الخبير العسكري المصري اللواء نبيل ابوالنجا في حوار شامل مع " الشبيبة" ( 1 ) المصالحة مع الاخوان "امل مرهون بشروط صعبة "

الحدث السبت ٢٦/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٥٧ م
الخبير العسكري المصري اللواء نبيل ابوالنجا في حوار شامل مع  " الشبيبة" ( 1 )
المصالحة مع الاخوان "امل مرهون بشروط صعبة "

مسقط – محمد البيباني
مرالمشهد المصري بمتغيرات عديدة على مدار خمس اعوام هي عمر الثورة ... شهدت العديد من التطورات التي كادت تعصف بالدولة المصرية ... ايام يطل فيها التشاؤم من تحقيق اهداف هذه الثورة تتخلله لحظات امل في ان الغد افضل وان ثمه شعاعا في نهاية النفق المظلم ....
الشبيبة التقت اللواء نبيل ابوالنجا المحلل العسكري والأمني والخبير في شئون مكافحة الإرهاب ومؤسس أول وحدة قتالية في الوحدة الإستراتيجية 999 قتال بوحدات الصاعقة المصرية وطرحت عليه تساؤلات حول اهم الملفات السياسية والامنية والعسكرية المصرية والعربية

- اثار تصريح للرئيس عبدالفتاح السيسي لمجلة جون افريك الفرنسية حول امكانية اصدار عفو رئاسي عن محمد مرسي جدلا واسعا خاصة انه جاء بعد تصريح للرئيس اكد فيه ان الاخوان هم جزء من المجتمع المصري ....
كيف تقرا هذه التصريحات وهل ترى انها من الممكن ان تكون مقدمة لامكانية تصالح النظام مع الجماعة ؟

إن فخامة الرئيس عندما أكد في حديثه لمجلة جون أفريك الفرنسية أن الإخوان هم جزء من المجتمع المصري فإن سيادته قد قال الواقع والحقيقة لأن النسيج الوطني المصري يشمل كافة أطياف المجتمع بإنتماءاته ودياناته وكل من يعيش على التراب الوطني له كافة الحقوق وعليه ما يطلب من واجبات بالتساوي بين الجميع وكل في موقعه.
ليس من المعقول في دولة عريقة مثل مصر أن يكون الوطن للمؤيد فقط وعلى المعارض ان يهاجر خارج الوطن أو يضطهد ويسجن وتسلب حقوقه, لكل إنسان الحق كل الحق في تأييد من يشاء ويعتقد فيما يشاء ويحب ويكره من يشاء لكن دون الإضرار بالآخرين ودون ترويع المواطنين والتآمر مع أعداء الوطن ودون تكوين جماعات إرهابية تقتل وتخرب وتهدد أمن الوطن والمواطن والسلم الإجتماعي ودون القيام بأية أعمال تؤدي إلى زعزعة استقرار الوطن وتعطيل مسيرة التقدم والتنمية.
هناك من انتخب الرئيس السابق محمد مرسي ومازال يؤيده ويناصره ويرفض الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وهو حر في اختياره ولن نتفق جميعا في أهواءنا وطباعنا وثقافتنا وكافة جوانب الحياة لكن هذا لا يفرض على طرف المؤيد أن يضطهد ويقصي الآخر ولا يفرض على المعارض أن يتطاول ويتلاسن ويتآمر ويخرب, إذا الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وكلنا مصريون نعيش ونموت على هذه الأرض ومن يخرج عن النظام والقانون فلا سبيل إلى تهاون أو عفو وهذا للمؤيد والمعارض على السواء والقضاء هو الذي يقرر حجم الخطأ ومقدار العقاب.

ولكن هل تؤيدون صدور عفو رئاسي عن الرئيس الاسبق محمد مرسي في حالة ادانته قضائيا ؟
وفي حالة إدانة الرئيس السابق محمد مرسي وصدور عفو رئاسي عنه فإن هذا قرار رئيس الجمهورية وسوف احترمه لكني اختلف معه لأن تهمة التجسس الموجهة له وتسريب معلومات ضارة بالأمن القومي لدول معادية خارجية والإتفاق مع جهات خارجية على تهريب المسجونين والعمل على التفريط في أراضي مصرية لعناصر خارجية وتهم أخرى كثيرة موجهة له وواقع مرير عايشناه سنة لم ترى مصر مثلها من فوضى وفساد وتخلف يحتم على الإنسان أن ينفذ القانون بحسم وفي النهاية (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) سوف تصعد الروح لبارئها وهناك الحساب يجب أن لا تشغلنا هذه المسائل الفرعية عن العمل بجدية من أجل مصرنا الحبيبة.
وعندما نقول أن تصريحات فخامة الرئيس أعطت إنطباعا بأن هناك إمكانية للمصالحة مع الجماعة فهذا واقع مأمول ومنشود لضمان استقرار الوطن لكن المصالحة مع الجماعة الإسلامية السابقة وليس مع الجماعة الإرهابية الحالية فمن كان من الإخوان المسلمين وما زال ولم تتلطخ يده بالدماء ولم يساهم من قريب أو بعيد في دعم الإرهاب والعمل على زعزعة استقرار الدولة فأهلا وسهلا به أخ في الله وابن من أبناء الوطن ولا نطلب منه تأييد الرئيس الحالي والتخلي عن رئيسه السابق بل نقول له حب من تشاء واكره من تشاء لكن مصر هى وطننا جميعا ولنحافظ عليه سويا برغم اختلاف الإنتماء لأن الأشخاص إلى زوال ولا ننتمي إلا لله ثم للوطن

- اشارت وكالة رويترز في احد تقاريرها الى ان عدم اتجاه النظام المصري الى مصالحة الاخوان سيدفع بآلاف الإسلاميين المحبطين إلى أحضان الأيدولوجية السامة لتنظيم داعش . ماهو تقييمكم لتلك الفرضية ؟
طبعا هذه الوكالة كانت في الماضي لها مصداقية كبيرة أما الآن فقد اتخذت منحى آخر وساهمت بشكل كبير في حروب الجيل الرابع والخامس السارية حاليا وتلميحها إلى أن عدم اتجاه النظام المصري لمصالحة الإخوان سيدفع بآلاف الإسلاميين المحبطين لأحضان الأيدولوجية السامة لداعش فإنه تلميح ماكر يحتم إنخراط الإرهاب في المجتمع النظيف المؤمن بالله والعروبة والأوطان.
أولا الخلط بين الإخوان والإسلاميين خطأ فادح لأننا نحن المسلمون ونترك الحكم لله لأنه سبحانه له الحاكمية فكيف نكفر مجتمعا مسلما ونختص أنفسنا بالحق والصلاح والتقى وغيرنا كافر وضال (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) كيف نقطع الرقاب ونروع الآمنين ونحرق وندمر ونهجر الشعوب من أوطانها بدعوى نشر الدين وإقامة دولة الخلافة ولا أحب الخوض في هذه الجوانب لأن جميعنا تحدث فيها ويعلمها جيدا, إن الحقيقة الواضحة للعيان الآن هى أن الإرهاب يتستر بعباءة الإسلام فلا مجال للخلط بين كل ما هو مسلم وما هو إرهابي لأنه لو كان مقياس القتل والإرهاب هو عدد القتلى لقلنا أن الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية كانتا إرهابا مسيحيا راح ضحيتهما أكثر من خمسين مليون نسمة من البشر في ارجاء المعمورة ولكن للحقيقة الدين براء من القتل وسفك الدماء (لكم دينكم ولى دين) والدين الإسلامي يدعونا إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يكون الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل وليس الكلام والجدال.

ماهي الثوابت الاساسية لامكانية عودة الاخوان للمشهد السياسي ؟
إذا هناك إخوان مسلمون وهؤلاء هم نسيج وطني يجب السعى نحوهم واحتواءهم وليس إرغامهم على انتماء لرئيس حالي ولهم كافة الحقوق والواجبات ولكن أهم واجب لهم الآن هو الحفاظ على الوطن والأرض والعرض والكرامة وعدم اتباع أي شئ يؤدي لضرر الوطن والموطن وإلا كان الحساب عسيرا في هذه الفترة الحرجة من عمر مصرنا الغالية ويجب أن يعوا جيدا أن الرئيس السابق والحالي والقادم كلهم راجعون إلى الله والباقي هو الوطن العزيز.
والحكومة الحالية واضحة في هذا الإتجاه وكل من يتقدم للصف الوطني خالصا النية لله تاركا كل ما من شأنه ضرر الوطن والمواطن فمرحبا به ونضع أيدينا معا ونتكاتف لبناء الوطن والوضع الآن في مصر لا يفرق بين مؤيد ومعارض ويعيش الجميع تحت سماء الوطن لكن الجرح غائر والنفوس ما زالت تعاني من سنة حكم الإخوان والأهوال التي عاشتها مصر وتحتاج لوقت لتضميد الجراح حتى تتكحل العيون برؤية سماء الوطن وتعشق القلوب رائحة تراب مصر وكلها مسألة وقت ومن منا كان يتخيل أننا سنقيم سلاما مع الصهاينة وستكون لهم سفارة في قلب القاهرة برغم العداء الأبدي لكنها الحياة بضرورياتها وتقلباتها وأمواجها العاتية, إن ألمانيا التي دمرت العالم ودمرها الحلفاء أصبحت الآن عضوا ركيزا في حلف الناتو, إن الإخوان المسلمين أصبحوا الآن على دراية كاملة بخطأ الدرب الذي كانوا يسيرون عليه ووضحت لهم الصورة تماما ومعظمهم الآن لا يوافق على قتل أبناء الوطن وحرق الممتلكات وترويع الآمنين بدعوى إقامة الخلافة الإسلامية وهم يرون الآن دولا مجاورة تحتاج لقرون من الزمن وأموال طائلة لإعادة بناء ما دمرته أطماع الإرهاب الذي ارتدى عباءة الدين

- بعد خمس سنوات كاملة على ثورة يناير واكثر من عامين على ثورة يونيو .. اين وصلت مصر وما هو تقييمكم للوضع الراهن ؟
منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير العام ألفين وأحد عشر وحتى الآن مرت مصر بفترات عصيبة يمكن أن نوجزها في الآتي:
الفترة من الخامس والعشرين من يناير وحتى يوليو 2012 أي قرابة العام والنصف تولى المجلس العسكري زمام الأمور ونجح في العبور بالبلاد لشاطئ الأمان وسط أمواج عاتية وأخطار جمة ومخططات شرسة لكن صمدت مصر وتحمل السيد المشير محمد حسين طنطاوي ما لا يحتمله بشر وتخطينا هذه الفترة بسلام.
فترة تولى الرئيس السابق محمد مرسي رئاسة الجمهورية والتي استمرت حتى الثالث من يوليو 2013 أي عام كامل شهدت محاولة سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على مفاصل الدولة وتدهور الأوضاع الإقتصادية والأمنية
والإجتماعية بشكل مخيف ينذر بدمار شامل ولكن الشعب ثار ثورته الثانية في الثلاثين من يونيو واستجاب الجيش لطلب الشعب وعزل الرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 وتولى الرئيس السابق المستشار عدلي منصور زمام الأمور بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا وفقا للقانون لحين إجراء إنتخابات رئاسية وترميم الأطلال التي بقيت من الدولة بعد عام الرئيس السابق مرسي الذي لم ولن تشهد له مصر مثيلا في الدمار مثلما
شهدته.
ناشد الشعب الرئيس عبد الفتاح السيسي بتولي زمام الأمور لكنه رفض رفضا قاطعا حيث كان قد صرح بأنه لا يطمح في أي منصب ولكنه رضخ لإرادة الشعب واكتسح الإنتخابات الرئاسية وتولى رئاسة مصر ويمكن القول بأنه في خلال فترة العام والنصف الماضية التي تولاها فإن مصر قد حققت ما وعدت به من تنفيذ خارطة الطريق واستحقاقاتها (الدستور- الإنتخابات الرئاسية- مجلس النواب "السلطة التشريعية في مصر") .
أما بالنسبة للوضع الراهن فإن الشعب يعيش الآن في أمان والحمد لله وهناك مؤسسات تحكم الدولة وجيش قوى وطني مخلص يحفظ الأرض والعرض والكرامة والناس آمنة على ممتلكاتها وأعراضها حريصين كل الحرص على عدم الإنزلاق للمستنقع الذي خاضت فيه بكل أسف بعض دولنا العربية الشقيقة وهذا ما
يجعلنا في مصر في حالة حزن لأنه ليس المهم أن يكون الإنسان سعيدا آمنا وأخيه في العروبة والإسلام يقتل وينهب ويسلب ويهاجر ويترك وطنه خرابا, الحكومة تعمل جاهدة على قدم وساق في مشاريع تنموية ستنقل مصر نقلة حضارية كبيرة بإذن الله وهناك الإصرار على تجاوز وتخطي الصعاب لأنه لا مفر من العبور من عنق الزجاجة لأن ذلك معناه عبور الأمة العربية كلها مع مصر وبمصر للأمام وحفظ الله مصر والأمة العربية والإسلامية

........................................

قائد المهمه المستحيله فى قلب صفوف العدو خلال حرب اكتوبر 1973

"رحلة إلى جهنم" ... قصة واقعية من عمليات الصاعقة المصرية خلف خطوط العدو في أكتوبر 1973 حازت جائزة الدولة التقديرية في مصر عام 1985م بقلم اللواء نبيل أبو النجا ....
تدور أحداث القصة حول عملية انتحارية حقيقية لها ملف في إدارة المخابرات الحربية المصرية باسم (المهمة المستحيلة-قافلة الجمال الإنتحارية) وتتكون هذه الدورية من خمسة أفراد, ثلاثة رجال نوبيين من الهجانة"حرس الحدود" ومندوب بدوي من المخابرات الحربية من قبائل الترابين بسيناء وضابط صاعقة برتبة نقيب وقافلة من الجمال المخصصة للإمداد بالمؤن والذخيرة قوامها 50 جمل.
لضمان نجاح عملية عبور الجيش الثالث الميداني لقناة السويس واقتحام خط بارليف في بداية العبور ظهر السبت السادس من أكتوبر في تمام الساعة الثانية ظهرا, كان لزاما على القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أن تمنع مدرعات ودبابات العدو وأسلحته الثقيلة الموجودة في عمق سيناء خلف المضايق من التدخل في المراحل الأولى للعبور خاصة أن الوحدات المصرية التي ستعبر في بداية العبور عبارة عن عناصر من الصاعقة والمشاه بالقوارب المطاطية والأسلحة الخفيفة فقط لأن الكباري التي ستعبر عليها الدبابات والأسلحة الثقيلة لشرق القناة في سيناء سوف يستغرق إنشاؤها من 6-8 ساعات منذ بدء العبور في الثانية ظهر السبت السادس من أكتوبر العاشر من رمضان.

ولكى ينجح العبور لا بد من منع جحافل دبابات العدو ومدرعاته الموجودة في عمق سيناء خلف المضايق من التدخل في المراحل الأولى للعبور بأي ثمن لإتاحة الفرصة للقوات الخفيفة التي عبرت لشرق القناة في سيناء من التمسك بأمتار قليلة في الشرق لحين بناء الكباري وتشييد الجسور التي ستعبر عليها المدرعات والدبابات والأسلحة الثقيلة
قررت القيادة المصرية دفع كتيبة صاعقة بالطائرات الهليوكبتر الساعة الرابعة عصرا لإنزالها خلف الخطوط لمسافة 70-80كم في عمق العدو لعمل كمائن لدبابات العدو التي ستتقدم عقب العبور لتدمير قوات المشاة التي عبرت القناةوليس معها إلا أسلحة خفيفة.
ولكن بمجرد قيام الطائرات الهيلوكبتر (20 طائرة) بالإقلاع من جبل عتاقة جنوب السويس هاجمتها الطائرات الإسرائيلية بشراسة وأوقعت بها خسائر فادحة .
نظرا لعدم وضوح الموقف قررت القيادة المصرية دفع النقيب نبيل أبو النجا بطائرتين هليوكبتر من فوق فندق العين السخنة بالقرب من جبل الجلالة الساعة السادسة والنصف في آخر ضوء للوصول إلى موقع الكمين على مسافة 80كم في العمق والإبلاغ عن الموقف وهل وصلت عناصر من الكتيبة لموقع الكمين المحدد أم لا, ولكن بمجرد إقلاع الطائرتين أسقطتهما طائرتي فانتوم وسقط الرجال في الخليج على مسافة 500مترا والتقطهم قارب من حرس السواحل.
قررت القيادة دفع النقيب نبيل أبو النجا بعشرة قوارب سريعة نفاثة من مرفأ صيد صغير شمال ميناء الأدبية جنوب السويس وكل قارب به عشرة مقاتلين ومؤن وذخيرة وألغام وذلك في تمام الساعة الرابعة والنصف فجر الأحد 7 أكتوبر وأثناء التجهيز قامت مجموعة لنشات صواريخ اسرائيلية بتدمير المنطقة بأكملها وتكبدنا خسائر فادحة وفشلت المحاولة الثالثة في تحقيق الإتصال.
أصرت القيادة العامة للقوات المسلحة على المضي قدما في المحاولات مهما كان الثمن لأن نجاح العبور بأكمله مرتبط بنجاح هذه المهمة فقررت دفع النقيب نبيل أبو النجا بعشرة مدرعات برمائية الساعة الثامنة صباح الأحد السابع من أكتوبر من منطقة الشط شمال السويس حيث لم تتمكن قواتنا حتى هذه اللحظة من إنشاء كوبري العبور الثقيل وكلما يوشك على الإنتهاء يتم تدميره حيث ركز العدو كل جهوده على هذه المنطقة لأن نجاح إنشاء الكوبري يعني نجاح تدفق دباباتنا ومدفعياتنا وصواريخنا للشرق في سيناء,
قررت قيادة وحدات الصاعقة قيام النقيب نبيل أبو النجا ومعه دورية انتحارية مكونة من ثلاثة رجال من الهجانة "حرس الحدود" وهم من رجال النوبة الأشداء ومندوب بدوي من المخابرات الحربية من قبائل الترابين بسيناء وقافلة جمال تحمل المؤن والذخيرة والعتاد بعبور قناة السويس من شمال السويس من منطقة الشط وأخذ تلقين من مكتب مخابرات السويس يتضمن كيفية الوصول للمضيق على مسافة 80 كم خلف الخطوط وعبور القناة بأية وسيلة متاحة يوم الإثنين الموافق 8أكتوبر ثم التقدم من خلال قواتنا ثم التقدم خلال قوات العدو حتى مضيق رأس سدر؟ّ!!! وتوصيل المؤن والذخيرة لقوات الصاعقة التي ربما تكون أحد عناصرها قد نجحت في الوصول للمضيق علما بأن تلك العناصر كانت تحمل تعيين قتال لمدة يوم واحد فقط.
من هنا بدات الرحلة إلى جهنم وهى المحاولة السادسة للإمداد وتحقيق الاتصال حيث كانت عملية خيالية بعد فشل الهليوكبتر مرتين والقوارب السريعة مرة والمركبات المدرعة مرة أخرى ثم الطيران الشراعي مرة خامسة وأخيرا كتب الله تعالى النجاح للدورية الانتحارية في عبور القناة والتقدم وسط القوات حتى الحد الأمامي في عيون موسى ثم التسلل داخل مواقع العدو لمسافة 80كم حتى المضيق إلى أن وصلت بالرجال الخمسة وأربعة جمال من خمسين جملا وصادفت أهوال ومصاعب لا يصدقها عقل ولا خيال وهى مذكورة بالتفصيل في كتاب رحلة إلى جهنم (دار أطلس للنشر- 25 وادي النيل – المهندسين).
وصلت القافلة الإنتحارية للمضيق وأمدت عناصر الصاعقة المحدودة التي نجحت في الوصول بالهليوكبتر للمضيق وعادت القافلة من طريق جبلي وعر للغاية وسقط أحد الرجال من إحدى القمم وكسر الحوض والقدمين وحمله الرجال الأربعة ولكن شاء القدر أن يتعرض آخر ليلا للدغة ثعبان سام وأصبح بين الحياة والموت وتورمت قدمه وساءت حالته فحمل الرجال الثلاثة الباقين الرجلين لمسافة تعدت المئة كيلومتر في مناطق جبلية شاقة لكن الله تعالى كتب للدورية النجاح وعادت سالمة لأرض الوطن بعد أداء المهمة وحصل الرجال على وسام النجمة العسكرية تقديرا لما أبدوه من شجاعة في مواجهة العدو في ميدان القتال.