استكشاف إماراتي للفضاء

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/مارس/٢٠١٩ ١٠:١٨ ص
استكشاف إماراتي للفضاء

رايتشل ماك أرثر
اجتاز رائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي سلسلة اختبارات مكثفة أجراها مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء الذي يهدف إلى تدريب رواد فضاء إماراتيين للمشاركة في مهام علمية وبحثية في الفضاء. ويتلقى حالياً المنصوري والنيادي تدريبات مكثفة في مركز يوري غاغارين لتدريب رواد الفضاء في مدينة النجوم في روسيا للقيام بمَهمة إلى محطة الفضاء الدولية في 25 سبتمبر 2019، حيث سيتمكن أحدهما من الانضمام إلى طاقم البعثة الفضائية المكونة من ثلاثة رواد فضاء على متن مركبة سويوز أم أس الفضائية. وسيتمكن رائد الفضاء الإماراتي من تقديم جولة تعريفية باللغة العربية لمحطة الفضاء الدولية وذلك لأول مرة منذ إنشاء المحطة، بالإضافة إلى القيام بمهام علمية متنوعة.

من المؤكد أن الجميع يشعر بإثارة بالغة وهم يترقبون باهتمام كبير الإعلان عن اسم رائد الفضاء الإماراتي الذي سينطلق لهذه المهمة. كان رائدا الفضاء قد ظهرا للمرة الأولى في الأسبوع الأول من شهر مارس، وتحديدا خلال فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته الحادية عشر لعام 2019، حيث أزاحا الستار عن كتاب بعنوان «السباق نحو الفضاء»، الصادر عن مركز محمد بن راشد للفضاء.

طموح بلا سقف

لم يكن وصول رائدي الفضاء إلى هذه المرحلة من برنامج الإمارات لرواد الفضاء بالأمر اليسير، حيث كان عليهما بذل الكثير من الجهد والعمل الشاق ناهيك عن تقديمهما العديد من التضحيات ليضمنا الصعود إلى هذه المكانة المتميزة.
لقد وقع الاختيار على رائدي الفضاء المنصوري والنيادي من بين أكثر من 4000 مرشح، حيث استطاعا أن يجتازا بنجاح سلسلة من الاختبارات الذهنية والبدنية.
ويروي المنصوري-البالغ من العمر 35 عاماً وأب لأربعة أطفال- أن عشقه للفضاء بدأ وهو في سن مبكرة، حيث قاده شغفه الشديد بعلم الفلك إلى أن يصبح طياراً عسكرياً وأن يكون متميزا بين أقرانه.وتحلم ابنته مريم بأن يأتي اليوم الذي تروي فيه قصة كفاح والدها وكيف أصبح أول رائد فضاء إماراتي يسافر في مهمة إلى محطة الفضاء الدولية.
ورائد الفضاء الآخر النيادي-البالغ من العمر 37 عاماً وأب لأربعة أطفال أيضا-صاحب خلفية عسكرية.ويتقاسم النيادي وابنته ريم عشق كل ما يتعلق بعلوم الفضاء، ولذا فقد تحمس كثيراً للتقديم فور مشاهدته تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تطلب مرشحين للتقدم والانضمام لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء.
ويقول النيادي: «لقد كان السفر إلى الفضاء حلماً يراودني منذ الطفولة، حيث اعتدت النظر إلى صفحة السماء لمطالعة النجوم المتلألئة.وكنت استطيع تحديد درب التبانة من مواقع النجوم، وكانت تلك هي بداية عشقي وارتباطي بالفضاء». وقبل الانضمام لهذه المهمة الفضائية لجمع معلومات علمية، والتي تستغرق ثمانية أيام خلال شهر سبتمبر، يشارك الثنائي في برنامج تدريبي قاسِ في روسيا وتضمن جدول العمل الشاق تدريباً مُتقدماً مع طاقم المهمة الفضائية. وخلال تدريبات المحاكاة، تم تجهيز الثنائي لمختلف السيناريوهات التي قد تصادفهما خلال المهمة، ومن بينها عمليات الاطلاق والربط بالمحطة وإعادة الدخول والهبوط وتدريب البقاء على قيد الحياة في بيئة شديدة البرودة وغيرها من تدريبات النجاة التي سيخضعا لها قبل موعد المهمة.
وخلال معرض حديثه عن التشجيع الذي يتلقاه، يقول النيادي: «أعتقد أن دعم القيادة السياسية الرشيدة في بلادنا في المقام الأول علاوة على تحفيز أفراد عائلاتنا وأبناء شعبنا الإماراتي هو ما يدفعنا للمُضي قُدماً في كافة الإجراءات واجتياز التدريبات الأخرى».
ويتابع النيادي قائلا:»تلعب زوجاتنا دوراً كبيراً فيما وصلنا إليه، حيث عانين الكثير والكثير.ومن المعروف في حياة رواد الفضاء أنهم يقضون أوقاتاً طويلة بعيداً عن عائلاتهم، وبالتالي تتولى الزوجات مسألة رعاية الأطفال خلال تلك الفترات...لذا، تستحق الزوجات منا كل الاحترام والتقدير».
ومن جانبه، أشاد المنصوري بدور أسرته واصفاً دعمهم له بأنه «عامل مؤثر للغاية» في مسيرته.
وأضاف المنصوري قائلا: «لقد كان أطفالي يتابعون تقدمي في مراحل الاختيار، حيث يملؤهم حماساً شديداً أن يأتي اليوم كي يشاهدوني وأنا أسبح في الفضاء، حيث يتساءلون فيما بينهم كيف سأتمكن من القيام بذلك! أعتقد أنه انجاز كبير ومحط فخر بالنسبة لأسرنا أن يرونا نُجري التجارب ونقوم بعمل تقارير في الفضاء، وهم يتابعونا من الأرض». ويواصل رائد الفضاء المُتدرب المنصوري الحديث: «إن زوجتي تدعمني منذ البداية، حيث أنها تحرص على الاهتمام بكافة أمور أطفالنا وتسهر على راحتهم دون أن تطلب مني أي شيء، كي أتمكن من التركيز على الاختبارات والمهمة المٌقدم عليها». ويصف المنصوري هذه المهمة- التي يتطلع للقيام بها- بأنها «شرف» كبير أن يكون المرء موجوداً في هذه المكانة. وأوضح المنصوري: «سأحرص تمام الحرص على أن أنقل كل ما تعلمته وما سأراه وما سأمر به من خبرات للأجيال القادمة لما يعود بالنفع على بلادنا. إننا نعمل كفريق واحد لإنجاز هذه المهمة».
ومن ناحية أخرى، يضيف النيادي: «أياً كان الذي سيقع عليه الاختيار، فإننا في النهاية فريق واحد، ولدينا مهمة واحدة، ألا وهي أن نرفع علم الإمارات العربية المتحدة على متن محطة الفضاء الدولية».
وقد أكمل رائدا الفضاء الإماراتيين حتى الآن 50 في المائة من تدريباتهم، وسيواصلون التدريب حتى اليوم الذي ستنطلق فيه الرحلة.
وبمجرد الانتهاء من تحقيق هذا الهدف الكبير في سبتمبر المقبل، سينصب الاهتمام والتركيز على الخطوة التالية، وهي إرسال بعثة فضائية إلى كوكب المريخ، الأمر الذي سيتحقق بوصول «مسبار الأمل» إلى الكوكب الأحمر في عام 2021، تزامنا مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

كاتبة وصحفية