أسمدة من بقايا الطعام

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/مارس/٢٠١٩ ٠٩:٥٤ ص
أسمدة من بقايا الطعام

مات سميث

أطلقت أم ليبية لثلاثة أبناء شركة ناشئة حائزة على جوائز تستخدم بقايا الطعام والنباتات وتحولها إلى سماد عضوي يعتمد عليه المزارعون وبائعو الزهور والبستانيون على حد سواء. استغرقت سالمة قويدر سنواتٍ عدةٍ في التحضير لفكرة شركتها، إذ لطالما كانت رائدة الأعمال –التي درست الأحياء- مؤمنةً بأهمية إعادة التدوير، وفي عام 2008 أنشأت منظمة غير حكومية تُدعى «بادر للمعلمين»، التي استضافت من خلالها ورش عمل متعلقة بالبيئة في المدارس والجامعات بمسقط رأسها طرابلس.

واضُطِرت قويدر إلى وقف عملها في ظل الفوضى العارمة التي اجتاحت ليبيا بعد الثورة، لكن ذلك لم يمنعها من استئناف دوراتها التدريبية في مجال إعادة التدوير أواخر عام 2012. وظل هذا هو محور مساعيها، حتى بدأت تصنيع الأسمدة في منزلها عام 2017، لتبيع منتجها النهائي في محل أحد أصدقائها لبيع الزهور. اكتسبت الأسمدة شعبية هائلة دفعت قويدر إلى إطلاق شركة ناشئة تُدعى «دُبال»؛ لتحول ما كان مجرد هواية إلى مهنة في العام ذاته.

وقالت قويدر، التي لديها ابنان وابنة بالغون: «يمكن أن تساعد دوبال في تقليل الانبعاثات الكربونية التي يسببها البشر، وهذا هو الإرث الذي أريد تركه لعالمنا. لا يقتصر الهدف من دُبال على مجرد إنتاج الأسمدة وبيعها، إنها تهدف إلى زيادة الوعي حول كيفية التعامل مع النفايات وكيفية حماية البيئة. وهي تهدف أيضًا إلى تمكين المرأة وستساعد في بناء مستقبل أفضل للمرأة العاملة». تُعد خطة عمل دُبال بسيطة نسبيًا، إذ تتفق الشركة مع تجار الخضروات والفواكه على جمع الخضروات والفواكه غير المباعة، فضلًا عن بقايا الشاي والقهوة من المقاهي، في حين يجمع فريق قويدر أيضًا أوراق الأشجار المتساقطة وقشر البيض.
وتُوضع هذه النفايات في حاوية جيدة التهوية يبلغ ارتفاعها متر واحد لتخميرها مدة 2-3 شهور. وخلال عملية التخمير، تُخلط الأوساخ بالنفايات أسبوعيًا لتوفير البكتيريا اللازمة لتسريع العملية، ثم يُجفف السماد. إجمالًا، تستغرق العملية نحو ثلاثة شهور لكي يصبح السماد جاهزًا للاستخدام. غالبًا ما تستغرق هذه الكمية من النفايات نحو 2-3 شهور لتتحول إلى 60 كيلوغرامًا من السماد، ويكون لدى الشركة العديد من هذه الكميات في أي وقت من العام؛ حتى تتمكن من توفير إمدادات ثابتة من الأسمدة.
وأضافت قويدر:» كان التحدي الأكبر هو إقناع الناس بفصل نفاياتهم إلى مواد عضوية وأخرى قابلة لإعادة التدوير. كان علينا التوقف عن جمع النفايات العضوية من المنازل ولجأنا إلى أصحاب محلات البقالة والمقاهي بدلًا من ذلك. لا يُعد هذا النوع من إعادة التدوير معروفًا أو مألوفًا في ليبيا، وقوبل بسخرية من العديد من الأشخاص بسبب قلة معرفتهم بشؤون البيئة». ومع زيادة الطلب عن العرض، تخطط دُبال إلى تركيز عملياتها فقط في مدينة طرابلس –مسقط رأس قويدر- خلال الوقت الحالي قبل توسيع نشاطها خارج العاصمة الليبية، إذ كانت الشركة بحاجة إلى القليل من المال لبدء عملياتها، لكنها ستحتاج إلى مزيد من الاستثمار؛ لزيادة الإنتاج وتوسيع نطاق توزيع منتجاتها.
وتشمل قاعدة الزبائن الرئيسية للشركة كل من البستانيين وأصحاب محلات الزهور والمزارعين التجاريين، بالإضافة إلى الشركات والمؤسسات الخاصة الصديقة للبيئة. تحتوي الأسمدة –التي تُصنف بأنها أسمدة عضوية 100% على كل العناصر الغذائية اللازمة لنمو النباتات دون الحاجة إلى أي تربة أو سماد آخر. وتُوزع هذه الأسمدة على المحلات في مدينة طرابلس، إذ لا تمتلك شركة دُبال أي متجر خاص بها.
وبالإضافة إلى تحقيق الكثير من المبيعات، تستقطب دُبال المعجبين بفكرتها من مجتمع الأعمال. إذ حصدت الشركة جائزة أفضل فكرة مشروع في معرض ليبيا للمشروعات الصغرى 2018، وهو الحدث الذي ذهبت ثلاث من جوائزه الكبرى إلى ثلاث رائدات أعمال.
وعلقت قويدر على فوزها بهذه الجائزة قائلةً: «كان شعور الفوز رائعًا، خاصةً أن مثل هذه الأفكار تُعد جديدة هنا في ليبيا. لم يصدق بعض الأشخاص في المعرض أننا ننتج تربة عضويةً، واعتقدوا أنها حبيبات من القهوة». وتعمل قويدر بدوام كامل في دُبال، ويعاونها شريكان بدوام جزئي وهما: محمود الشاويش –رائد أعمال ومهندس- وعلاء شعيب – خريج اقتصاد ورائد أعمال. واختتمت قويدر حديثها قائلةً: «تحقيق التوازن بين عملي ورعاية عائلتي ليس صعبًا؛ لأنني أحب عملي، وبالتالي لست أعاني في الحفاظ على هذا التوازن».

كاتب وصحفي