صراع المساعدات

الحدث الاثنين ٢٥/فبراير/٢٠١٩ ٠٤:٤٠ ص
صراع المساعدات

كاراكاس -أ ف ب:

تحول إدخال مساعدات إنسانية إلى فنزويلا في إطار عملية محفوفة بالمخاطر للمعارضة الفنزويلية الى فوضى دامية، بعد إطلاق القوات الحكومية الفنزويلية النار على متظاهرين وإضرام النار في شاحنات محمّلة بالمساعدات.

وقتل شخصان أحدهما فتى يبلغ من العمر 14 عاما عند الحدود بين فنزويلا والبرازيل، حيث يمنع الجيش الفنزويلي دخول قوافل المساعدات، وفق ما أعلنته منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان.
وجرح المئات عند المعابر الحدودية مع كولومبيا خلال محاولات لإدخال مساعدات.
وكان زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو قد حدد السبت مهلة أخيرة لتسليم فنزويلا مساعدات من المواد الغذائية والأدوية مكدسة في كولومبيا والبرازيل. وهناك أيضا مساعدات عالقة في جزيرة كوراساو في البحر الكاريبي.
وتحولت هذه المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة بصورة رئيسية الى محور رئيسي في الصراع بين مادورو وغوايدو رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية البالغ 35 عاما والذي اعلن نفسه رئيسا انتقاليا قبل شهر بالتحديد.
وتعيش فنزويلا أزمة إنسانية أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر بسبب الركود الاقتصادي والتضخم المفرط. واضطر قارب يحمل مساعدات من جزيرة بورتوريكو الأمريكية الى أن يعود أدراجه بعد تلقيه «تهديدا مباشرا بإطلاق النار» من الجيش الفنزويلي، وفق ما ذكره حاكم بورتوريكو ريكاردو روسيللو الذي اعتبر هذه الخطوة «انتهاكا خطيرا لمهمة إنسانية» وأمراً «مثيراً للغضب لا يمكن قبوله». كما أحبطت محاولات المئات من المتطوعين الذين كان معظمهم بلباس أبيض لإدخال المساعدات عبر الحدود الكولومبية بعد أن صدتهم قوات مادورو.

مواجهات عنيفة
ومنذ الفجر منع الحرس الوطني الفنزويلي المحتجين في مدينتي أورينيا وسان أنطونيو من التحرك، مطلقا باتجاههم الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وكان بالإمكان سماع أصوات إطلاق النار في شوارع أورينيا خلال أعمال شغب امتدت لساعات. وقال الدفاع المدني في كولومبيا أن ما لا يقل عن 285 شخصاً أصيبوا بجروح في مواجهات عند المعابر الحدودية. وأمرت كولومبيا لاحقا شاحنات المساعدات بالعودة من المناطق الحدودية بعد حصول أعمال العنف.

ومعظم الجرحى من الفنزويليين الذين كانوا يحاولون الدخول الى بلادهم حاملين صناديق المساعدات، قبل أن يصدهم الجنود الفنزويليون الذين يغلقون الحدود.
لكن الحادثة الأخطر وقعت على بعد مئات الأميال قرب نقطة عبور سانتا ايلينا دي اويرين عند الحدود الجنوبية مع البرازيل.
فقد قتل شخصان وجرح 31 عندما منع جنود دخول المساعدات باطلاق النار على المدنيين الذين يأملون بجمعها، وفق منظمة فورو بينال الحقوقية.
وقال غوايدو للصحافيين في كوكوتا حيث كان ينظم دخول المساعدات «انهم يقترفون مجازر بحق الفنزويليين في سانتا ايلينا دي أويرين وسان أنطونيو، حيث منعوا منذ السابعة صباحا الفنزويليين من التجمع لاستلام المساعدات وادخالها».
واضاف: «منذ تلك اللحظة نشروا جنودا غير نظاميين في المناطق الفنزويلية وأطلقوا النار في محاولة لإيقاف أمر محتم يستحيل إيقافه».
وأوقف مناصرو مادورو شاحنتين محملتين بالمساعدات بعد عبورهما للعوائق عند جسر حدودي واضرموا بهما النار، ليتصاعد الدخان الأسود فوق سماء معبر سانتاندير الذي يربط كوكوتا الكولومبية بأورينيا الفنزويلية.

مادورو يواجه التحدي
ورفض الزعيم اليساري مادورو بشكل كلي دخول المساعدات التي وصفها بأنها مجرد استعراض وذريعة لغزو أمريكي لبلاده. وبعدما أثار دعم كولومبيا لغوايدو غضبه، أعلن مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية مع بوغوتا، وأمهل الدبلوماسيين الكولومبيين 24 ساعة للمغادرة.

وقال مادورو أمام حشد من أنصاره في كراكاس «لن أنحني ولن استسلم. سأدافع دائما عن بلدي ولو استلزم ذلك أن أبذل حياتي»، وذلك بعد أن أنهى الحشد مسيرة في شوارع المدينة وهو يحمل شعار «ارفعوا أيديكم عن فنزويلا». ويحتاج نحو 300 ألف فنزويلي الى مساعدات عاجلة وفق غوايدو الذي يطالب بانتخابات جديدة لاتهامه مادورو بتزوير الانتخابات السابقة لضمان إعادة انتخابه.
وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن حوالي 2,7 مليون شخص قد فروا من فنزويلا منذ عام 2015، وأن حوالي 5 آلاف فنزويلي يغادرون بلدهم يوميا.

ضغوط دولية

وتتصاعد الضغوط الدولية على نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا، مع توعد الولايات المتحدة بـ»اتخاذ إجراءات» لدعم زعيم المعارضة خوان غوايدو، غداة يوم شهد أعمال عنف على حدود البلاد.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في تغريدة أن «الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات ضد هؤلاء الذين يعارضون إعادة الديموقراطية بشكل سلمي في فنزويلا. الآن هو وقت التحرك لدعم احتياجات الفنزويليين اليائسين».
ووصف بـ»العصابات» قوات الأمن الفنزويلية التي قمعت بشدة تظاهرات السبت، ما أوقع قتيلين بحسب المنظمة غير الحكومية «فورو بينال» المعارضة لحكومة الرئيس مادورو، وأكثر من 300 جريح من بينهم كولومبيون وفق حكومة بوغوتا ومصادر مختلفة.
وروى إدينسون سيسنيروس الذي جرح في مواجهات على جسر حدودي قطعته قوات من الحرس الوطني البوليفاري بين أورينيا الفنزويلية وكوكوتا الكولومبية، متحدثا لوكالة فرانس برس «أطلقوا غازات مسيلة للدموع، الكثير من الغازات، لم نتمكن من الصمود، كانت قوانا تضعف. وفيما كنا نحاول استعادة أنفاسنا، أطلقوا النار علينا».

الشاحنات تعود أدراجها
من جهة أخرى، عادت سفينة أدراجها بعد إبحارها من بورتوريكو محملة بمساعدات، إثر «تلقيها تهديدا مباشرا بإطلاق النار» من البحرية الفنزويلية، على ما أعلن حاكم الجزيرة الأميركية ريكاردو روسيلو.

وفي تحد لمادورو، انتقل غوايدو الجمعة إلى كولومبيا رغم أمر قضائي صادر بحقه يمنعه من مغادرة أراضي فنزويلا، وأكد أن الجيش الذي يشكل عماد النظام التشافي «شارك» في عملية خروجه.
ودعا السبت من مدينة كوكوتا الكولومبية القريبة من الحدود الأسرة الدولية إلى «درس كل الاحتمالات» لمواجهة مادورو.
وأعلن أنه سيشارك الإثنين (اليوم) في بوغوتا في اجتماع تعقده «مجموعة ليما» المؤلفة من 14 بلدا من القارة الأميركية معظمها معارضة لمادورو، لبحث الأزمة في فنزويلا. واعلن وزير الخارجية الكولومبي كارلوس هولمز تروخيلو أن «هذا العمل السلمي والإنساني تعطل انطلاقا من فنزويلا في ظل نظام مادورو المغتصب، مع قمع عنيف وغير متناسب». وفيما دارت مواجهات على الحدود، جرت تظاهرتان متنافستان في كراكاس، الأولى بمشاركة محتجين ارتدوا ملابس بيضاء دعما لغوايدو، والثانية بملابس حمراء دعما لمادورو.

اخرجوا أيها الأوليغارشيون

وتجمع الآلاف من أنصار غوايدو أمام المطار العسكري في لا كارلوتا لمناشدة الجيش السماح بمرور المساعدات.
وأعلن مادورو في خطاب ألقاه أمام الآلاف من أنصاره قطع العلاقات الدبلوماسية مع بوغوتا، وأمهل الدبلوماسيين الكولومبيين 24 ساعة للمغادرة معلنا «اخرجوا أيها الأوليغارشيون». غير أن رئيس كولومبيا إيفان دوكي الذي وصفه مادورو بـ»الشيطان»، يعتبر غوايدو الرئيس الوحيد في فنزويلا حاليا.
وذكرت السلطات الكولومبية أن ما لا يقل عن ستين عسكريا فنزويليا بينهم عدد من الضباط فروا السبت وانتقلوا بدون أسلحتهم إلى كولومبيا حيث طلبوا اللجوء.
وعرف أحد العسكريين عن نفسه بأنه «الميجور هوغو بارا» وهو يرتدي بدلة القوات المسلحة الوطنية البوليفارية. وقال للصحافة: «إنني أعترف برئيسنا خوان غوايدو وسأكافح مع الشعب الفنزويلي في كل مرحلة».