التعمين بين مطرقة المجتمع وسندان المصالح!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٧/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٣:٤١ ص
التعمين بين مطرقة المجتمع وسندان المصالح!

علي بن راشد المطاعني

الحديث عن إحلال الشباب في كل مجالات العمل في البلاد في القطاعين العام والخاص والمهن الحرة، يجب أن لا يكون حكايات تروى وتقال للتندر في الليالي المقمرة، وإنما هو منهاج عمل جاد وقانون ملزم للجميع ولا يقبل أنصاف الحلول وبقدر يمكن معه القول بحتمية معاقبة كل من لا يلتزم بهذا المنهاج، وهو بالتالي مسؤولية مشتركة بين كل الجهات التي يتحتم أن تعمل بتناسق لسد كل الثغرات والمنافذ التي يتسلل منها المتحايلون على النظم والتشريعات الخاصة بهذا الأمر الجلل.
الحقيقة المثلى تقول إن كل التشريعات والتوجيهات والقوانين التي صدرت في هذا الشأن باتت عديمة الجدوى بل هي لا تلقى أي اهتمام من قبلهم على اعتبار أن لديهم وسائلهم الناجعة والقادرة على الالتفاف عليها في ظل عدم وجود صرامة في تطبيق العقوبات على المخالفين.
يحدث ما يحدث في ظل وجود سوق متخم بالمواطنين الباحثين عن عمل، ومتخم في المقابل بالقوى العاملة الأجنبية في مفارقة مؤلم أن نراها ماثلة أمام أعيننا، وإذ نحن نرى شبابنا في مواجهة رياح الضياع.
ندرك تماما أن هناك تضارب مصالح واضحة معالمه للعيان في سوق العمل، وكل الخطط الرامية لاستتباب الأمر للتعمين تجد من يعمد للنيل منها تحقيقا لمآرب شتى في أنفسهم الأمارة، وهم بالتالي يبذلون كل طاقاتهم وجهدهم لإفشال وتدمير كل آمال شبابنا وإحباط كل جهد نبيل ليغدو الإحلال فرض عين مشروعا، وهناك الكثير من الأدلة والبراهين التي تثبت وجود هذه التباينات، ما يفرض معالجة هذا الجانب بشكل جذري بدون الالتفات لأي أصوات معارضة.
ومن ناحية أخرى فإن الأمر يحتاج وبنحو عاجل لشراكة فاعلة وواضحة وشفافة بين الحكومة وجهاتها المختلفة، قبل أن تكون تلك الشراكة مع القطاع الخاص لتنظيم سوق العمل بنحو دقيق ولدفع عجلة التعمين قدما للأمام وبلورة مفاهيم تعاون أكبر في تعزيز مفهوم ريادة الأعمال وتوفير التسهيلات اللازمة لإنجاح مشاريع الشباب.
فعلى سبيل المثال وفي إطار تمكين الشباب يمكن لبلدية مسقط أو البلديات الإقليمية أو بلدية ظفار أن توضح أنها لن تعتمد أي خرائط هندسية لأي شركة ما لم يرفق معها شهادة وكشف يوضحان تحقيق نسبة التعمين المطلوبة من التأمينات الاجتماعية والقوى العاملة في كل معاملة لهم، وكذلك بقية الجهات الأخرى يمكنها فعل الشيء نفسه كل في مجال اختصاصه لكي تتكامل الأدوار وتتقاسم المسؤوليات في النهوض بالتعمين من كل الجهات الحكومية.
من الجوانب الأخرى أيضا أحياء اللجان الإقطاعية التي كانت تدير عجلة التعمين في القطاعات الاقتصادية عبر وضع كل الأطراف أمام مسؤولياتها على الأقل في تحقيق نسب التعمين والالتزام بها، فهذه اللجان يجب أن يُعاد النظر في استئناف عملها من جديد بضوابط ومؤشرات دقيقة.
كذلك من الأهمية بمكان سن تشريعات واضحة تنص بجلاء على علو كعب الإحلال وعدم استقدام أي وافد في ظل وجود طالب عمل عُماني واحد، والعقوبة تنتظر من يخالف تلك التشريعات وبنحو فوري لتبقى العبرة كالشمس في كبد النهار واضحة، بالأمس اطلعت على نص تشريعي في قانون العمل الإماراتي حول هذه النقطة بالضبط، أين نحن من مثل هذه التشريعيات الملزمة.
نأمل أن نقترب من سوق العمل بسلاسة وأن نعيد رسمه وتخطيطه وهيكلته من من جديد على أسس علمية دقيقة وضوابط أدق، فمصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار بطبيعة الحال، لذا يجب أن نتفهم كل الدواعي التي تنادي بحق منطلقة في ذلك من المصلحة الوطنية لا غير.