شعبوية سيئة لقطاع الأعمال

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/أبريل/٢٠١٩ ١٢:٣١ م
شعبوية سيئة لقطاع الأعمال

ليز كينغو
سكوت ماثر

يتعرّض نظام التعاون الدولي والذي نشأ من رماد الحرب العالمية الثانية للإخطار؛ فالتعددية والمؤسسات التي دعمته -بما في ذلك منظمة التجارة الدولية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي- تتعرّض للتشكيك بينما تتبنّى المزيد من البلدان القومية الانعزالية مما يؤدي في بعض الحالات إلى انعدام الاستقرار السياسي وحتى الصراع. إذن لماذا لا يفعل قادة قطاع الأعمال والمال المزيد من اجل مكافحة هذه الاتجاهات المثيرة للقلق؟

إن تاريخ ما بعد الحرب يشير الى أن الاندماج الاقتصادي العالمي -بما في ذلك تجارة اكثر حرية واستثمارات اكبر عابرة للحدود- يساعد الأسواق والمجتمعات في الازدهار مع تحسن كبير في الصحة والتعليم ومتوسط العمر المتوقع في أجزاء عديدة من العالم. صحيح أن العولمة قد أدت أيضا الى اختلالات اجتماعية كبيرة تؤجج الامتعاض الشعبي ولكن رفضها كما تفعل أعداد متزايدة من الناس الآن يهدد النظام الذي ساعد على إيجاد الثروة ومكافحة الفقر وتوسيع أعداد الطبقة المتوسطة على مستوى العالم. يقال إن قطاع المال والأعمال كانا من أكثر المستفيدين من النظام العالمي السياسي والاقتصادي المنفتح والقائم على الأنظمة والأحكام ولكن المديرين التنفيذيين والرؤساء في الشركات نادرا ما استخدموا نفوذهم من اجل الدفاع عن التعددية والتعاون الدولي.

لكن في مواجهة فوضى عالمية متزايدة، لم يعد بإمكان قادة قطاع المال والأعمال أن يبقوا صامتين وعوضا عن ذلك يجب أن يقوموا بثلاثة أشياء من اجل دفاع قوي ومتجدد عن التعاون الدولي.
بادئ ذي بدء، يحتاج هؤلاء الى إعادة اكتشاف القيم والمبادئ الجوهرية للمنظمات متعددة الاطراف الرئيسة وخاصة منظمة التجارة الدولية والأمم المتحدة وإعادة الالتزام بها. إن تلك المنظمات تمثل الاعتقاد بأنه في الغالب ستحقق البلدان نتائج افضل وطويلة المدى بالعمل معا بدلا من العمل بشكل منفرد وفي هذا الخصوص، دافع امين عام الامم المتحدة انتونيو جوتيرس مؤخرا وبشكل مقنع عن «تعددية الشبكات» والتي تربط الهيئات مثل هيئته مع المنظمات والمبادرات الاقليمية المهمة.
ثانيا، يجب على مديري الشركات وبشكل رسمي تبني مبادرات القطاع الخاص المهمة ومتعددة الاطراف فعلى سبيل المثال فإن الآلاف الشركات والمستثمرين الذين وقعوا على ميثاق الامم المتحدة العالمي وقواعد الاستثمار المسؤول ما يزالون أقلية حيث يتوجب على الآخرين التوقيع كذلك.
أخيرا، يتوجب على قادة المال والأعمال تعزيز الجهود فيما يتعلق بأجندة الاستدامة العالمية الجديدة وهذا يعتبر أفضل ضمان ضد التهديدات والتحديات وانعدام الاستقرار حاليا كما يوجِد فرصا استثنائية للتأثير الإيجابي على مستوى العالم.
إن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وما يرتبط بها من غايات تعتبر بمثابة برنامج عمل للإنسانية وللاقتصاد العالمي. إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة سيجعل العولمة اكثر استدامة وشمولية وفي الوقت نفسه التعامل بشكل فعال مع تهديد التغيّر المناخي.
تحتاج مؤسسات القطاع الخاص لتضمين اهداف التنمية المستدامة في استراتيجياتها التجارية والاستثمارية وليس فقط لأسباب تتعلق بعمل الخير. لقد كانت هناك تقديرات سابقة صدرت عن مفوضية التجارة والتنمية المستدامة بإمكانية قيام الشركات والمستثمرين بإيجاد فرص سوقية تقدر بمبلغ 12 تريليون دولار أمريكي على اقل تقدير بحلول سنة 2030 وأوجد حوالي 380 مليون فرصة عمل من خلال السعي لتحقيق بضعة اهداف رئيسة من اهداف التنمية المستدامة.
لقد حث الميثاق العالمي للامم المتحدة وبيمكو بشكل مشترك خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في يناير الشركات والمستثمرين والحكومات حول العالم على جعل اهداف التنمية المستدامة على رأس اولوياتهم واستكشاف طرق لتمويل إحراز تقدم تجاه تحقيق تلك الاهداف بما في ذلك من خلال ادوات جديدة مثل «سندات اهداف التنمية المستدامة». إن التعاون العالمي حيوي لأمننا المشترك ونجاحنا الاقتصادي ولكن هذا التعاون يتعرض للخطر. إن قيام قادة المال والاعمال بدعم التعددية بشكل علني يمكن ان يساعد في تشكيل مستقبل اكثر ازدهارا واستدامة لمؤسساتهم وللعالم.

ليز كينغو: المديرة التنفيذية للميثاق العالمي للأمم المتحدة

سكوت ماثر: مدير الاستثمار في الإستراتيجيات الأساسية للولايات المتحدة في شركة بيمكو