سوء الفهم لمركز التشغيل!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٦/يناير/٢٠١٩ ٠٣:٥٤ ص
سوء الفهم لمركز التشغيل!

علي بن راشد المطاعني

أثار إعلان مجلس الوزراء إنشاء المركز الوطني للتشغيل الكثير من اللغط وسوء الفهم في الأوساط المحلية، وتم تأويل مقاصد الأهداف منه والجهات المنضوية تحت مظلته بدون إدراك لماهيته ولا للآمال المعقودة عليه، وهو ما يتعين إيضاحه للعامة عبر إبراز الحقيقة وتوضيح الحقوق والواجبات التي يجب على كل منا إدراكها عندما يتعاطى مع الشأن العام بموضوعية وبدون تشنج أو خروج على المألوف والمتعارف عليه، وما ينبغي الإقرار به هو أن كل الجهود التي تبذل تصب بالتأكيد في مصلحة المواطن في المقام الأول.

فالمركز الوطني للتشغيل يعكس جهودا حكومية عالية المستوى عبر مجلس الوزراء الذي يترأسه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- إذ وجه بإنشائه ليكون نواة للتشغيل في القطاعين العام والخاص، وهو الموجه لإمكانات الوطن البشرية لتصب في قطاعات الدولة المختلفة، فهذا الاهتمام لم يأت اعتباطا بل يبلور مساعي تُبذل على مدار الساعة لإيجاد الحلول العملية للباحثين عن عمل وإيلاء هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحقه كأحد الجوانب التي يجب أن تحظى بالمتابعة، فهذا المركز جاء بعد جهود كبيرة بُذلت ومحاولات متعددة تراوحت بين النجاح والإخفاق إلى أن تم الوصول إلى هذه الصيغة المثلى والمتمثلة الآن في المركز.
إن إنشاء المركز الوطني للتشغيل وبعد أن استطاع استيعاب كل الجهات المعنية بالباحثين عن عمل وحصر البيانات الخاصة بهم يعد مكسبا كبيرا إزاء بلورة الكثير من السياسات الهادفة إلى تفعيل المزايا والتسهيلات ورفع مستويات التدريب واستدامة التشغيل من خلال مظلة مسؤولة كليا عن هذا الجانب وتلك هي المرة الأولى التي يحظى فيها هذا الأمر باهتمام بهذا المستوى الرفيع.
الجانب الآخر هو حقيقة أن مراكز التشغيل هي فكرة عالمية موجودة في الكثير من دول العالم تسمى بـ(Job center) تعمل على توظيف الكوادر في تلك الدول، وهي بالطبع جاءت أيضا بعد محاولات كثيرة لمعالجة مشكلة الباحثين عن عمل، فالمركز الوطني للتشغيل سيكون النواة الرئيسية لتوظيف الكوادر الوطنية وليس لزيادة مؤسسات أو جهات أخرى إلى هيكل الحكومة.
الأمر الأكثر أهمية هو ضرورة النظر بعين ملؤها التفاؤل والإيجابية، والنأي في ذات الوقت عن المثبطات المفضية لليأس والقنوط والاستسلام والعمل بالتالي على تكريس قيم العمل وأخلاقياته والقبول بالفرص المتاحة على اختلاف مستوياتها.
بالطبع إنشاء المركز في حد ذاته لن يحل المشكلة بين ليلة وضحاها، وبالتالي يجب أن نكون أكثر واقعية في التعاطي مع هذا الملف فهو نقطة تلاقٍ بين عدة أطراف متعارضة في المصالح ومتضاربة في التوجهات والاختصاصات، وعندها أيضا يجب أن يعي كل طرف مسؤولياته وواجباته في هذا الجانب، فكل الأمور ستكون مراقبة ومتابعة بدقة للتأكد من أن كل طرف يؤدي مهماته كما ينبغي.
نأمل أن تكلل كل هذه الجهود الخيرة بالنجاح وأن يعمل المركز على وضع يده على موضع الألم في هذه القضية الحيوية والمصيرية، فمستقبل الوطن كله مرهون بنجاح المركز في أداء رسالته وحتى لا نجد في القريب العاجل بإذن الله باحثا واحد عن عمل، عندها يمكننا القول بأننا بالفعل نسير في الطريق الصحيح.