مباني حكومية مستأجرة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/أبريل/٢٠١٩ ١٢:٠١ م
مباني حكومية مستأجرة

علي بن راشد المطاعني
تنفق الوزارات والجهات الحكومية أموالا طائلة في استئجار مقار لها في محافظات السلطنة وخاصة محافظة مسقط وتصل القيمة الإيجارية إلى الملايين من الريالات لكل جهة أو هيئة أو مركز للأسف ولسنوات طويلة، على الرغم من توافر أراض لهذه الجهات بالإمكان أن تطرحها للاستثمار بالتعاون مع القطاع الخاص لإقامة مشروعات استثمارية ومقرات لهذه الجهات بدون أن تدفع ريالا واحدا، الأمر الذي يتطلب الالتفات لهذه الجوانب الهادفة لخفض الإنفاق الجاري في الأجهزة الحكومية وعدم التأخر في هذا التوجه الحميد المفضي لشراكة إستراتيجية بين القطاعين العام والخاص.
وعلى ضوء مرتكزات سياسات ترشيد الإنفاق التي تنتهجها الحكومة، فإن إيلاء هذا الموضوع أهمية كبيرة يعد من الأولويات التي ينبغي ان تحظى بالاهتمام والتنفيذ الفوري، وبالتالي لابد من منح صلاحيات كافية للجهات الحكومية لتبحث في إمكانية عقد شراكات مع القطاع الخاص لاستثمار المواقع المخصصة لها للاستثمار بنظام الانتفاع والشراكة لعدد من السنوات، ولتعود هذه المباني بعد انتهاء عقود الشراكات للحكومة سواء في شقها الخدمي أي مقرات للجهات، أو في شقها التجاري والاستثماري ليعود ريعها لخزينة الدولة.
فهذه المبادرات الخلاقة يجب أن تأخذ وضعها في قائمة الأولويات في الفترة القصيرة القادمة، عبر إطلاق العنان لكل جهة لإدارة أصولها بطرق تحقق لها المزيد من المكاسب وتخفف بالتالي الأعباء عن ميزانيتها وفي الشق الخاص ببند الإيجارات على وجه الخصوص.
وفي المقابل نجد بأن هناك جهات حكومية صرفت ما يزيد عن خمسة ملايين ريال في استئجار مبان فقط ، في حين أن المبنى ذاته لا يكلف أكثر من مليونين على أقصى تقدير، وهذا الصرف تم في استئجار بنايات تجارية ذات مواصفات متدنية ولا تصلح لتغدو مقرات لجهات حكومية وبمستوى يليق بها، فمساحاتها وتقسيماتها الداخلية ضيقة وتفتقر للكثير من الجوانب التي تحقق الأمن والسلامة للمستخدمين.
فبعض الجهات الحكومية بدأت بالفعل في تسييل أصولها وتوجيهها نحو الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص في خطوة لإيجاد مخرج لها بشأن معضلة المقرات مثل معهد الإدارة العامة بمنطقة الخوير بحي الوزارات من خلال إنشاء مركز تجاري يضم مبنى المعهد، وكذلك وزارة التجارة والصناعة طرحت استثمار وبناء مقر جديد للوزارة في أرض مركز عُمان للمعارض سابقا وغيرها من الجهات، إلا أن أغلب الجهات الحكومية للأسف ما زالت مستأجرة لمقارات لها وتدفع مبالغ خيالية سنويا.
ورغم أن وزارة المالية خفضت في السنوات الفائتة ما قيمته 10% من قيمة إيجار المقار الحكومية، إلا أن هذه المقرات استؤجرت أصلا في فترة كانت فيها أسعار أو قيمة الإيجارات عالية جدا، وبالتالي فإن التخفيض اقل بكثير من القيمة السوقية الحقيقية للإيجارات اليوم، إذ ظل الارتفاع كبيرا عند مقارنته بإيجار المثل.
نأمل التسريع في منح صلاحيات للوزارات في إدارة أصوالها وتعزيزها في إطار البحث المحمود عن بدائل تحقق مبدأ تخفيض الإنفاق، أو تخفيض النفقات غير الضرورية والتي يمكن إيجاد بدائل لها بدلا من حالة الركون الأبدي لواقع استئجار مقار من الممكن الاستغناء عنها وتوجيه تلك المبالغ لبنود خدمية يحتاجها المواطن أو هو في أمس الحاجة إليها ويفتقدها لعدم وجود البند المالي الذي يتيح الصرف منه عليها.