلاقات التجارية بين ايران والدول الاخرى الموقعة على الاتفاق.
لكن الاوروبيين والصين وروسيا أبقوا على التزامهم بالاتفاق وسعوا، بلا جدوى حتى الآن، لإعطاء ضمانات لطهران تسمح بالالتفاف على العقوبات الأميركية التي تضر بالاقتصاد الإيراني.
وأمهل المجلس الاعلى للامن القومي الايراني هذه الدول «60 يوما» لكي تجعل «تعهداتها عملانية وخصوصا في مجالي النفط والمصارف». وحاول الاتحاد الاوروبي وضع آلية لافساح المجال لايران لمواصلة التعامل تجاريا مع هذه الشركات.

«مهلة 60 يوما»
وأضاف المجلس الأعلى للامن القومي في بيانه أنه «بعد انتهاء المدة، اذا لم تستطع تلك الدول تأمين المطالب الايرانية فستكون المرحلة التالية هي ايقاف المحدوديات المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم والاجراءات المتعلقة بتحديث مفاعل الماء الثقیل في اراك».

وأضاف المجلس «في أي وقت يتم تأمين مطالبنا، فاننا سنقوم وبنفس المقدار باعادة التزاماتنا التي تم تعليقها وخلافا لذلك فان الجمهورية الاسلامية الايرانية ستقوم بتعليق التزاماتها الاخرى مرحليا».
وتابع أن «النافذة المفتوحة أمام الدبلوماسية لن تبقى مفتوحة لمدة طويلة وان مسؤولية فشل الاتفاق النووي وعواقبه الاحتمالية ستتحملها امريكا وباقي اعضاء الاتفاق النووي».
من جهته أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي يزور موسكو أن «الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة وخصوصا منذ سنة لكن ايضا قبل ذلك مثل انسحابها (من الاتفاق) كانت تهدف بوضوح الى التسبب بوقف تطبيق» هذا الاتفاق. وأضاف أن إيران اظهرت حتى الان «ضبط نفس» لكن الجمهورية الاسلامية باتت تعتبر الان أنه «من المناسب وقف تطبيق بعض تعهداتها وإجراءات طوعية» اتخذتها في اطار هذا الاتفاق، وذلك في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي.
لكن ظريف شدد على أن إيران «لن تنسحب» من الاتفاق النووي وأن الاجراءات التي اتخذتها طهران، والتي لم تحدد طبيعتها، تتوافق مع «حق» وارد للاطراف الموقعة على الاتفاق في حال إخلال طرف اخر بالالتزامات.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة التحقق من تطبيق الاتفاق النووي على الارض، على الدوام ان طهران تحترم تعهداتها. وكانت طهران حدت في هذا الاطار مخزونها من المياه الثقيلة ب 130 طن كحد أقصى واحتياطها من اليورانيوم المخصب ب 300 كلغ وعدلت عن تخصيب اليورانيوم بدرجات تفوق 3,67 %.

ردود فعل
في ردود الفعل، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان اسرائيل «لن تسمح» لايران بامتلاك سلاح نووي.

ودعت الصين من جهتها الى الالتزام بتطبيق الاتفاق النووي.
وأعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الاربعاء أنها لا تستبعد قيام الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات على إيران، بعد إعلانها تعليق بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي.

زيارة مفاجئة

اجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء زيارة لم يعلن عنها مسبقاً إلى بغداد بهدف التصدّي «للتصعيد» الإيراني، وانتزع خلالها من المسؤولين العراقيين تعهّداً بتوفير «الحماية المناسبة» لمصالح الولايات المتحدة في بلدهم.
وألغى بومبيو زيارة إلى ألمانيا للتوجّه إلى بغداد التي تتمتّع بعلاقات وثيقة مع إيران. والتقى الوزير الأميركي في العاصمة العراقية خلال الزيارة التي استغرقت أربع ساعات كلاًّ من الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وقال بومبيو للصحافيين الذين رافقوه في رحلته «لقد تحدّثنا عن أهميّة أن يضمن العراق قدرته على توفير الحماية المناسبة للأميركيين في بلدهم»، مشيراً إلى أنّ المسؤولين العراقيين «أظهروا لي أنّهم يدركون أن هذه مسؤوليتهم».

تصعّد نشاطها

وأضاف أنّه قام بهذه الزيارة إلى العراق لأنّ إيران «تصعّد نشاطها» على الرغم من رفضه مناقشة المعلومات الاستخبارية بالتفصيل. وقال بومبيو «أردنا أن نطلعهم على سيل التهديدات المتزايد الذي رأيناه وإعطاءهم خلفية أكثر قليلاً حول ذلك حتى يتمكّنوا من تأكيد أن يقوموا بكل ما بوسعهم لتأمين الحماية لفريقنا».
وجاءت الزيارة بعد يومين على تحذير الولايات المتحدة إيران من أنّها ستردّ ب»قوة شديدة» على أي هجوم، واعتبارها أن إرسال حاملة الطائرات «يو أس أس أبراهام لينكولن» يعني بعث «رسالة واضحة لا لبس فيها» الى طهران.
ويأتي هذا التوتر بعد عام على خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع ايران حيث أطلق بدلاً من ذلك حملة معادية ضد النظام هناك.
ويقول مراقبون في الولايات المتحدة وفي الخارج إن ترامب سعى الى توسيع ممارسة ضغوطه على أمل إثارة أزمة مع إيران، التي يقول مفتشو الأمم المتحدة إنها تلتزم بالاتفاق النووي.
ووصل وزير الخارجية الأميركي إلى بغداد آتياً من فنلندا بعدما ألغى زيارة كان مقرراً أن يقوم بها إلى ألمانيا بسبب «مسائل ملحّة» وفق ما أعلنت المتحدثة باسمه.
ومن المقرر أن يصل بومبيو إلى لندن لاستكمال جولته الأوروبية. وأتت زيارة بومبيو إلى بغداد، وهي الثانية منذ بداية العام إلى العراق، وسط ازدياد التوتر في المنطقة بين الولايات المتحدة وخصمها اللدود إيران، بعد عام من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران. وكانت الولايات المتحدة أرسلت قبل يومين حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط في مناورة مصحوبة بتحذير «واضح لا لبس فيه» من البيت الأبيض إلى إيران.
وقال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان إنّه أمر الأحد بنشر مجموعة لينكولن البحرية الضاربة المكوّنة من حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن» وقطع بحرية مرافقة لها إضافة إلى مجموعة قاذفات «ردّاً على مؤشّرات حول وجود تهديد جدّي من قبل قوات النظام الإيراني». وكان بومبيو قال لصحافيين الإثنين «كوزير للخارجية، لدي مسؤولية الحفاظ على سلامة الضباط الذين يعملون معي في كل يوم في جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك أربيل وبغداد، وفي منشآتنا في عمّان، في كلّ أنحاء الشرق الأوسط».