الزواج

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٦/أبريل/٢٠١٩ ١٠:٥٢ ص
الزواج

عند الحديث عن قانون الأحوال الشخصية فإننا نجد المشرع العماني قد أخذ بتعاليم الشريعة الإسلامية عند وضعه لنصوص هذا القانون، وبداية لا بد أن نتذكر قول الله تعالى في كتابه الكريم «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، سورة الروم، الآية (21).

من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون أن جعل التكاثر في الأرض سنة لإعمارها، وشرع الزواج وحث عليه في الكتاب والسنة للحفاظ على النسل البشري وزيادة عدد المسلمين وإنشاء أسرة ومجتمع قويين وضع لهما أسس على أساس المودة والرحمة، كما شرع الزواج من أجل الحفاظ على المرأة من الضياع والاستغلال من قبل ضعاف النفوس.
وقد وضع القانون الأسس والقواعد التي يبنى عليها عقد الزواج، فقد جعل عقد الزواج يسري بحسب ما اشترطه طرفا العقد، فيما عدا الشروط التي تحلل حراما أو تحرم حلالا فهي تعد شروطا باطلة، ولكن تلك الشروط لا تبطل عقد الزواج ذاته بل هي شروط باطلة في ذاتها والعقد صحيح في مجمله ويقع الزواج صحيحا ويرتب آثاره. وفي حال ما إذا اشترط شرطا في عقد الزواج وأخل بهذا الشرط أي من طرفيه فيحق للطرف الآخر طلب التطليق وفق قانون الأحوال الشخصية العماني.
ومن المعروف أن عقد الزواج يشترط فيه الرسمية، أي أن المشرع قد اشترط رسمية العقد وتوثيقه وفق الشكل الإجراءات الرسمية، إلا أن الزواج من الممكن أن يتم إثباته بأي وسيلة من وسائل الإثبات كالبينة أو بالتصادق.
ولكي يكون عقد الزواج صحيحا لا بد أن تكتمل أهليته بالعقل أي أن يكون كلا طرفي العقد عاقلا وكامل الأهلية، ولا ینعقد زواج المجنون أو المعتوه إلا من ولیه بعد صدور إذن من القاضي بذلك وفي هذا الحال قبول الطرف الآخر التزوج منه بعد اطلاعه على حالته، وعلى أن يكون مرضه لا ینتقل منه إلى نسله ويكون زواجه فیه مصلحة له. ویتم التثبت من هذه الشروط من لجنة من ذوي الاختصاص.
ولكي ينعقد الزواج لا بد له من توافر أركان وشروط معينة وردت في قانون الأحوال الشخصية العماني وهي (الإيجاب والقبول والولي والصداق والبينة).
عقد الزواج مثله مثل سائر العقود الأخرى لا بد له من توافر ركنين أساسيين هما الإيجاب والقبول، فينعقد الزواج بمجرد عرض الزواج من أحد طرفي العقد وقبول الطرف الآخر، ولا بد أن يكون الإيجاب والقبول صادرين عن رضا تام وبألفاظ تفيد معناه صراحة، وفي حال عجز أحد طرفي العقد عن النطق تقوم الكتابة مقامه، وإن تعذر الكتابة فتقوم الإشارة مقامه على أن تكون إشارة واضحة ومفهومة.
واشترط قانون الأحوال الشخصية وجود ولي لصحة عقد الزواج، والولي هو من له على المرأة ملك أو أبوة أو تعصيب أو كفالة أو سلطة، أو العاصب بنفسه على ترتيب الإرث، ويشترط في الولي أن يكون ذكرا عاقلا بالغا، مسلما حال ولايته على مسلم.
وإذا كانت المرأة لا ولي لها فيعين القاضي وليا لها «القاضي ولي من لا ولي له».
اما بالنسبة للصداق فهو المال الذي يدفعه الزوج بقصد الزواج وهو ملك للمرأة تتصرف فيه كيفما شاءت، ويجوز الاتفاق على تقديم الصداق ودفعه مقدما أو دفع جزء وتأجيل الجزء الآخر حين العقد، ويستحق باقي الصداق المؤجل بالوفاة أو انتهاء العلاقة الزوجية بلا رجعة ما لم يتم الاتفاق في العقد على غير ذلك، وتستحق الزوجة المطلقة نصف الصداق حال عدم الدخول بها.
وقد أعطى قانون الأحوال الشخصية الحق للزوجة في الامتناع عن الدخول بها حتى يدفع لها صداقها المتفق عليه، وإذا قبلت الدخول قبل أداء صداقها فهو دين في ذمة الزوج يلتزم بسداده وقت طلبه.
ومن الجدير بالذكر أنه في حالات عديدة ترغب المرأة الزواج من أحد الرجال ويمنعها الولي لأي سبب كان شريطة ألا يكون هذا السبب مانعا شرعيا من موانع الزواج، ففي هذا الحال يجوز للمرأة رفع الأمر للقاضي ومن هنا یحدد القاضي مدة لحضور الولي یبین خلالها أقواله فإن لم یحضر أو كان اعتراضه غیر مقنع زوجها القاضي. وبمطالعة قانون الأحوال الشخصية يتبين لنا بأنه قد ألزم كلا طرفي عقد الزواج بالعديد من الالتزامات وأعطى كل طرف العديد من الحقوق لدى الطرف الآخر وفقا للمادة (36)، فقد أعطى القانون لكل طرف حق الاستمتاع بالطرف الآخر في كل ما أباحه الشرع وإحصان كل منهما الآخر والمساكنة الشرعية وحسن المعاشرة، وتبادل الاحترام والعطف، والمحافظة على خیر الأسرة، والاهتمام بالأولاد ورعايتهم كونهم حصيلة هذا الزواج وثمرته، وتربيتهم وتنشئتهم بشكل يجعل منهم دعامة وأساسا لمجتمع سليم وقوي، كما ألزم المشرع العماني كلا الطرفين باحترام أبوي الطرف الآخر وأهله وعائلته ومعاملتهم معاملة طيبة تحفظ لهم كرامتهم وهيبتهم، والمحافظة على ودهم وحسن العلاقة معهم.