متى نتتبّع معاملاتنا إلكترونيا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٣/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٠٨ م
متى نتتبّع معاملاتنا إلكترونيا

علي بن راشد المطاعني

في ظل المطالبات بتطوير الإجراءات في الجهات الحكومية، وإنهاء المعاملات الإدارية، وتسريع خطواتها، وتقييم الأداء، فمن الأهمية تحديد مسؤولية هذه المعاملات أين تقف في الوحدات الحكومية، والمسببات التي تحوّل إنجازها وإنهاءها في الوقت المحدد، هذا لا يتأتى إلا من خلال تطبيق نظام إلكتروني ‏ لتتبع المعاملات أين تقف في كل جهة حكومية، وكم من الوقت الذي تستغرقه المعاملة مع هذه الدائرة أو ذلك القسم، بل أيضا مع الموظف الذي يعد إحدى أدوات إنهاء المعاملة، غير أن التعاطي السلبي مع المعاملات من جانب الموظفين وحالة اللامسؤولية التي نشهدها في إجراءات التعامل مع المواطنين والمستثمرين و كل المراجعين، يتطلب التسريع في تطبيق أنظمة تضبط إيقاع وتيرة تخليص المعاملات بشكل أسرع ومحدد، من خلال نظام إلكتروني دقيق، خاصة في إطار توجهات تطبيق الحكومة الإلكترونية وإحلال المعاملات الرقمية، لما له من أهمية كبيرة في المرحلة القادمة.
فبلا شك إن الكثير تحدّث عن ربط الإجراءات الحكومية وصعوبة إنهائها والمماطلة في إنجازها، إذ أصبحت كالمرض المزمن للأسف توصم به الأجهزة الإدارية في الدولة لتصعيب التعاملات على المراجعين بدون مبررات تذكر أو تكون هناك طلبات شكلية كنقص بعض المستندات والأوراق، وهو ما يفرض على الحكومة مراجعة ما يُعيق العمل الإداري والإصغاء إلى ما يثار حول هذا الشأن، واعتباره معضلة تحدّ من التطور الذي تشهده الدولة في كل قطاعاتها، من خلال تطبيق آليات وخطوات تقلص هذه الإجراءات وتختزل هذه المراجعات إلى الحد الأدنى من الطلبات، وتطبيق أنظمة تسهم في تسريع المعاملات مثل الأنظمة الإلكترونية التي توضح لك أين وصلت المعاملات، وما الذي ينقصها، وكم تستغرق من الوقت لإنهائها، بدلا من الأوقات المفتوحة إلى ما لا نهاية التي تستغرقها بعض المعاملات وحالات التطنيش التي يستخدمها الموظفون في التعاطي مع معاملات الاستثمار بمئات الملايين من الريالات.
أحد المستثمرين قال لي أسّسنا شركة مساهمة مقفلة برأسمال 800 ألف ريال في إحدى الولايات للاستثمار في مجال الكسارات، تشارك فيها أهالي الولاية ‏كلّ حسب استطاعته، ويقول ان الموافقات المطلوبة لإتمام فتح شركة للكسارات تصل إلى 51 موافقة من مختلف الجهات، ويضيف بنبرة حزن: هل من المعقول أن نحتاج إلى كل هذه الموافقات لإنشاء كسارة، وأكد أنه أكمل عامه الأول ولم تنته هذه المعاملات ثم تأتي الجهة الأخيرة بعد كل هذا التّعب والشقاء وطلب الموافقات، لتعلن عدم موافقتها على تنفيذ هذا المشروع كأنه لم يكن، ويتساءل: هل نحن بحاجة إلى أن ندعو للاستثمار قبل إصلاح العمل الإداري وتقليص وتسريع الإجراءات إلى أقل مما هو عليه، ويرى أن لا نندفع نحو الاستثمار قبل أن نوجد حلولا للإجراءات والبيروقراطية التي نشهد تعقيداتها كل يوم، والتي تجعل الاستثمار يهرب للخارج.
إن نظام التتبع الإلكتروني أحد الحلول للقضاء على تعطل المعاملات وتأخرها في الدوائر الحكومية بل اختزالها سواء في الجهة الحكومية أو الجهات الأخرى عندما تربط هذه الأنظمة مع بعضها البعض في كل الجهات المعنية، بدلا من حالة الشد والجذب التي تعتري هذه الإجراءات والتعاملات بشكل لا يخدم العملية التنموية في البلاد، ويعطّل الاستثمار ويؤخّر إنجاز أعمال المواطنين والمقيمين.
هناك جهات حكومية لديها استعلام للمعاملات الإلكترونية واطلاع المراجعين من خلال خدمة الرسائل القصيرة على معاملاتهم وأين وصلت والنواقص إذا كانت، وبذلك تضع المراجع في الصورة حول ما يطلب منه من نواقص وإلى أين وصلت معاملته؟، وتجد ارتياحا من المستفيدين من بعض الخدمات البسيطة التي رأى البعض أنها تشكل نقلة في هذه الجهات، فتطوير مثل هذه الأنظمة الإلكترونية من شأنه أن يقلص الإجراءات ويسهل التعاملات في الأجهزة الحكومية ويكون الوضع أفضل مما هو عليه، فلماذا نتأخر في تطبيق مثل هذه الأنظمة؟
بالطبع تطبيق الأنظمة الإلكترونية على نطاق واسع يحتاج إلى جهود كبيرة، ولكن الوقت قد حان أن تعمل الجهات الحكومية على إحلال التعاملات الرقمية لما لها من مكاسب كبيرة على كل الأصعدة والمستويات، وأن هناك من الكوادر الشابة القادرة على التعاطي مع التقنيات الحديثة التي ينبغي إعطاؤها دورها وإتاحة الفرصة لها للعمل ..
نأمل التحرك في هذا الشأن بشكل متكامل من الأجهزة الإدارية بالدولة لإحلال أنظمة تسهم في تقليص الوقت والجهد لخدمة المواطنين والمستثمرين وتقييم العمل بواسطة الأنظمة الإلكترونية كأحد الحلول التي يمكن أن تظهر أين مكامن الخلل ومعالجتها.