الموازنة بُنيت على سعر 45 دولاراًًللبرميل وسعر التعـادل المتـوقع فـي حـدود 78 دولاراً للبـرميـل

مؤشر الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
الموازنة بُنيت على سعر 45 دولاراًًللبرميل وسعر التعـادل المتـوقع فـي حـدود 78 دولاراً للبـرميـل

مسقط -ش
أكد تقرير بنك عمـان العربــي أن موازنة العام 2016 والتي تميزت بالشفافية والديناميكية، جاءت مليئة بالتحديات وذات قرارات قوية مع حرص الحكومة على التخطيط المعمق والحذر أخذا بعين الاعتبار المتغيرات المتسارعة. ولعل الأهم هو احتواء الموازنة على إجراءات اقتصادية ومالية تتغير تبعا لتطورات الأحداث وتتصف بمرونة عالية. وقد وُضعت الموازنة بعناية آخذة بعين الاعتبار التغيرات في أسعار النفط والوضع الجيوسياسي. ونعتقد أن الحكومة قد تعيد النظر في الموازنة في منتصف العام بناء على تحركات أسعار النفط. ولا شك أن موازنة العام الجاري هي مخالفة تماما لموازنة العام 2015 من حيث قيام الحكومة برفع الضرائب، وخفض المصاريف وتقليص الدعم. ورغم ذلك، تعهدت الحكومة بمواصلة المشاريع الحيوية والتي تعدّ ضرورية من أجل تحقيق التنويع الاقتصادي. وعلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي، نتوقع أن يستمر الضغط خلال النصف الأول من العام الجاري وأن يشهد تحسناً خلال النصف الثاني. أما على مستوى التضخم، فنعتقد أنه من المتوقع أن يبدأ بالارتفاع على خلفية ارتفاع أسعار الوقود المحلي والمنافع. وفي الأثناء، نتوقع أن يستقر سعر الصرف طالما أن الحكومة ستكون قادرة على إدارة ميزان المدفوعات من خلال التمويل الناجح.

الإيرادات بنيت على أسس عقلانية

بلغ إجمالي الإيرادات المقدرة 8.6 بليون ريال عماني (بني على سعر 45 دولارا أمريكيا للبرميل وبإنتاج يومي من النفط 990 ألف برميل)، أقل بنسبة 25.8 % على أساس سنوي من الإيرادات المقدرة للعام 2015 وبنسبة 4 % مقارنة مع الفعلية للعام ذاته. كان لصافي الإيرادات النفطية حصة الأسد بنسبة 53 % مقارنة مع متوسط نسبته 69% للسنوات الثلاث الفائتة. أما الإيرادات غير النفطية (بشكل رئيسي الضرائب، الرسوم وعائدات الاستثمار والاستردادات الرأسمالية) فقد سجلت مبلغ 2.45 بليون ريال عماني وهو مستوى قريب جدا من الرقم المقدر في موازنة العام 2015، إلا أنه أعلى بنسبة 60% من المحقق فعليا خلال الأشهر العشرة الأخيرة من العام 2015 عند 1.53 بليون ريال عماني. لقد خالف أداء موازنة العام 2015 الموازنات السابقة وذلك بتسجيل الإيرادات الفعلية تراجعا بالمقارنة مع المحققة بسبب رئيسي يعود إلى التراجع القوي في أسعار النفط (نفط عُمان سجل 51.5 دولار أمريكي مقارنة مع مقدر عند 75 دولارا). هذه التجربة تم أخذ العبر منها حيث أن موازنة العام 2016 بنيت على أسس عقلانية وتم استخدام سعر 45 دولارا للبرميل (قابل للتعديل خلال العام طبقا للمتغيرات) كسعر أساس ، إضافة إلى تركيزها على دعم الإيرادات غير النفطية.

طبقا لاحتسابنا لسعر تعادل النفط في الموازنة، فإنه بحدود 78 دولارا أمريكيا للبرميل. هذا ولا تزال الصين المستورد الأكبر للنفط العُماني طبقا لأرقام المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، حيث سجلت نسبة 78% من إجمالي صادرات النفط العماني خلال الأشهر الأحد عشر الأولى للعام 2015، الأمر الذي يعني من ناحية أخرى تمركز المخاطر في حال تراجع استيرادها مستقبلا أخذا بعين الاعتبار التباطؤ في اقتصادها واحتمالية نموه بنسب أقل من التوقعات، حيث أشارت دراسات عدة إلى أن النمو قد يكون في حدود 4.8 % للعام 2016 بدلا من 6.9% للعام 2015 و6.5% للعام 2016. مثل هذا الاحتمال يشكل ضغطا على الدول المصدرة لمعادنها الأولية للصين.

نعتقد أن السلطنة في وضعية جيدة تمكنها من التعامل مع مثل هذه الاحتمالات حيث إن قائمة مستورديها تضم أيضا دولا تشهد اقتصاداتها نموا مطردا ولافتا مثل الهند (المستورد الثاني من حيث النسبة للنفط العماني) والتي تشير التوقعات إلى نمو اقتصادها بنسبة 7.8 % في العام 2016 مستفيدا من التراجع في أسعار النفط إضافة لمقدرة الدولة على تخفيض أسعار الفائدة (المرتفعة أصلا لديها 7.3% ) كأداة نقدية لتحفيز الاقتصاد في حال تراجع النمو. وعلى أي حال، فإن التقليل من الاعتماد على النفط والغاز كمصدر للإيرادات مع زيادة الاعتماد على المصادر غير النفط والغاز، هو أمر يمثل تحديا خاصة بسبب الوقت الذي تحتاجه القطاعات غير النفطية لإعطاء النتائج المطلوبة.

المصروفات مليئة بالتحديات

سجل إجمالي المصروفات المقدرة في موازنة العام 2016 مبلغ 11.9 بليون ريال عماني مقارنة مع 14.1 بليون ريال عماني للعام الذي سبقه، أي بتراجع نسبته 15.6 % عن المقدر. أما عند المقارنة مع الأرقام الفعلية التقديرية مع العام 2015 فإن نسبة التراجع هي 11 % طبقا لبيان الموازنة. وقد توزعت المصروفات بين الجارية (73 %) والمصروفات الاستثمارية (22.44 %) إضافة إلى المساهمات ونفقات أخرى (4.62 %). من أهم النقاط التي تجدر ملاحظتها: 1) تسجيل المصروفات الجارية رقما قريبا من إجمالي الإيرادات، فقط أعلى بنسبة (1.2 %) التراجع في الدعم حيث جاء أقل بمبلغ 710 ملايين ريال عماني. عند 400 مليون ريال عماني أي 64 %، انخفاض مصروفات إنتاج النفط والغاز بنسبة 14 % على أساس سنوي إلى 1.79 بليون ريال عماني لكنها بقيت عند المستوى نفسه من حيث النسبة من إجمالي المصروفات عند 15%، تشكيل المصروفات الإنمائية نسبة 11.34 % من إجمالي المصاريف مقارنة مع 11.7% للعام 2015. تاريخيا، تجاوز المبلغ الفعلي للمصروفات المبلغ المقدر لها مثل ما بين الأعوام 2008 - 2014. إلا أن الحال لم يكن ذاته في موازنة العام 2015 بسبب التراجع القوي في أسعار النفط. ونعتقد بأن الأرقام الفعلية للعام 2016 ستكون قريبة من المخطط لها بافتراض تفعيل مشاركة القطاع الخاص وأولوية المشاريع ودعم مصادر الإيرادات غير النفطية إضافة إلى تسجيل متوسط سعر النفط لمستويات أفضل خلال العام.

طبقا للفروقات ما بين الإيرادات والمصروفات، بلغ العجز المقدر في الموازنة 3.3 بليون ريال عماني مشكلا نسبة 38.4 % من إجمالي الإيرادات و13.2 % من إجمالي الناتج المحلي المتوقع للعام 2016. وبحسب الموازنة فإن العجز سيتم تمويله عن طريق الاقتراض (1.2 بليون ريال عماني بارتفاع نسبته 100 % عن العام 2015) إضافة إلى 600 مليون ر.ع. كصـــافي معونات (200 %) و تمويل من الاحتياطات بمبلغ 1.5 بليون ريال عماني، بارتفــــــاع سنـــــوي 114 %.