حيازات لأراضي الدولة من يردعها؟!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/مارس/٢٠١٩ ٠١:٠٨ ص
حيازات لأراضي الدولة من يردعها؟!

علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تمنح فيه الدولة أراضي للمواطنين على اختلاف استخداماتها سكني، تجاري، سكني وتجاري، صناعي، وزراعي وفقا لقوانين المنح وقوانين الانتفاع في السلطنة، إلا أن ما يقض مضاجع الدولة هي (الحيازات غير القانونية) على اختلاف أنواعها وتعدد مشاربها، وقدرتها على التعدي على أملاك الدولة.
ففي ثمانينيات القرن الفائت تم تنظيم جوانب التملك على أسس تراعي كل الجوانب، إلا أن مثل هذه الممارسات لم تتوقف حتى الآن، ففي ظل عدم وجود الإثبات يتم اللجوء إلى طرق غير قانونية بغرض الالتفاف على الجهات المختصة، بل يصل بعضها إلى القضاء في منازعات مع الجهات الحكومية على أراضي حكومية لانتزاع أملاك الدولة وبادعاءات وحجج غير صحيحة وباطلة، الأمر الذي يتطلب الكف عن هذه الممارسات، على الأقل من باب اجتناب الشبهات، وحتمية الابتعاد من مستنقعات الحرام المشتعلة نارا على الدوام، والمفضية بالتأكيد لنار أخرى نزاعة للشوى.
فالسلطنة تعد وفق المؤشرات الدولية من أكثر الدول تمليكا للأراضي وبل تعد ثاني دولة في العالم بعد سنغافورة في تملك المساكن سعيا محمودا منها لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، ومع هذا وفوق هذا فإن البعض لا يزال يمارس القرصنة وبذات الوسائل للحصول على ما لا يستحقه بهتانا وإثما مبينا، لقد وصلت التعديات حتى على الطرق العامة التي يسلكها الناس في غدوهم ورواحهم، وعلى الأراضي المخصصة للمرافق العامة، ثم استطال الأمر لادعاء حيازة أراضي مملوكة لمواطنين من خلال البناء عليها وضمها إلى ممتلكاتهم واقتحام أراضي الغير، وبالتالي فإن العواقب والنتائج يمكننا وصفها بالوخيمة على كافة المستويات والصُعد.
ورغم الجهود الرسمية المبذولة لتنظيم إثبات وتسجيل تملك الأراضي في السلطنة من خلال منح الدولة للأملاك القائمة قبل العام 1970، بشرط وجود إثباتات وصكوك موثقة وقرائن تثبت ذلك، مقترنة بوجود اللجان المحلية لإثباتها في فترة من الفترات، ومن ثم تم إلغاؤها بعدما اتضح ارتكابها لأخطاء حادت بموجبها عن الطريق الذي يتعين عليها السير فيه، وما تبع ذلك من استحداث دائرة لإثبات تسجيل الأملاك بوزارة الإسكان بالوثائق التي تثبت الأحقية بالوارثة أو الصكوك الدالة وغيرها من طرق الإثبات، ومع كل هذه المساعي الحميدة لا يزال هناك من يصر على حيازة أراضي حديثة بطرق غير مشروعة، وبعد البدء بالاستعانة بالصور الجوية وبتطبيق جوجل إرث لمعرفة تاريخ حيازة الأرض، استطاعت وزارة الإسكان تحديد تاريخ حيازة الأراضي مما لا يدع للشك مكانا لرفض الحيازات غير القانونية.
إن التنسيق بين الجهات المختصة في ضبط هذه الممارسات بات أمرا تمليه الضرورة خاصة في المحافظات ذات الأراضي المفتوحة والولايات والأماكن الريفية التي تزداد فيها هذه الممارسات نتيجة لتواطؤ يتم مع بعض المنتفعين من الحيازات بعدم الإبلاغ عنهم ومنحهم إباحات بناء في أراض الغير بهدف وضع الجهات المختصة أمام الأمر الواقع، ويصل بعضها لساحات القضاء لتصدر المحاكم قرارات بهدمها وتسويتها بالأرض جزاء وفاقا.
ومن صور وإنماط الالتفاف المفضوحة قيام البعض بإنشاء عزب للحيوانات واستراحات بالمواد غير الثابتة في العراء، ولكنها سرعان ما تتحول إلى حيازات وأملاك، ثم يطالبون بتوفير خدمات لها رغما عن أنها غير مخططة أساسا وغير موزعة من جانب الجهات الحكومية، وهذه الحيازات تؤثر سلبا على التخطيط المستقبلي الجيد، وتزيد من العشوائيات، وترهق كاهل الحكومة في توصيل الخدمات دون تخطيط مسبق. متناسين الحديث الشريف القائل:
(من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين).
نأمل أن تتمكن الجهات المختصة من وضع حد لكل هذه الممارسات الخاطئة بنحو حاسم ونهائي، فهي تمثل سلوكا لا يشبه الحاضر ولا يشبه عُمان الحضارة والتحضر، فلا مكان في هذا الوطن للعشوائية والالتفاف مع سبق الإصرار والترصد على القانون وحقوق الدولة وحقوق المواطنين وبالنحو الذي صورناه عبر هذه المشاهد المحزنة.
(من اقتطع شبراً من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين) الحديث.