معرض مسقط للكتاب غير!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٧/فبراير/٢٠١٩ ٠٦:٥٩ ص
معرض مسقط للكتاب غير!

علي بن راشد المطاعني
مع كل عام جديد يطل علينا معرض مسقط الدولي للكتاب وهو يرتدي حلة جديدة بما يحفل به من مشاركات كبيرة لدور النشر، والفعاليات الثقافية والفكرية والفنية الرائعة التي تشهدها ايام المعرض الثقافية تجتذب الآلاف من المعجبين ومرتادي المعرض ومتذوقي الفنون على اختلافها، فهذا المعرض أصبح تظاهرة ثقافية وفكرية كبيرة يحظى بإعجاب من قامات من الكتاب والأدباء والفنانين الزوار من خارج السلطنة لما لحظوه من تحول كبير ونوعي في هذه التظاهرة التي تعج بكل أطياف الأدب والفكر والفن في السلطنة في هذه الأيام الجميلة التي تعيشها مسقط في ازهى أوقاتها الشتوية الرائعة، هو ما يدعونا أن نسجل كلمات الاشادة والإعجاب لهذا التطور الكبير الذي تتزين به مسقط العامرة.
بل مع كل خطوة يخطوها معرض مسقط للكتاب بمزج الثقافة والفن تدوي قاعة مركز عمان للمؤتمرات والمعارض بالتصفيق من قبل جموع المعجبين (المستانسين) بهذا الألق العُماني الثقافي المتفرد الذي يجمع بين الاداب والفكر والفن في ليال رائعة يلتقي فيها محبو هذه الثقافة والفن.
وكلنا نعلم بأن للسلطنة الفضل في نشر الدين الإسلامي والعلوم الإسلامية في أجزاء واسعة وشاسعة من قارة إفريقيا؛ فالعمانيون هم الذين ركبوا البحر وروضوا أمواجه العاتيات منذ عهود سحيقة مضت وخلت، وهم فعلوا ذلك لعلم رضعوه من أثداء الكتب أصلا وبدءا.
على صدى هذه الحقائق التي ترن في الآذان كطبول، كان معرض مسقط للكتاب وفي دورته الجديدة يستقبل ضيوفه من داخل البلاد وخارجها على الرحب والسعة، كان يتحدث بلسانه ذاك الفصيح والبليغ بأنه الأعرق على الإطلاق وأنه الأهم ما في ذلك شك، وأنه بهذا البهاء لأن هذه الأرض هي المنبع الأول للفكر وللثقافة والفنون منذ الأزل. لقد أضحى المعرض بالفعل محطة يُشد إليها الرحال، وظاهرة ثقافية تقترب من أن نقول إنها كونية، نقول ما نقول وبين ظهرانينا كُتّاب وأدباء ومفكّرون من الأوزان الثقيلة هم ضيوف المعرض الأعزاء ولهذا فهو كما وصفنا لا أقل ولا أكثرا.
وقد أضفت الفعاليات الفنية والفكرية الكثير التفاعل من مرتادي معرض مسقط للكتاب واجتذبت المئات من الجماهير متذوقي الفن ومتابعي الفكر وامتلأت ساحات وقاعات الفعاليات ‏بالجماهير التي تابعت باهتمام كبير ما يُطرح من آراء وأفكار تستوعب كل التوجهات الثقافية والفنية من مختلف المدارس الفكرية.
وإذا كنا نرى الزوار وهم يحملون أرتال الكتب متوجهين بها صوب بيوتهم لتنير لهم الغرف والصالات والردهات ومن قبلها يستمدون منها رحيق الوجود ثقافة وإدراكا وعلما، لقد اختبر المعرض كفاءة مركز عُمان للمؤتمرات وقدرته الاستيعابية على استقبال حشود المثقفين العطشى للاستزادة من ينابيع الشهد، كانوا يتوافدون من الصباح الباكر حتى العاشرة مساء وهم يحدقون في عناوين الكتب بفرح ومسرة، ثم يبذلون المال في رضا وسعادة، وبذلك فقد أكّد لنا الواقع المُعاش من داخل أروقة المعرض كذب المزاعم القائلة إن الناس قد هجروا الكتاب وأداروا ظهورهم له بغير رجعة، فإن كان قد حدث في أماكن أخرى من العالم فإن هذا الزعم قد انهار تماما في مسقط، لقد قال العُماني كلمته وكانت واضحة ولا غموض أو لبس فيها وهي إنه مثقف ومحب بل وعاشق للكتاب وإنه لا يزال كما كان منذ الأزل، هنا دانت الريادة لعُمان وللمثقف.
وقد أكد المعرض أيضا بأنه المناسبة الأهم للإصدارات الجديدة من الكتب وفي كافة صنوف المعارف، وأن المبدعين باتوا ينتظرون الدورات الجديدة للإعلان عن إبداعاتهم الفكرية الجديدة، أليس ذلك رائعا بالفعل وشرف ما بعده شرف لمسقط وللتاريخ أيضا، لقد انعقد لواء الفكر المتجدد لمسقط، هكذا كتب التاريخ ونحن حضور وشهود.
بالطبع مهما تحدثنا عن معرض مسقط للكتاب لن نوفيه حقه في كل جوانبه ليبقى أكبر من أي وصف أو إطراء، وفي هذه العجالة لا يمكن أن نختزل كل ما نشهده يوميا من تطور كمي ونوعي في هذا المحفل الثقافي الرائع.
نأمل أن يستمر معرض مسقط على ذات النهج وأن يواصل انطلاقته التي لا تلوي على شيء من أجل عيون العلم ومن أجل أن يظل الكتاب في حياتنا كما كان هاديا ومرشدا.