شاطئ حلة شيزاو بصحار يستغيث!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٤/أبريل/٢٠١٩ ١٢:٥١ م
شاطئ حلة شيزاو بصحار يستغيث!

علي المطاعني
تعد السلطنة إحدى الدول التي تولي البيئة والمحافظة عليها اهتماما كبيرا، بل هي أضحت مثالا يحتذى في هذا الشأن على الصعيد الدولي ومعترف بمجهوداتها من جانب المنظمات البيئية المختصة، فكما هو معروف أن السلطنة تشتهر بخلجانها وبشواطئها البحرية الطويلة الممتدة لـ 3.400 كيلومتر، وباتت هذه الشواطئ مقصدا للسياح من شتى بقاع العالم ومن داخل البلاد أيضا، وهي متنفس طبيعي للعائلات والأسر يهرعون إليها نهاية كل أسبوع لتنسم عبق الهواء النقي واستقبال ابتسامات البحر بمثلها، كل هذه الروعة هناك من يسيء إليها وعبر ممارسات خاطئة ومرفوضة جملة وتفصيلا تتمثل في رمي المخلفات الصلبة من مواد البناء والصحية وفضلات صيانة المنازل والأثاث، لقد وصلتني صور مروّعة للشاطئ وهو يبكي ويئن من ثقل القاذورات، النكبة البيئية تحدث في شاطئ حلة الشيزاو بولاية صحار، وهي تعكس قمة اللا مبالاة والإهمال الممتزج بجهل فادح العواقب عن التأثير المدمّر لهذه الممارسات على البيئة.
فتلك المناظر البشعة للمخالفات تدمي القلوب وتتحسر على ما وصلنا إليه من عدم مبالاة وإهمال لهذه الأماكن الجميلة التي يجب أن تبقى بدون أي خدش بها، إلا أن الأمر يرجع للجهات المسؤولة عن هذه الممارسات كيف تراكمت بهذه الصور المشينة التي لا يجب أن تكون في ولاياتنا وبيئتنا النظيفة.
بلا شك أن البيئة في السلطنة تحظى باهتمام رفيع المستوى يتمثل في رعاية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- لكل ما يهم البيئة والحفاظ عليها سليمة من كل خدش، ولعل إنشاء جلالته أول وزارة للبيئة في العالم العربي وسن التشريعات والقوانين التي تحافظ على كل مكونات البيئة لخير دليل على ذلك، ثم أن معظم خطابات جلالته -حفظه الله- وكلماته السامية لا تخلو من إشارة للبيئة وضرورة الحفاظ عليها فضلا عن رصد الجوائز الحاضة على ذلك بالتعاون مع اليونسكو وغيرها من المنظمات والهيئات ذات العلاقة، إلا أن كل هذا الزخم البيئي وبهذا المستوى الرفيع يبدو أنه لم يبلغ أسماع البعض ممثلا بما حدث بولاية صحار.
في واقع الأمر لا ندري من الذي ألهم أولئك الذين ارتكبوا ذلك الخطأ الجسيم بأن رمي المخلفات بالشاطئ سيحد فعلا من هيجان البحر ومن ثم ترويضه ومنعه من مباغتة منازلهم، فالفكرة خاطئة برمتها، فهناك جهات مختصة مناط بها تصنيع كاسرات الأمواج وبمواصفات علمية ومن مواد ليست لها تأثيرات بيئية ضارة على الشواطئ وعلى البحر الذي يعج بالكائنات الحية التي نحسب بأن الأذى الجسيم قد بلغها متسربلا من تلك المواد الملقاة على الشاطئ، فلكل تلك الكائنات الحية عميق الأسف حتى ترضى.
إن ممارسات بهذه الفداحة والتأثيرات الجانبية تحتاج إلى تحقيق واسع من الجهات المختصة لمعرفة من وراء هذه الممارسات ودوافعهم والتراخي حول الحد من هذه الخطايا على البيئة بهذا الشكل المزري للأسف أن يكون في سواحلنا وشواطئنا.
بالطبع هناك جهود لحماية الشواطئ من التلوث بأنواعه وأشكاله وتضطلع به جهات مسؤولة ولكن في المقابل على الجهات الأخرى وكل الأفراد أن يكونوا مسؤولين أيضا، فلا يعقل أن تكون هناك أيد تبني وأخرى تهدم؛ فالمسؤولية تكاملية ولا تستقيم إلا بتكاتف الجميع في أمر لا يقبل أنصاف الحلول؛ فالحفاظ على البيئة يعني صونا لكل مفاصل الحياة ثم هو صون لوجودنا نحن البشر أصحاء على ظهر الأرض، والعكس صحيح تماما هنا.
نأمل فتح تحقيق موسع في ما يحدث بشاطئ حلة شيزاو بولاية صحار، وتطبيق القانون بكل صرامة على كل الذين تسببوا في هذا الخطأ الفادح الذي حدث، ومن بعد ذلك وقبل ذلك القيام بحملة توعية تشمل كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي مذكِّرة بأهمية وحتمية الحفاظ على شواطئنا سليمة معافاة من كل أذى.