غزة- أ ف ب
استشهد فلسطيني أمس السبت بنيران القوات الإسرائيلية قرب الحدود بين غزة وإسرائيل في وقت يتوقع أن يتجمع عشرات آلاف الفلسطينيين على طول السياج الحدودي لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق «مسيرات العودة» في اختبار لوقف إطلاق النار الهش بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي ساعة مبكرة من صباح السبت، استشهد محمد جهاد سعد (20 عاما) جراء «إصابته بشظايا بالرأس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق غزة» وفقا لبيان لوزارة الصحة في القطاع.
وقال شاهد عيان لوكالة فرانس برس إن سعد كان مع حوالي ثلاثين آخرين، يتكئ على عكازين إثر إصابته برصاص الجيش في وقت سابق، واقترب حوالي مئتي متر من الحدود عندما أطلق الجنود النار عليه وأصابوه. ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على الحادثة.
ومن المتوقع أن يتجمع عشرات آلاف الفلسطينيين في خمس نقاط حددتها الهيئة العليا المنظمة لـ«مسيرات العودة» على طول السياج الإسرائيلي محكم الإغلاق الفاصل مع قطاع غزة، في الذكرى الأولى لبدء «مسيرات العودة الكبرى». وتتزامن الاحتجاجات مع إعلان مسؤولين من الفصائل الفلسطينية التوصل إلى تفاهمات جديدة مع إسرائيل عبر الوساطة المصرية للمحافظة على الهدوء على السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
تعزيزات
بدوره، حشد الجيش الإسرائيلي عشرات المدرعات على طول الحدود، ووضع عشرات القناصة على أهبة الاستعداد، وفق مراسل وكالة فرانس برس الذي شاهد المدفعية والدبابات شرق غزة. ويتزامن ذلك مع «يوم الأرض» الذي يتم إحياؤه سنويا في 30 مارس في ذكرى مقتل ستة عرب إسرائيليين على أيدي القوات الإسرائيلية خلال تظاهرات خرجت عام 1976 احتجاجا على مصادرة أراض. ودعت هيئة «مسيرات العودة» إلى إضراب شامل السبت. وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو العام الفائت بالتزامن مع نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، فاستشهد يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص الجيش إسرائيلي وأصيب المئات بجروح.
ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم أو غادروا لدى قيام دولة إسرائيل في 1948.
وتأتي المسيرات قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الإسرائيلية، وبعد أيام قليلة من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحماس في تصعيد أثار مخاوف من وقوع حرب رابعة بين الطرفين.
من جهته، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى المشاركة في «مليونية العودة». ويعيش مليونا فلسطيني في القطاع الفقير الذي تحاصره إسرائيل بينما تغلق مصر في كثير من الأحيان معبر رفح الحدودي مع غزة.
وينظم الفلسطينيون احتجاجات في كل أسبوع تشمل قيام متظاهرين بإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة وإطلاق البالونات المحمّلة بمواد حارقة أو متفجّرة وحتى محاولة البعض اقتحام السياج الحدودي مع إسرائيل. ومنذ 30 مارس 2018، استشهد ما لا يقل عن 259 فلسطينياً بنيران القوات إسرائيلية، الغالبية العظمى على طول الحدود فيما قتل جنديان إسرائيليان.
وتبرر إسرائيل عمليات إطلاق النار بأنها دفاع عن حدودها ليس إلا. ويتهمها الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان بالإفراط في استخدام القوة.
مفاوضات
وأصاب صاروخ أُطلق من غزة يوم الاثنين منزلا شمال عاصمة إسرائيل التجارية تل أبيب ما أسفر عن إصابة سبعة إسرائيليين بجروح. ورداً على ذلك، شنّ الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مواقع حماس بينها مكتب رئيس الحركة في غزة قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية.
وفي وقت مبكر من صباح الجمعة قال مسؤول فلسطيني شارك في اللقاءات مع الوفد المصري والتي انتهت فجرا لفرانس برس «أبلغنا الوفد الأمني المصري أن الاحتلال وعد بتخفيف إجراءاته ووافق على وقف إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين». وأشار إلى «موافقة الفصائل على فرض الهدوء في القطاع، وإبعاد المشاركين بمسيرة العودة المليونية مسافة 300 متر عن السياج الفاصل ووقف إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة».
وقال خليل الحية -نائب رئيس حماس في غزة- في مؤتمر صحفي بعد اجتماع للوفد الأمني المصري مع الهيئة العليا لـ«مسيرات العودة» بحضور هنية «استمعنا من الوفد لجملة مهمة وكبيرة من مطالبنا وهي إيجابية والاحتلال تحت الاختبار للتنفيذ والتطبيق». من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في بيان «نحن مستعدون لكل السيناريوهات وكل البدائل ولن نتردد في اتخاذ القرار الذي يحقق مصالح شعبنا ويستثمر التضحيات الجسام التي قدمها شبابنا في مسيرات العودة وكسر الحصار». وكان نتنياهو وجّه إنذارات عدة باحتمال لجوء إسرائيل إلى التصعيد، رغم أن محللين يعتبرون أنه سيكون حذرا في اللجوء إلى عملية عسكرية واسعة قبل الانتخابات. وقال نتنياهو الخميس إن إسرائيل مستعدة لحملة عسكرية واسعة في غزة لكن فقط «بعد استنفاد كافة الخيارات الأخرى».
وأضاف «إذا تمّ الدفع بإسرائيل لشنّ حملة واسعة، ستقوم بذلك من موقع قوة وأمن بعد استنفاد كل الإمكانات الأخرى».
وقال جيمي ماكجولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، إنه تلقى إشارات إيجابية من جميع الأطراف وأنه «متفائل بهدوء» وأن السبت لن يشهد مستوى العنف الذي شهدته الفترة السابقة.
وقال طارق الغز (18 عامًا) إنه كان يشارك في كل أسبوع منذ بدء الاحتجاجات. وبث عدة مقاطع فيديو صورها بواسطة هاتفه له ولأصدقائه قرب السياج الحدودي. وأضاف «ليس لدى الشباب ما يخسرونه».