القيمة المضافة للقطاع النفطي من يدركها!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/مارس/٢٠١٩ ١٢:٥٨ م
القيمة المضافة للقطاع النفطي من يدركها!

علي بن راشد المطاعني
يشكل قطاع النفط والغاز في البلاد قيمة مضافة عالية للاقتصاد في البلاد كمصدر رئيسي للدخل القومي بنسبة 74% من إيرادات خزينة الدولة وفق بيان الميزانية العامة للدولة لعام 2019، وما يربو على أكثر من 37% من الناتج المحلي الإجمالي‏، ويساهم بنسبة 40% من القيمة المحلية المضافة في إثراء الأسواق من الاستثمارات على اختلاف مستوياتها وتعدد أنواعها فضلا عن إنه يعد من أفضل القطاعات الاقتصادية استيعابا وجاذبية للكوادر الوطنية، ناهيك عن تجسيد بعض شركاته للمسؤولية الاجتماعية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ووفق منطوق هذا المفهوم الدقيق على العديد من المستويات التي تسهم في خدمة المجتمع في العديد من المجالات وتعزيز مؤسسات المجتمع المدني غير الربحية بشكل مستدام.
القليل من الأضواء هو ما يحظى به هذا القطاع بعكس ما يقدمه من قيمة مضافة عالية وما يحتويه من إمكانات كبيرة مما يخلق سوء فهم لدى شرائح واسعة من المجتمع تحتاج إلى توضيح الكثير من الجوانب المهمة بطرق وبقوالب إعلامية تسبر أغوار المجتمع إيضاحا للحقيقة وتنويرا للفئات التي يغيب عنها الكثير مما يسهم به هذا القطاع الحيوي والمهم.
بلاشك أن قطاع النفط والغاز هو القطاع الرئيسي للاقتصاد الوطني من خلال مساهماته الكبيرة التي تدخل كل مناحي الحياة في البلاد، وهو الرافد الأكثر عطاء في كل ما تحقق على هذه الأرض الطيبة من خيرات ونماء وتنمية، ‏على ذلك تبذل جهودا كبيرة في تعزيزه من خلال الاستثمارات الحكومية والخاصة من داخل السلطنة وخارجها لاستدامة هذا القطاع الحيوي ورفع كفاءته لمستويات تحقق تطلعات الدولة في استمرار زيادة مساهمته في مد خزينة الدولة بالزخم اللازم لاستدامة التنمية الشاملة والنهوض بالاقتصاد الوطني لآفاق أرحب.
ولعل تعزيز الاحتياطيات النفطية والبالغة 4791 مليون برميل بنهاية 2018 وارتفاعه لما يقارب 51 مليون برميل عن ما كان عليه في عام 2017، وارتفاع احتياط الغاز إلى 24.65 تريليون قدم مكعب بنهاية 2018 وبزيادة 0.96 تريليون قدم مكعب، ذلك كله يعد دليلا ناطقا على كفاءة تلك الجهود المبذولة على مختلف الأصعدة والمستويات وتأكيد على فاعلية العمل الدؤوب الذي بذل من جانب المسؤولين والعاملين في هذا المجال، كما أن ارتفاع الصرف على قطاع الاستكشاف وإنتاج وتطوير النفط والغاز والذي بلغ 11.75 بليون دولار منها 69% نفقات رأسمالية في عملية الحفر و 31 في المصاريف التشغيلية الجارية، ذلك يعكس أهمية هذا القطاع والعائد على الاستثمار في مجالاته بل وأهميته الكبيرة على المدى القصير والمتوسط في رفد زيادة الإيرادات لخزينة الدولة لمواجهة زيادة الإنفاق العام واستكمال خطط الدولة في التنويع الاقتصادي، فالنفط والغاز سيظلان الداعمين الرئيسيين لخزينة الدولة، فسياسات التنويع الاقتصادي مهما بلغت لن تتأتى إلا من خلال زيادة الاستثمارات التي تحتاج إلى إمكانيات مالية يوفرها قطاع النفط والغاز في هذه المراحل.
‏وعلى الجانب الآخر ينهض قطاع النفط والغاز بمسؤولياته في تعزيز زيادة فرص العمل للمواطنين كأحد أفضل القطاعات الاقتصادية المستوعبة للمواطنين ومحفزة لهم وبطرق أكثر أحكاما وعبر الدقة في عملية التوظيف ومنهجياته المختلفة التي أصبحت نموذجا تستعين به بعض الأجهزة الحكومية في إيجاد مسارات تأهيل وتدريب وتعمين واضحة تأخذ السير التصاعدي للكوادر الوطنية في تربع سلم العمل في هذا القطاع بشكل تدريجي، وبلوغ نسبة التعمين في شركات النفط والغاز الحكومية لـ 82% أحد المؤشرات الإيجابية رغم دقة العمل وحساسيته في هذا القطاع، ثم أن الجهات المعنية بالتعمين في الشركات الحكومية أو التي تساهم فيها الحكومة لا تكتفى بتحقيق تلك الغاية النبيلة بل هي تجعله أي التعمين معيارا في العديد من الجوانب عند تعاطيها مع المقاولين من الباطن ووضع الالتزامات الوطنية فوق كل اعتبار ومراقبة مسارات العمل ومزاياه حتى في شركات المقاولة لديها، وتحرص على الانتقال السلس للعمالة الوطنية من مقاول لآخر، إلا أن ذلك لا يظهر للعيان كتوضيح عملي لما يتجسد على أرض الواقع ووضع الأمور في نصابها ربما لعدم توافر الإدارة أو الإرادة الإعلامية الفاعلة في عكس هذه الجهود وتوضيحها للرأي العام.
وتقف المسؤولية الاجتماعية لقطاع النفط والغاز على رأس الأولويات فيمكن القول بأن هذا القطاع يقود المسؤولية الاجتماعية في البلاد ويضع أسسها الحقيقية من خلال ما يموله من مشروعات ذات صفة مستدامة وفي مجالات ذات علاقة بالمجتمع وخدمته على كافة الأصعدة والمستويات.
وهناك تجربتان يشار إليهما بالبنان في إطار المسؤولية الاجتماعية الأولى تجربة شركات الامتياز في المجتمعات المحلية التي تجسدها شركة تنمية نفط عُمان، والأخرى للمؤسسة التنموية لشركة الغاز الطبيعي المسال اللتان تحظيان بتقدير عالمي من خلال ما حصدتاه من جوائز وعبر الاستفادة من تجاربهما، إلا أن ذلك يبدو غير ظاهر للعيان بشكل جلي وليأخذ الأبعاد الوطنية والاجتماعية في الاعتبار ولتغدو مثل هذه التجارب محفزة للآخرين، فضلا عن إيجاد التوازن في إدارة الرأي العام في هذا الشأن.
ولم يغفل قطاع النفط والغاز مسؤولية الحفاظ على الصحة والسلامة والبيئة من خلال وضع السياسات المحكمة لهذا الجانب والاشتراطات الدقيقة فيها والإجراءات الحازمة في التعاطي مع هذا القطاع رغم حساسيه العمل فيه، إلا إن ‏ما حققه من تطورات في هذه الجوانب يعد إيجابيا بشكل عام مقارنة مع حجم العمل، إذ تشير التقديرات إلى أن ساعات العمل بلغت 316 مليون ساعة عمل عام 2018، منخفضة بـ 14 مليون ساعة عمل مقارنة بعام 2017، وانطلاقا من مبدأ الشفافية والوضوح فإن القطاع لا يتوانى في إعلان حالات الوفيات والإصابات في العمل أو حوادث السيارات، إذ بلغت حالات الوفاة في عام 2018، 3 حالات وفاة نتيجة الإخفاق في مجالات السلامة المهنية و 30 حادثا مروريا عام 2018، مقارنة بـ 57 حادثا مروريا عام 2017، والحوادث المضيعة للوقت 47 حالة في عام 2018، مقارنة بـ 60 حالة في عام 2017.
إن المرحلة القادمة تقتضي إظهار القيمة المضافة العالية لقطاع النفط والغاز بهدف انصافه وتعزيزه بشتى السبل الممكنة وإظهار الحقائق المتجسدة على أرض الواقع لما يساهم به في إطار الجهود الرامية لإحداث توازن في الرأي العام وتقدير ما يبذل من جهود تهدف إلى الارتقاء بهذا القطاع إلى ما نتطلع اليه، وتبديد سوء الفهم الذي يعتري الكثيرين، وفتح آفاق أمام أبنائنا ليسلكوا المسار الصحيح للعمل في هذا القطاع والاطلاع على الفرص المواتية به، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاستدامة في عكس العديد من المؤشرات وإظهار الحقائق وتسليط الأضواء باهرة على المنجزات وتوجيه الموارد إلى الطريق الصحيح بطرق أكثر إيحائية وغير مباشرة تعكس ما بثنايا هذا القطاع من إمكانات مسخرة لهذا الوطن وأبنائه.