محمد الراسبي
في معرض الكتاب الأخير وقع في يدي كتاب باسم (قلعة آل حموده) والتي ارتبط اسمها باسم العائله التي بنت تلك القلعة، أعد هذا الكتاب أحد ساكني -ولاية بني بوعلي- علي بن سعيد السنيدي، وذلك مشروع تخرج كونه من ذات الولاية.
ذكر الباحث في كتابه ما هو معبر عما آلت إليه القلعة من انهيارات وما توجهه هذا في توثيق كل جزء فيها بالصور الا خوفا من الناشر من استمرار ماهي عليه دون ان يلتفت اليها احد, في إشارة نداء للاهتمام بهذا ا لصرح التراثي العماني الحضاري المتميز والذي بني منذ مئات السنين.
الواقع يقول انه عندما ترى قلعة -ال حموده- المهيبه الشامخة المترامية الاطراف من اول وهله تنعكس على وجه من يراها مسحة حزن مع اهات النفس العميق، حيث تأخذك افكارك وخيالك الى ماحملته تلك السنين الفائتة من تاريخ مرتبط بهذه القلعه كأي تاريخ يحكيه اي موقع تراثي عريق. بمجرد ان تناظر عيناك تلك القلعة الحصينة ومايدور في فلكها تجدها متوشحة هيبة التاريخ وبطولة الرجال وعز الزمان ، ترى في جدرانها المترسنة مهمة مجد سطرته وظلت تقاوم الأعداء وقت الحروب رافضة الانكسار.القلعة ذاتها تعتبر توأم لمسجد (ال حموده ) ذا ال52 قبه ذات الطراز الفريد والتي تعلو المسجد الذي تم ترميمه في الثمانينات.
ما يحل بهذه القلعة الحصينة اليوم يحز في النفس وكأن لسان حالها يقول : باقية كما انا برغم كل الظروف ، سأظل كما أسست رغم سقوط بعض اجزائي دون ارادتي، محتفظة بكبريائي وعبقرية من اوجدني ، سأظل رمزا لايعرف قيمتي الا من عايشني ولامس اركاني وعاش اساطيري وبطولاتي وقرأ وقدر تاريخي , سأظل اقاوم كل الظروف حتى يأتي من يقدرني وينقذني.
في المقابل لسان حال من يراها يقول : هلا ذكرتموها كما ذكرتم غيرها من القلاع والحصون في عمان,هلا تفضلتم بترميم مابقى من جسدها المتهالك والذي بدأ يتساقط بعض من اركانه وإنعاش كل حجر وركن تضمه في حاضنتها لكي تحكي للمستفبل واجياله القادمه ان هذا تاريخ وهذه حضارة ومنارة عمانية مجيده, تم بنائها لكي تبقى مثل غيرها وليس لكي تموت كما مات من اسسوها وبنوها حجرا حجرا .
هاهي اليوم قلعة- ال حموده –,تظل امامنا حقيقة واضحه بانها تواجه ما يعتريها من عوامل التحدي ، تجابه لوحدها الظروف المناخيه وعوامل التعريه منذ مئات السنين ومازالت ، متحملة لوحدها كل اهمال ممن له علاقة بذلك وذلك بنسيانها دون سائر قلاع عمان الاخرى والتي تم ترميم الكثير منها وخاصة من امهات القلاع والحصون .
هذه القلعه في واقعها لاتقل حجما اوشكلا اومساحة اوتخطيطا اوموقعا حتى لايتم ترميمها وصيانتها وحفظ تاريخها وحضارتها مما يؤدي الى علامات استفهام من قبل الكثير من المواطنين الزائرين وخاصة اهالي ولايات جعلان والذين يعتبروها احد الصروح المهمه في تاريخ منطقتهم وفي عمان.
تهالك مثل هذه القلاع يعتبر أندثار احد الرموز التاريخية العمانية والاكيد انه باندثارها ليس معناه ان يندثر ما خطته من سلسلة التاريخ الذي لاينسى وبما واجهته من محن وغزوات وحروب وانتصارات في حقبة من حقب الزمان كما كتبه ورواه المؤورخون والرحالة الأجانب قبل المؤرخين العمانيين والذين يعتبرون مقصرين بعض الشيء في هذا الجانب.عند اندثارها سوف يكتب التاريخ و يسجل ان هناك معلما عمانيا لم يهتم به وتم اهماله.
ان توجيهات صاحب الجلالة بالمحافظة على التراث العماني واضحة وملموسه بالإهتمام به في اي موقع كان في السلطنه مهما كان حجمه وموقعه مادام يحمل ويعكس حضارة الإنسان العماني وتاريخه. إن الاهتمام بإعادة تلك القلعه التاريخيه الى وضعها الطبيعي واحتواء اي انهيارات مستقبليه يتماشى مع السياسة الحكمية لمولانا حفظه الله وابقاه. إن ابقاء هذه القلعه والمحافظة عليها من التهور امانة لدى المسؤولين لعمل مايلزم تجاه ذلك وبدورها- اي القلعه - بعد ترميمها سوف تعطي زخما وجذبا سياحيا بكونها احد البوتقات والروائع المعمارية الهندسية العمانية , كما سوف تكون نقطة جذب قد تستغل كعامل دخل وأحد الروافد الاقتصادية لذات الولاية.