إمارة.. البطلة الخارقة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/فبراير/٢٠١٩ ٠٣:٤٣ ص
إمارة.. البطلة الخارقة

مي رستم

مما لا شك فيه أن الذكورية تسيطر على عالم القصص المصورة. فإذا نظرنا إلى نسبة البطلات الخارقات سنجد أنها لا تشكل إلا حوالي 29.3 % فقط من قائمة شخصيات دي سي (DC)، و24.7 % من قائمة مارفل. كما سنجد أنه عادة ما يتم تجسيد تلك الشخصيات الخارقة بأزياء كالملابس الضيقة والكعوب العالية، بعيدة كل البُعد عن الفتاة العربية، وربما تناسب القراء الذكور فحسب. وترى فاطمة المهيري ضرورة تغيير تلك الصورة النمطية للبطلات الخارقات.

وأضافت: «أردت أن أصنع شخصية قريبة منا ومن عاداتنا، ولها أصل في ثقافتنا العربية، وذلك سوف يُكسب الأطفال الشعور بالانتماء والإحساس بالهوية، فهم لا يستطيعون تكوين أي روابط ثقافية بالأبطال الخارقين التقليديين».

وكانت الفنانة فاطمة المهيري هي من رسمت ملامح شخصية «إمارة» -وهي فتاة إماراتية خارقة اسمها موزة، ترتدي ملابس بألوان علم الإمارات العربية المتحدة، فستان أخضر، وقبعة حمراء، وبنطال أسود، وقفازات وأحذية بيضاء- بطلة مُحجبة تحارب الجريمة وتنقذ الأبرياء. وأوضحت المخرجة المُبدعة: «ترتدي إمارة حجابًا يعبر عن تعاليم الإسلام بوجه عام، بينما تظهر أمها وهي ترتدي الحجاب الإسلامي الذي يعكس الثقافة الإماراتية، حيث يُظهر الحجاب جزءًا من شعرها. فلا يوجد ما يمنع ظهور إحدى الشخصيات بالشكل الذي يتلاءم مع ثقافتها، فتلك الشخصيات ترتدي ما يناسبها من أزياء بالطريقة التي تحب، ويبدو ذلك منطقيا للغاية».

بدأت قصة تألق فنانة الرسوم المتحركة فاطمة المهيري عندما أخذت أولى خطوات النجاح وقررت ترك الكلية والالتحاق بأكاديمية كارتون نتوورك للرسوم المتحركة في أبو ظبي (CNAA). حيث تعلمت الفنانة الطامحة كل شيء أرادت معرفته عن إنتاج الرسوم المتحركة عن طريق الممارسة والتعلم الذاتي.

ثم انضمت لاحقًا للعمل في إيتنج ستارز ستوديو (Eating Stars Studio)، وهو ستوديو متعدد الثقافات لإنتاج مسلسلات الرسوم المتحركة، وواصلت فيه رحلتها العملية نحو النجاح، حتى فازت فاطمة في سن التاسعة عشرة، بجائزة الرسوم المتحركة التي تقدمها مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، عن قصتها المُصورة المُكونة من أربع صفحات بعنوان «أنا وماري»، حول العلاقة الوطيدة بين فتاة صغيرة ومربيتها.
ولكنها لم تكتفِ بهذه الجائزة فحسب بل طمحت إلى المزيد.
واستطردت قائلة: «لقد ترعرعت وحولي الكثير من الفنانين والكُتاب، وأولهم والدتي (صالحة الغرير)، التي تهوى الرسم، لكنني لم أبدأ صقل مهاراتي في الرسم حتى عامي الدراسي الأخير في المدرسة الثانوية، ثم في أكاديمية كارتون نتوورك للرسوم المتحركة في أبوظبي (CNAA). وقد عملت على مشروع «إمارة» مع فريق قوامه ثلاثة عشر عضواً يعملون بدوام كامل، كما ضم الفريق العديد من الأعضاء الذين يمارسون عملهم كمستقلين. «أردنا أن نصنع شيئًا يشبه الرسوم المتحركة التي اعتدنا مشاهدتها، ونشأنا على حبها؛ رسوم متحركة ذات طابع كلاسيكي ولكنها تتماشى في الوقت نفسه والموضة العصرية الجذابة إقليميًا وثقافيًا». وكما ذكرت الفنانة: «لقد لاقت الحلقة الأولى من «إمارة» قبولاً وترحيبًا كبيرًا من الجماهير، وحصدت أكثر من 400 ألف مشاهدة على موقع يوتيوب».
«أظن أن مشاهدة أي رسوم متحركة تُعبر عن ثقافة منطقتنا العربية أمر يُسعد الكثيرين، لذلك لقي «إمارة» إعجاب ودعم المشاهدين بشكلٍ لافت. وقد ساعد عرض «إمارة» على يوتيوب بلغتين في جذب انتباه الفتيات في جميع أرجاء المعمورة. وقد تلقينا طلبات لعرضه بترجمات مرئية مصاحِبة باللغة الإسبانية لأننا حظينا بقاعدة جماهيرية عريضة في أمريكا الجنوبية».
وللأسف، فقد توقف مشروع المسلسل الكامل من الحلقات القصيرة، الذي كان من المُقرر إطلاقه منذ أكثر من عام؛ وذلك لنقص التمويل اللازم لدعم الإنتاج. لكن فاطمة ترفض الاستسلام، وتظن أنه بالإمكان فعل الكثير لتحسين صناعة الرسوم المتحركة في المنطقة العربية. وألمحت قائلة: «يحتاج المبدعون إلى تيسير الحصول على التمويل اللازم، وأظن أن القنوات التلفزيونية المحلية وبعض الجهات الحكومية بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لإتاحة الفرص التي تسمح للمبدعين بالتواصل مع تلك الجهات وبالتالي عرض أفكارهم ومشروعاتهم».
«هذه فعلاً معاناة حقيقية وأعتقد أن الكثيرين من فناني الرسوم المتحركة في منطقتنا يوافقوني الرأي».
ونتوقع مزيدا من التطور والتقدم في هذا الشأن كي تُتاح الفرصة لعرض الأعمال الفنية الرائعة.

محررة موضوعات اجتماعية ومنوعة