فخ مواقع الزواج

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٨/مارس/٢٠١٦ ١٢:٣٣ م
فخ مواقع الزواج

لميس ضيف

في كل مرة تلج فيها موقعا عربيا تلح عليك إعلانات مواقع الزواج، تلك المواقع التي تتكاثر بشكل مخيف، بعضها يلبس عباءة «إسلامية» فيما ينزعها البعض الآخر، مواقع للزواج المؤقت ومواقع للزواج بلا مسؤوليات ومواقع للزواج الدائم، مواقع تزدحم بملايين المشتركين من الوطن العربي، ومن المغتربين العرب، مواقع يدخلها من فاتهم القطار أو ممن يظنون أن المحطات شارفت على نهايتها، مواقع لمن مروا بتجارب زواج مؤلمة ويبحثون عن ضماد يشفي جراحهم، مواقع تعد النساء بشريك مثالي، والرجال بفتاة أحلام تشبه نجمات السينما.

حتى وقت قريب لم أكن أرى في تلك المواقع بأسا حتى سمعت قصصا مؤلمة لضحاياها، إحداهن وقعت في غرام شاب وأنفقت قسطا من مشاعرها عليه حتى تبين لها أنه فتاة منحرفة تبحث عن فتيات بسيطات لتجرهن للضياع، أخرى عمرت قصورا من أحلام وسكنتها مع رجل وعدها بالستر وهتك خدرها بطلب صور غير محتشمة لها. أما كم الرجال المتزوجين الذين يستغلون تلك المواقع للعودة لحياة العزوبية فلا يعد ولا يُحصى، ولا يبحث هؤلاء عن زوجة ثانية كما يتبادر للأذهان بل يبحثون واقعا عن مغامرات مجانية لا تهدم صومعة منازلهم.

ولا تفهموا مما سلف أن الإناث هن ضحايا تلك المواقع حصرا، فللرجال نصيبهم من النصب والفخاخ التي تُحكم لطالبي الحب والاستقرار، فبعض الماكرات يتصيدن البسطاء لتلبية كثير من احتياجاتهن، وبعضهن يستغلنها للابتزاز، ولا ينفي هذا وجود آلاف من الجادين في تلك المواقع ولكنهم أقلية سرعان ما تقع كضحية للسواد الأعظم من العابثين وطالبي التسلية الرخيصة.
باختصار: تلك المواقع التي تُسوق لنفسها على أنها مواقع زواج ما هي إلا مواقع تعارف، والطريف فيها أنك -إن ساقك الفضول لعتباتها وفندت ما فيها- ستعرف السبب الحقيقي وراء وحدة كثير منهم وهو الارتهان للخيال وعدم الواقعية، فتجد في طيات تلك المواقع خمسينيا متواضع الإمكانيات يطلب عشرينية جميلة ومثقفة وجامعية!! أو ترى أما مطلقة في الأربعين تطلب رجلا وسيما غنيا شاعريا ناجحا بلا أطفال وتطنب في ذكر أوصاف -لو افترضنا توفرها في أحد رواد الموقع- فلن تكون خياره الأثير بلا شك!
ندرك أن صعوبة التواصل بين الجنسين في مجتمعاتنا المحافظة هي السبب الكامن وراء تغول تلك المواقع، ونعرف أن رمة الوحدة تنخر في وعي أذكى البشر وتجعله يتحول أحيانا للقمة سائغة للعقول الماكرة. ولكننا ملزمين بالتحذير والتذكير:
لا تستسلموا لدعوات الوهم خلف الشاشات، ولا تعلقوا أحلامكم على حوائط السراب.

علقوا حوائجكم بيد الجبار، وستجدون أن أحلامكم ستتحقق دون الحاجة لـ «كريدت كارد» واشتراك شهري.