حفل اسطوري.. بطريقته..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٦/مارس/٢٠١٩ ١٠:١٩ ص
حفل اسطوري.. بطريقته..

د.لميس ضيف

احتلّ عرس إماراتي صدارة الأخبار في الأيام الماضية، ونشرت عنه وكالات كـ «رويترز» و«سي أن أن»؛ لا بسبب فخامته ولا بذخه. وتداول الناس اسم الإماراتي السودي سليمان الدرعي من العين باعتباره أفضل صهر، لا لأنه استقدم الفنانين واكترى الشعراء والمصممين لخلق ليلة لا تُنسى؛ بل لأنه فاجأ الشاب الذي عقد قرانه للتو على ابنته بطلب، إذ طلب منه أن يصطحب عروسه معه في تلك الليلة، إذ إن حفلة القران البسيطة التي كانوا قد أقاموها كانت كافية بنظره لإشهار الزواج ولا حاجة للمزيد. وقبل أن يردّ العريس على هذا الطلب المباغت، هلّل المدعوون ورفعوا أصواتهم للثناء على خطوة الأب.

ففي مجتمعات كمجتمعاتنا الخليجية، تربط العائلة فيها مكانتها ووجاهتها بمقدار ما يُقدم لبناتها من مهر وعطايا وما يُقام في الاحتفاء بالارتباط بهم -كعائلة- من ولائم واحتفالات تكلّف مبالغ تصل لسبعة أرقام. من الطبيعي أن يتفاجأ الناس بأن أبا لا يرى في هذا الإنفاق البسيط استنقاصا منه أو من ابنته.

يُذكر أن الشاب تردّد، وقال إنه لم يكن مستعدا لذلك، بتغيير الأثاث وتجهيز المسكن. ولكن الأب أصرّ على أن الزواج لا يحتاج لترتيبات خاصة، وقد تزوّج هو وأسلافه -قبل عصر النفط - بكل سعادة بلا كل هذه المظاهر الجوفاء. وقد نالت عفوية وأصالة الأب استحسان الجميع، وتمّ تداول الخبر على نطاق واسع، وعلّق الشباب بكثافة على وسم الخبر؛ كونهم يشعرون بوطأة تلك المظاهر الاجتماعية عليهم، وأغلبهم يضطر للجوء للبنوك والاقتراض من أجل مراسم الزفاف، ولا يضمن كل ذلك حياة مستقرة كريمة للشابات، بل تضطر الواحدة منهن لتحمّل نصيبها من تلك الأقساط والأعباء لسنوات من عمرها وكل ذلك لتتباهى في ليلة واحدة وتُفرح الناس أكثر مما تَفرح هي وعائلتها أحيانا!

إن الطبقة المخملية، والتي لديها فائض وفير من الثروة، لديها الحق في أن تصطنع ليالي أسطورية وتحتفل بها إن شاءت. لكن الطبقة الوسطى، وهي الطبقة الأعرض في المجتمع، ليست مطالبة بمجاراة هؤلاء وربط الفرح والاحتفال بإنفاق أموال، لا يملكونها أصلا، بل هي مستعارة وستُعاد لأصحابها بفوائد أيضا!
بعض العائلات، وإنْ لم تكن بحاجة لشيء، ترى في تلبية طلباتها في الزواج تقديرا للمرأة. ولو كان الأمر كذلك لما بلغت معدلات الطلاق لدينا في الخليج أرقاما فلكية، وصلت في إحدى الدول لـستة طلاقات من كل عشر زيجات. هذا الأرقام المخيفة تعكس الجهل بحقيقة مؤسسة الزواج، المبنية على عواطف كارتونية وكبرياء صخري كثيرا ما يفتت العواطف في أول معترك.