علي بن راشد المطاعني
مشاهد مؤذية للعين، جارحة لملكات الجمال في الفؤاد، تلطنا وتصدمنا بقسوة عندها يذهب إليها البصر غفلة فيرتد إلينا خائبا وهو حسير، تلك هي مكبات النفايات أمام المنازل وإذ هي ممتلئة حتى الثمالة بالفضلات والقاذورات، وتحرسها جيوش الذباب، وتتخندق بأطرافها أسراب الحشرات والقوارض والمؤذيات، مشاهد ومناظر غير لائقة نشاهدها في الحارات والأزقة، لتبقى الحقيقة ساطعة بضرورة الإلتفات لهذه المشاهد اللا حضارية، وذلك عبر تحديد أوقات وأيام بعينها لأخراج القمامة من المنازل، بعدها مباشرة تأتي السيارات المخصصة لنقلها، ثم فرض غرامات قاسية على من لايلتزم بهذا الإجراء، فالفرد مسؤول كليا عن ما لديه من أوساخ، يحافظ عليها بالطريقة التي يراها مناسبة داخل بيته، ولايخرجها بأي حال من الأحوال إلا قبل نصف ساعة فقط من وصول سيارات النقل، وأن خالف يتم تطبيق القانون عليه.
فالنظافة كما نعلم جميعا قيمة من قيم الإيمان، والدين الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه حضنا على النظافة سلوكا ونهجا يوميا، غير أن كل ذلك لم يردع البعض من إلقاء القمامة كيفما إتفق وبأي طريقة كانت.
لنبدأ في تطبيق التجربة المقترحة بمسقط، ثم تعمم على باقة المدن والقرى، مقترنة بالتطبيق الحاسم للعقوبات، هذا إذا ما نظرنا للتبعات الكارثية التي يسببها تناثر الأوساخ من أمراض وتلوث بيئي يصيب الإنسان وكل الكائنات الحية القريبة والبعيدة حيث القمامة والنفايات متناثرة وتحتفي بها الكلاب والقطط الضالة إن وجدت في الموقع. وبذلك فقط يمكننا المساهمة بإيجابية في الحد من هذا السلوك ومن تبعاته وعواقبه الوخيمة، فلا يمكننا لا بالمنطق ولا بالعقل أن نتصور أو أن نتخيل تعين أجهزة البلديات عامل نظافة لكل بيت ولكل مواطن أو مقيم ليهتم بقمامة كل منزل.
في الصيف الماضي كنت في زيارة لبريطانيا وفي الحي الذي أقمت به رأيت لوحة معلقة على أعمدة الإنارة محدد فيها وقت إخراج القمامة بنصف ساعة فقط قبل مرور السيارات وفي يومي الأحد والثلاثاء أسبوعيا، أما التي تحتاج إلى إعادة تدوير كالزجاج والورق والبلاستيك فمحدد لها يوم آخر في الأسبوع وبنصف ساعة أيضا، ومن يخالف هذه التعليمات تفرض عليه غرامة مقدارها 2500 جنيه إسترليني، وبما يعادل 1250 ريالا عُماني تقريبا، لذا تجد الأحياء السكنية لديهم نظيفة وجميلة، وذلك يتأتى عبر الإلتزام بالضوابط والوجل من الغرامات القاسية، فأين نحن من كل ذلك، ومتى نصل إلى هذه المستويات المتقدمة سلوكا وفهما.
بالطبع هناك جهود لتنظيم رمي الفضلات من جانب الجهات المعنية في بعض الأحياء في أوقات محددة في محافظة مسقط، لكنها تحتاج لتنظيم أكثر وصرامة في التطبيق وتوسيع لاكبر نطاق.
نأمل من الاجهزة المختصة أن تتحرك في هذا الإتجاه من خلال سن القوانين ونشر نصوص العقوبات التي ستفرض على المخالفين، فما يهمنا في المقام الأول جمال ورونق مدننا وقرانا إضافة لصحة كل من يعيش على ثرى هذه الأرض الطيبة.