مدرّبة اليوجا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/أبريل/٢٠١٩ ٠٤:٣٧ ص
مدرّبة اليوجا

كيث فيرنانديز

على الرغم من عراقة الروابط التاريخية بين شعبي الهند والمملكة العربية السعودية الضاربة في جذور التاريخ عبر آلاف السنين، فلم ينتقل علم اليوجا إلى المملكة العربية السعودية إلا في السنوات القليلة الماضية. حيث تم الاعتراف باليوجا رسميًا كرياضة، وتزدهر ممارستها الآن في الصالات الرياضية واستوديوهات اليوجا التي انتشرت في جميع أنحاء الجزيرة العربية.

ويرجع الفضل في هذه الشعبية المُكتسبة في الآونة الأخيرة إلى مريضة الذئبة المناعية البالغة من العمر 38 عامًا والتي ساعدتها اليوجا في التعافي من مرضها منذ عقدين من الزمن، ومنذ ذلك الحين تعهدت بنشر ثقافة اليوجا بين طلاب المدارس والكليات، وإلى الخادمات والعمال، وإلى المصابين بالأمراض، كالسرطان، والتصلب المتعدد، وأمراض الروماتيزم والاكتئاب، كي تساعدهم على الشفاء من أمراضهم، وأثناء طريقها نحو تحقيق ذلك الهدف واجهت نوف المروعي خصومًا يتهمونها بنشر رسالة تتعارض مع تعاليم الإسلام. «كانت رسالتي دائمًا تدور حول الفوائد الطبية والعلمية والرياضية لليوجا». صرّحت بذلك عبر الهاتف أثناء وجودها في الهند -فقد أصبحت كثيرة التردد على الهند- ما أعلمه للناس هي تمرينات الأساناس والبراناياما، وأساليب الاسترخاء والتعريف بما لها من فوائد. «ما أريد فعله الآن هو الترويج لليوجا كعلم علاجي وممارسة صحية استشفائية، وتمييزها عن الأساليب العصرية التي تمّت بهرجتها لتجذب جمهور العصر ولأغراض تجارية تأخذ علم اليوجا بعيدًا عن مقصده ونحو الاتجاه الخاطئ».

تقف نوف ضد الاستغلال التجاري لليوجا، كحال عديد من المدرّبين الذين تعلموا اليوجا في الهند. وأوضحت نوف «هناك الكثير من المبادئ والأسس العلمية التي يجب فهمها وممارستها قبل التُمكن من تدريس علم اليوجا، وأن دورة تدريبية لمدة 10 أيام أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لن تؤهل الشخص بالقدر الكافي لكي يصبح مدربًا لليوجا أو حتى مؤهلاً لتدريس ذلك العلم نظريًا».

واختارت أساليب التخصص هاثا (Hatha) وإينجار (Iyengar) وأشتانجا فينياسا (Ashtanga-vinyasa) وفينياسا (Vinyasa)، والتي تعتبرها أساليب موثوقة ومُعتمدة.

وتبوأت نوف مكانة تخوّلها تقديم المعرفة والتأثير في علم اليوجا، فقد انضمت نوف المروعي -في فبراير من هذا العام- إلى ممثلي وزارة اليوجا والطب التقليدي في الهند مع 15 من الخبراء للمساعدة في وضع معايير لمنظمة الصحة العالمية فيما يخص تدريب اليوجا. تعتبر المعايير جزءًا من استراتيجية الهيئة العالمية لتعزيز جودة وفعالية الطب التقليدي والبديل وسيتم طرح هذه المعايير قريبًا من خلال تطبيق جوال جديد.

اكتشفت «نوف» القاطنة بمدينة جدة فوائد اليوجا منذ أن بلغ عمرها 18 عامًا وأُصيبت بمرض الذئبة المناعي، واشتد مرضها لتفقد القدرة على الذهاب للمدرسة نتيجة للآثار المصاحبة للمرض مثل الإرهاق المزمن، وآلام العضلات، والأرق. وتصف لنا «نوف» لطائف الأقدار في عثورها على كتاب عن اليوجا في إحدى مكتبات المملكة العربية السعودية وكيف دفعها لتجربة بعض وضعيات اليوجا. وأضافت نوف: «كان ذلك هو اليوم الذي أدركت فيه أن اليوجا قد تصبح جزءًا من حياتي». «كنت أعاني دائمًا من اضطرابات النوم لأن الذئبة تؤثر على استقرار الجهاز العصبي. ولكن في ذلك اليوم ولأول مرة منذ فترة طويلة شعرت بارتياح شديد وهنئت بنوم عميق. فحافظت بعدها على ممارسة اليوجا يوميًا، حتى أثناء فترة الحمل».

قصة نوف رائعة وملهمة، فهي لم تتوقف عند حد عودتها إلى المدرسة بعدما استردت عافيتها لتستكمل دراستها وتحصل على شهادة في علم النفس الإكلينيكي، بل استطاعت أن تصبح أول خبيرة يوجا في الشرق الأوسط، وعملت كمُدرّبة يوجا منذ 15 عامًا. بعد أن أمضت فترات دراسة لليوجا في أستراليا والهند، وحصلت على لقب «yogacharya» أي مُدرّبة يوجا.
وأنشأت نوف مدرسة اليوجا العربية، وغيّرت اسمها لاحقًا لتصبح «المنظمة العربية لليوجا» وبصفتها أكبر منظمة لليوجا في الخليج، فقد تخرج في AYF حوالي 700 مدرّب لليوجا بعد تلقيهم التدريبات اللازمة، وقد تابع أكثر من 10000 مواطن سعودي ومغترب دورات المنظمة، والتي غالبًا ما تكون مجانية. تنظم المنظمة العربية لليوجا (AYF) ثماني دورات تدريبية كل عام، وحوالي عشرة معسكرات وورش عمل لليوجا في أماكن عديدة مثل المستشفيات أو الجامعات، بالإضافة إلى أربع أو خمس جلسات يوجا علاجية بالمجان.
وكانت جهود نوف المُضنية سببًا في كون اليوجا من بين الرياضات التي تم الاعتراف بها ضمن الرياضات النسائية إثر حملة الإصلاح في السعودية التي بدأت منذ حوالي 18 شهرًا. وأصبحت نوف -في العام الفائت- واحدة من الأجانب المعدودين الذين منحتهم الهند جائزة بادما شري، واحدة من أرفع أوسمة التكريم المدنية في الهند. وتأمل الآن أن يثق المزيد من سكان المنطقة في فوائد اليوجا.

محرر وأخصائي تسويق المحتوى