سقطة مهرجان مسقط!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٠/فبراير/٢٠١٩ ٠٤:٥٥ ص
سقطة مهرجان مسقط!

علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تنظم فيه وزارة التجارة والصناعة مسألة استضافة المحاضرين للمشاركة في المؤتمرات والفعاليات التي تنظمها الشركات وتمنح تصاريح وتراخيص الاستضافة، وتمنع في ذات الوقت الفنادق وأصحاب القاعات من إقامة أي فعالية مالم تحصل الشركات على الموافقة المسبقة، وتتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في حالة مخالفة هذه الإشتراطات واجبة التطبيق على الجميع بدون إستثناء.
غير أن الجهات الحكومية للأسف ذاتها ونفسها لا تلتزم بهذا النظام، الأمر الذي يضع الدولة في إحراجات كبيرة هي في غنى عنها، و لعل دعوة مهرجان مسقط على سبيل المثال للمفكر‏ (فراس سواح)، والاعتذار بعد ذلك عن إقامة الأمسية نموذج، وربما أن اللجنة الثقافية بمهرجان مسقط لم تتبع الإجراءات المطلوبة، ولم تخطر الجهات المعنية والمختصة بذلك، فعدم التنسيق المسبق لاقامة الامسية واعطاء ملامح عنها و من سيقدمها كجانب اجرائي يحتم ان يسبق اي فعالية ولذلك جاء تبرير الاعتذار لاسباب اجرائية.
ان الإحتماء بحائط الإعتذار المخجل عن إقامة الفعالية سبب ربكة في الأوساط المحلية وأثار بلبلة بين مؤيد ومعارض، وإنطلقت التفاسير والتخمينات لاتلوي على شيء، وعجت وسائط التواصل بتاويلات ما أنزل الله بها من سلطان، في حين أن الأمر لايعدو عن حالة كونة خطأ إداري صرف نتج عن عدم أخذ الموافقة المسبقة لاغير.
ثم إننا لانعرف كيف تسنى للجنة الثقافية لمهرجان مسقط بحجمه ووزنه وصيته الذي تجاوز حدود الوطن كيف لها أن تتعاون مع شبكة لإقامة فعالية ثقافية بهذا المستوى، علما بأن الشبكات ليس لها أصلا غطاء قانوني في البلاد، في حين أن هناك جهات حكومية كالنادي الثقافي والمنتدى الأدبي وجمعية الكُتاب وغيرها من المرجعيات الثقافية والفكرية ذاث الثقل والوزن في السلطنة يمكن أن يعهد إليها بالأمر وهي وفي الأساس تملك الخبرات الكافية في هذا المجال.

إقرأ ايضاً : جنايات مسقط تسجن الرئيس التنفيذي للنفط العمانية 23 عاما وتغرمه 5 ملايين ريال في قضية غسيل أموال

ان مثل هذه الممارسات وبذات المستوى الذي تستفز فيه الشارع الثقافي فإنها تعكس ظلالا قاتمة من الضبابية حول المُستضاف، وعلى الرغم من أنها ضبابية وهمية غير أنها تنال من مناخ الحرية الفكرية المتاح بالبلاد، ولها أيضا انعكاسات سلبية على سمعة السلطنة في المحافل الأدبية والفكرية في العالم العربي، إن لم نقل في العالم بأسره، كما انها ستخلف تساؤلات لدى المثقفين والمفكرين بالخارج عن قدرة البلاد على استيعاب والترحيب بالفكر الآخر، إضافة إلى تشويه مناخ الحرية المتاح بالبلاد وانعكاس ذلك المشهد على مؤشرات تصنيف السلطنة في المنظمات الدولية ذات العلاقة.
بالطبع لا نرغب في أن ندخل في تباينات وتقاطعات حول المفكرين والآراء التي يحملونها ومواقف الشارع الثقافي منهم، فتلك قضية أخرى لا مجال لإستعراضها هنا، لكننا نركز على الجوانب التنظيمية وهي المسؤولة وحدها عن كل هذا اللغط والجدل البيزنطي الذي اعترى الشارع الثقافي طولا وعرضا.
نأمل من الجهات الحكومية أن تتبع الإجراءات القانونية بحزم ودقة فالقانون يعلو ولايعلى عليه، ففي ذلك بداية ونهاية حفاظ على صورة البلاد المشرقة في الأوساط الثقافية والأدبية والفكرية إقليميا ودوليا.