سنوات القطيعة ... عقبة امام تطبيع العلاقات الامريكية الكوبية

الحدث الأربعاء ٢٣/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٥٠ م

هافانا – ش – وكالات

طالب الرئيس الكوبى راؤول كاسترو نظيره الأمريكى باراك أوباما بإعادة خليج جوانتانامو للسيادة الكوبية وإنهاء الحظر التجارى الأمريكى على كوبا، وذلك فى أول قمة تاريخية بين الرئيسين فى هافانا، واعتبرت صحيفة الموندو الإسبانية أن نجاح القمة الأمريكية الكوبية يتوقف على هذا الطلب، خاصة وأن كاسترو قال فى نهاية اللقاء إن هناك العديد من الاختلافات السياسية بين البلدين لا تزال قائمة.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من ذلك فالنقاش فى القمة التاريخية بين كاسترو وكوبا يشير إلى نجاحها، خاصة وأنه تم النقاش فى رفع الحصار الأمريكى، وانعدام الحريات فى كوبا، وعملية السلام فى كولومبيا، ومكافحة تهريب المخدرات، والأزمة الاقتصادية والسياسية، وهذا يعكس بدء العلاقات الثنائية الجديدة.
وقال أوباما: "مصير كوبا لن يتقرر من قبل الولايات المتحدة أو أى دولة آخرى، ولكن يتحدد مستقبل كوبا من قبل الكوبيين"، ويجب أن تأنى التغييرات من الداخل لتكون هذه الخطوة الأولى، و ذكر كاسترو فيما يتعلق بذوبان الجليد بين البلدين الذى بدأ فى 2014: رغم أنه غير كافى لكن متأكد أننا سننجح فى أن نعيش بسلام فى بيئة تعاونية، وأن الولايات المتحدة وكوبا بدأو تحسين العلاقات، ولكن الخلافات السياسية ستستمر فى حالة الحصار وعدم إعادة جوانتانمو لهافانا. و استطرد كاسترو: "هناك خلافات عميقة بين بلدينا لن تنتهى قط"، ورفض كاسترو الرد على أسئلة حول حقوق الإنسان فى كوبا وتحول إلى مهاجمة الولايات المتحدة لفشلها فى ضمان الرعاية الصحية الشاملة ومساواة الأجور للسيدات.
وقال كاسترو "من وجهة نظرنا فإن الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية غير قابلة للتجزئة ومرتبطة وعالمية، نحن نجد أنه من غير المتصور أن تكون هناك حكومة لا تحمى ولا تؤمن الحق فى الرعاية الصحية، والمساواة فى الأجور، وحقوق الأطفال، نحن نعارض ازدواجية المعايير السياسية فى نهج حقوق الانسان".

غضب
ورفض الزعيم الكوبى بغضب، الإجابة على تساؤلات صحفى أمريكى شكك فى سجل بلاده فى مجال حقوق الانسان وقال إن هذا الموضوع لا ينبغى أن يكون مسيسا
وعند سؤاله حول سبب استمرار احتجاز سجناء سياسيين فى كوبا رد كاسترو بغضب "من هم السجناء السياسيين؟ اعطنى قائمة بالسجناء السياسيين وسوف أطلق سراحهم فورا، إذا كان لدينا سجناء سياسيين فسوف أطلق سراحهم الليلة".
وأفرجت الحكومة الكوبية عن 53 سجينا سياسيا بعد وقت قصير من الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة فى ديسمبر الماضى، ولكن جماعات حقوق الانسان تقول إن العشرات مازالوا فى سجون البلاد. وحث الرئيس الأمريكى باراك أوباما كوبا على تحسين سجلها الديموقراطى والحقوقى، لكن كاسترو رد بانتقاد ما أسماه بـ"ازدواج المعايير" من جانب الولايات المتحدة، وقال أوباما إنه وكاسترو أجريا مناقشات "صريحة وودية" بشأن حقوق الإنسان وأوجه التعاون. والتقى الرئيس باراك أوباما الاثنين الرئيس الكوبى راوول كاسترو لإعطاء دفعة جديدة لعملية التقارب التى بدأت فى نهاية 2014 بين البلدين، فى اليوم الثانى من زيارة تاريخية لهافانا. وبمناسبة الزيارة وافق البيت الأبيض على تخفيف جديد للعقوبات، فقد أجازت الخزانة الأمريكية لشبكة "ستاروود" للفنادق فتح فندقين فى هافانا، في سابقة منذ الثورة الكوبية عام 1959.

تظاهرات
وكان قد تظاهر مئات الأشخاص من جمعيات حقوق الإنسان فى العاصمة الكوبية هافانا، رفضاً لزيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما الأولى لكوبا، بعد 50 عاماً من القطيعة مع الولايات المتحدة الأمريكية، و88 عاما من عدم استقبال كوبا لأى رئيس أمريكى.
وقال موقع صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، إن الشرطة الكوبية تعاملت بصرامة مع المتظاهرين، وأغلبهم من النساء، حيث تم الإمساك ببعضهم، كما أغلقت عدة شوارع لمنع التظاهر فيها، كما ارتدى المتظاهرون اللون الأبيض دليلا على السلام وعدم الرغبة فى إعادة العصور الدموية للبلاد. من جانبه، رفض الرئيس الكوبى راؤول كاسترو، استقبال نظيره الأمريكى رغم الأهمية العالمية للزيارة، وعبر "أوباما" عن رغبته فى اللقاء مع الشعب الكوبى وجها لوجه والاستماع منهم على حد تعبيره، فى تغريدة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى تويتر. وصاحب الرئيس الأمريكى فى الزيارة التاريخية، كلاً من زوجته "ميشيل" وابنتيه "مايا" و"ساشا" وحماته، وأصرت الأسرة الرئاسية الأمريكية على زيارة شوارع هافانا القديمة سيراً على الأقدام.

مفاجآت محرجة
اهتمت الصحف الأمريكية بالزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس باراك أوباما إلى كوبا، وقالت صحيفة نيويورك تايمز أن أوباما وطأت قدماه هافانا بتعهد أن يتواصل بشكل مباشر مع الشعب الكوبى وبسرعة التواصل بين الولايات المتحدة وكوبا بعد أكثر من نصف قرن من العداء.
ولفتت الصحيفة إلى أن أوباما أول رئيس يزور البلد الشيوعى أثناء مدته الرئاسية منذ حوالى تسع عقود، وقد انتظر الكوبيون من كافة القناعات السياسية وصوله بتشوق. لكن بعد ساعات من هبوط طائرة "إير فورس وان" فى مطار خوسيه مارتى الدولى، تكشفت التحديات الخاصة بتطبيع العلاقات مع دول شيوعية بوليسية، مع اعتقال العشرات من المحتجين الذين شاركوا فى مسيرة معارضة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاحتجاج، الذى يحدث فى أغلب أيام الأحد، ينظر إليه كاختبار لتسامح كوبا مع المعارضة أثناء الرحلة الرئاسية، وتؤكد الاعتقالات أن كوبا لا تزال تحافظ على تاريخها الطويل من الأساليب القمعية ما لم تكن توسع مداها. وبالنسبة لأوباما الذى من المقرر أن يلتقى غدا الثلاثاء بمعارضين منهم زعيم حركة "سيدات بالأبيض" التى تم اعتقال أعضاء منها، فإن تلك الاعتقالات تسلط الضوء على التحدى الذى تمثله الزيارة، وهو كيفية العمل مع حكومة كاسترو مع التعبير فى نفس الوقت عن المخاوف من تعاملها مع حقوق الإنسان وحرية التعبير. نقلت الصحيفة عن إلساندرو شانشيو، الذى يدير اللجنة الكوبية لحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية قوله تعقيبا على ذلك: "اعتقدنا أنه سيكون هناك هدنة، لكن لم تكن هناك أى هدنة". وأشار إلى الاعتقالات التى حدثت بينما كان أوباما يحلق فوق سماء البلاد.
وتابعت الصحيفة قائلة أن الأمن والسيطرة هى الدعائم الأساسية لأى دولة تستعد لاستقبال الرئيس. لكن كوباـ الدولة التى لا تزال تستكشف كيفية الانفتاح على العالم وشعبها بعد عقود من العزلة، ذهبت لأبعد من هذا من أجل منع المفاجآت المحرجة. فمباراة كرة البيسبول التى سيحضرها الرئيس أوباما بين الفريق الوطنى الكوبى وفريق تامبا باى رايز، سيكون الحضور فيها مقصورا على حاملى الدعوات فقط، وستذهب أغلب المقاعد للموالين لحكومة هافانا. كما أن بعض المحال القديمة فى هافانا الواقعة بالقرب من مكان تواجد أوباما طلب منها أن تظل مغلقة، وقامت الشرطة بحملة على الساقطات فى الملاهى الليلية والمتسوليين فى الشوارع. و رصدت الصحيفة ترحيب الكوبيين بأوباما فى هافانا أثناء زيارته للمدينة القديمة، وترددت هتافات "U.S.A" و"أوباما"، بينما كان الرئيس وعائلته يتجولون بالريف، على الرغم من الأمطار التى صاحبت زيارته التاريخية. وصاح أحد الكوبيين "مرحبا بك فى كوبا، نحن نحبك" من ناحية أخرى، قالت صحيفة "واشنطن بوست" أن تلك الزيارة التى اصطحب فيها أوباما زوجته ووالدتها وابنتيه، تأتى فى ظل توقعات كبيرة وقلق فى الجزيرة الكوبية داخل الحكومة الشيوعية والمعارضة السياسية، حيث تأمل الحكومة أن الزيارة التى استغرقت يومين ستسمح لها بجنى ثمارها دون أن تفقد السيطرة، بينما يأمل المعارضون أن يستغلونها لتسريع وتيرة التغيير.