النفقة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٦/مارس/٢٠١٩ ١٠:١٨ ص
النفقة

ريم بنت نور الزدجالية

تعد النفقة أحد أهم المواضيع التي تعد محور الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة، وتحدث القانون العماني في المادة (37) من قانون الأحوال الشخصية عن حقوق الزوجة على زوجها ومن ضمن هذه الحقوق حق النفقة، كما أعطى القانون للمرأة حقها في التصرّف فيما تملكه من أموال وعدم التعرّض لأموالها الخاصة، فلها حق التصرّف فیها بحرّيّة مطلقة وعدم التعرّض لأموالها بما يضرّ بها مادیا أو معنویا.

فنجد أن المرأة المتزوجة تجب النفقة عليها من زوجها منذ بداية عقد الزواج وفقا للمادة 49 من قانون الأحوال الشخصية ولو كانت ميسورة الحال، وقد أعطى القانون بعض الاستثناءات التي يحق فيها للزوج الامتناع عن الإنفاق على الزوجة، في حال إذا منعت نفسها عنه أو امتنعت عن الانتقال إلى بیت الزوجیة بدون عذر شرعي، أو إذا تركت بیت الزوجیة بدون مبرر أو عذر شرعي، أو إذا منعت الزوج من الدخول إلى بیت الزوجیة بدون عذر شرعي أو إذا امتنعت من السفر مع زوجها بدون عذر شرعي.

والنفقة في القانون تشمل الطعام، والكسوة، والمسكن، والتطبیب، وكل ما به مقومات حیاة الإنسان، حسب العرف مثل مصاريف العلاج وغير ذلك مما وجبه الشرع. ويراعى في تقدیر النفقة سعة المنفق، وحال المنفق علیه، والوضع الاقتصادي زمانا ومكانا، وفي حال كانت النفقة مستمرة فیجوز زیادتها أو إنقاصها تبعا لتغیّر الأحوال والظروف.
أما إذا كانت النفقة عن طريق حكم قضائي من خلال مطالبة قضائية فلا تسمح دعوى الزیادة أو النقصان قبل مضي سنة على فرض النفقة إلا في ظروف استثنائية، وتحتسب زیادة النفقة أو نقصانها من تاریخ المطالبة القضائیة ويجوز للزوجة المطالبة بنفقة لا تزيد عن سنة سابقة إذا كان الزوج ممتنعا عن الإنفاق وذلك وفقا للمادة 50 من قانون الأحوال الشخصية، والتي تقضي بحق الزوجة في المطالبة بنفقة سنة سابقة كحد أقصى حال امتناع الزوج عن الإنفاق لعدة سنوات سابقة، ففي هذه الحالة تحكم المحكمة بنفقة سنة سابقة فقط كحد أقصى على تاريخ المطالبة القضائية دون باقي السنوات. أما المرأة المطلقة فلا تستحق النفقة ولكن تستحق للأبناء فقط حال وجود أبناء. وتجب النفقة على الولد الصغیر الذي لا مال له على أبیه، والفتاة حتى تتزوج وعلى الولد الكبیر، العاجز عن الكسب لعلو أو عاهة أو غیرها على أبیه، إذا لم یكن له مال یمكن الإنفاق منه وتعود نفقة الأنثى على أبیها أو من تجب علیه نفقتها إذا طلقت أو مات عنها زوجها ما لم یكن لها مال.
ومن ضمن الإشكاليات التي قد تواجهها المرأة المطلقة أو التي تطلب الطلاق إشكالية المدة التي يتم البت فيها في دعاوى النفقة، ولهذا أعطى قانون الإجراءات المدنية والتجارية في المادة (284) الحق للمحكمة التي تنظر دعوى النفقة في أن تصدر أحكاما مؤقتة واجبة النفاذ وهو ما يسمى بالنفقة المؤقتة، وأيضا تضمنت المادة 51 من قانون الأحوال الشخصية ذات الأمر حيث نصت على (للقاضي أن يقرر بناءً على طلب الزوجة نفقة مؤقتة لها، ويكون قراره مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون)، ويصدر القرار بصفة مؤقتة، ويلزم فيه الزوج بدفع نفقة شهرية مؤقتة لحين الفصل في الموضوع بشكل نهائي وصدور الحكم، والنفقة المؤقتة عبارة عن مبلغ يقدّره القاضي لحين الفصل في الدعوى ويمكن للمرأة أن تنفذ القرار في قسم التنفيذ في بالمحكمة المختصة.
وليس هناك في قانون الأحوال الشخصية ما يلزم القاضي بالحكم بنفقة معيّنة للزوجة أو المطلقة أو الأبناء وفق نسبة محددة من دخل الزوج أو الأب، وإنما يحكم القاضي بالنفقة وفق تقديره الشخصي وحسب ظروف كل دعوى؛ ففي بعض الأحيان يقدّر القاضي مبلغا بسيطا للنفقة والمسكن معا مما يتسبب في تعرّضها لبعض الضغوط المادية والمعنوية لعدم كفاية المبلغ المحكوم به مما يثقل عليها تحمل أعباء الحياة. وعلى الرغم من ذلك فقد وضع المشرع العماني في قانون الأحوال الشخصية الضمانات الكافية لحفظ حقوق المرأة المتعلقة بالنفقة، فنجده قد أجاز لها المطالبة بزيادة النفقة وفق شروط محددة نصت عليها المادة (46)، ففي حال طالبت بزيادة مبلغ النفقة عن المبلغ المحكوم به سابقا لا بد من وجود أسباب قوية تستدعي معها القضاء لها بزيادة مبلغ النفقة، حتى وإن أقامت دعواها قبل مرور عام على الحكم السابق قضى لها بالزيادة طالما توافر لديها ما يدعم طلبها من أسباب، وقاضي الموضوع هو من يقدّر تلك الأسباب ومدى جديتها وفقا لما يُقدم له من مستندات وأدلة توجب معها القضاء بالزيادة.
ووضح قانون الإجراءات المدنية والتجارية في المادة رقم (418) الإجراءات التي تتمّ في مواجهة من يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ فقد أعطى الحق لقاضي التنفيذ بإصدار أمر حبس في مواجهته مدة لا تزيد على شهرين قابلة للتجديد لمدد أخرى، على ألا تتجاوز الأشهر الستة لمن له إقامة مستقرة ومعلومة، وإذا استمر في امتناعه عن تنفيذ الحكم بعد انقضاء تسعين يوما من إخلاء سبيله يجوز الأمر بتجديد حبسه.
كما تصدى أيضا قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/‏ 2018م، بوضع عقوبة رادعة لمن يمتنع عن أداء النفقة؛ فيحق لطالبة التنفيذ الحصول على رسالة من قاضي التنفيذ تفيد امتناعه عن أداء النفقة المستحقة، ومن ثم تتقدم بشكوى جزائية ضد المنفذ ضده لدى الادعاء العام المختص بموجب نص المادة (280) من قانون الجزاء العماني، وتنقضي الدعوى الجزائية في حقه أو توقف تنفيذ العقوبة حال سداد النفقة المستحقة. إن المشرع العماني قد كفل للمرأة كافة الضمانات القانونية للحفاظ على حقوقها وحقوق أبنائها المتعلقة بالنفقة، وتصدى من خلال عدة قوانين لكل من تسول له نفسه الاستهانة بأحكام النفقة، والامتناع عن تنفيذها، مما يضمن للمرأة ولأبنائها حقوقهما المالية.

محامية