البحرين: ريادة التكنولوجيا المالية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٨ ص
البحرين: ريادة التكنولوجيا المالية

أليشا بولر

تعد مملكة البحرين جزيرة صغيرة بحجمها كبيرة بخططها وطموحها في قطاع التكنولوجيا المالية.

ولطالما عُرفت هذه الدولة الخليجية بازدهار قطاع الخدمات المالية فيها، لكن مع بزوغ فجر العصر الرقمي، تأمل الحكومة البحرينية في الاستفادة من معرفتها الكبيرة في مجال الخدمات المصرفية لتأسيس منظومة مميزة وطموحة للتكنولوجيا المالية.

ويشهد قطاع التكنولوجيا المالية نموًا متسارعًا على الصعيد العالمي، فقد نجح في جذب 1,824 صفقة استثمارية بقيمة 14.2 بليون دولار أمريكي من استثمارات رأس المال المخاطر في العام 2017، وذلك بحسب تقرير منظومة التكنولوجيا المالية في البحرين لعام 2018. ويشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها إلى حوالي 250 شركة بحلول العام 2020.
وتضم البحرين حاليًا ما يقرب من 400 مؤسسة مالية محلية وإقليمية وعالمية. وبحسب الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، يقول سعادة خالد عمرو الرميحي، هناك «سعي وطني للبحث في أطر التعاون بين المصارف ومؤسسات التكنولوجيا المالية، بهدف تبني الحلول المبتكرة».
وفي إطار جهودها الرامية إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا المالية، قامت الحكومة البحرينية بتنفيذ عدد من المبادرات، حيث أطلق مصرف البحرين المركزي في العام الماضي وحدة متخصصة للتكنولوجيا المالية والابتكار، تضم البيئة الرقابية التجريبية الوحيدة في المنطقة، والتي توفر بيئة تجريبية للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.
كذلك أسست الحكومة مركز «خليج البحرين للتكنولوجيا المالية» في شهر فبراير من العام الحالي، وهو مركز شامل ومتكامل للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وتم تأسيسه كشراكة بين القطاعين العام والخاص بين مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين وتحالف من شركات التكنولوجيا المالية في سنغافورة، ويوفر مساحات عمل مشتركة لشركات التكنولوجيا المالية المحلية، كما يدعمها من خلال مبادرات حضانة الأعمال والمبادرات المؤسسية الأخرى.
وأشار الرئيس التنفيذي لمركز خليج البحرين للتكنولوجيا المالية خالد سعد، في حديث له مع «حوار الشرق الأوسط»، إلى أن فكرة تأسيس مركز متخصص في التكنولوجيا المالية جاءت ضمن الرؤية الرقمية الأشمل لاقتصاد المملكة. ويضم المركز حوالي 30 شركة وأكثر من 50 شريكًا مؤسسيًا.
ويضيف خالد سعد: «نحاول فهم احتياجات الشركات المالية فيما يتعلق بالابتكار والرقمنة، كما نبحث في كيفية إفادة هذه الشركات لمنظومة التكنولوجيا المالية. وتتطلب المرحلة القادمة لنمو التكنولوجيا المالية تعاونًا أكثر من المنافسة، فالمصارف المحلية تحتاج إلى شركات التكنولوجيا المالية الناشئة والعكس صحيح».
وإلى جانب إدارة مركز «خليج البحرين للتكنولوجيا المالية»، يتولى خالد سعد مهمة تطوير برنامج جديد للكفاءات البحرينية في مجال التكنولوجيا المالية، مع الإشراف على عدد من الفعاليات والأبحاث في هذا المجال. ويضيف الرئيس التنفيذي لمركز «خليج البحرين للتكنولوجيا المالية» أنه يرتب اللقاءات بين المؤسسات والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، بما يعزز فرص التمويل والشراكة فيما بينها، «فبهذه الطريقة، سيحصل أعضاؤنا، سواء كانوا محليين أو عالميين، على أكثر من مجرد عقارات. فإذا كان لديهم نموذج أعمال تمت تجربته واختباره، سنتمكن من مساعدتهم في التوسع والتطور».
ويبيّن خالد سعد أن سياسة التكنولوجيا المالية الطموحة لدى البحرين تهدف إلى توفير منصة للمنطقة بأسرها لدعم وتطوير هذه المنظومة. ويقول: «نريد أن نعمل كمحفّز للتغيير في منظومة التكنولوجيا المالية على الصعيدين المحلي والإقليمي، فهذا من شأنه تعزيز مكانة البحرين كدولة طموحة ذات نظرة مستقبلية بعيدة، مع التزامها بالحياد، الذي يعتبر أمرًا ضروريًا».
كما أشار خالد سعد إلى أن البحرين تعمل حاليًا على تطوير لوائحها التنظيمية لسد «الفجوات الكبيرة» في المنظومة وتبحث عن سبل لتنمية الكفاءات في مجال التكنولوجيا المالية بما يلبي احتياجات هذا القطاع المتنامي.
وأضاف الرئيس التنفيذي قائلاً: «نظرًا للتغيرات السريعة التي يشهدها العالم، أرغب في وضع البحرين على الخريطة كوجهة مفضلة لرواد الأعمال والمبتكرين، كما أريدها أن تلعب دورًا محوريًا في زيادة رقمنة الاقتصاد، فهذه هي الشرارة التي نحتاج إليها لتعيين الكفاءات المحلية في وظائف الجيل القادم، والمساهمة في الوقت نفسه في دعم منظومة التمويل اللازمة لهذه المنطقة من العالم».
ويشكّل قطاع الخدمات المالية حاليًا ما نسبته 17% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ويسعى الرئيس التنفيذي للمركز إلى الاستفادة من نقاط القوة التي تتمتع بها البحرين في المستقبل.
ويقول سعد: «يشهد قطاع الخدمات المصرفية العديد من التغيرات التي تلعب التكنولوجيا المالية دورًا كبيرًا فيها. ولا يزال التحدي قائمًا، فقد أصبحنا اليوم في حقبة غير مسبوقة، حيث تتقبل الشركات المالية الآن فكرة التعاون مع الشركات الجديدة في القطاع، وإلا فإنها لن تتمكن من مواكبة التطورات. ولهذا، نسعى إلى دعم المملكة لتصبح معتمدة بشكل أكبر على الحلول الرقمية، ونعمل يدًا بيد لدعم مبادرات تحوّل الشركات».

متخصصة في موضوعات الأعمال والتكنولوجيا